الموضوع: خارطة الطريق!
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 22-05-2010, 21:35   #16
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : خارطة الطريق!


.


غثاء السيل

حسنًا يا غزّة الإسلام. ما هي الطريقة المناسبة لأقول إنّي موجوعٌ وحزينٌ وجبان في وقتٍ واحد؟! كيف لي أن أقول: ألفنا الشجب والاستنكار والتنديد، حتى لكأنها باتت مهنةً وحرفة! حسنًا يا غزّة الإسلام. أستطيع أن أقول مثل قول الآخرين: يجب وقف إطلاق النار فورًا، وعلى إسرائيل أن تحترم معاهدات السلام الدولية! أستطيع أن أقول: إسرائيل بهذا الهجوم الوحشيّ، تمارس إبادة جديدة ومجزرة تتبع صبرا وشاتيلا. أستطيع القنوت والدعاء بخشوعٍ وإنابة علّ الله ينصر المستضعفين الذي أصبحوا بين حصارٍ وقصفٍ وتدمير. أستطيع البكاء بوجلٍ وخوف، والاعتصام والتظاهر، وفعل ردةٍ فعلٍ لا تتجاوز القول وما ذكر أعلاه. فهل انتصرت؟! عدد القتلى -وأنا أكتب الحزن الآن- ثلاث مئة قتيلٍ وألف وست مئة جريح. أي أنّه مع كل تفاعلٍ صوتيّ (يستهجن - يستنكر - يدين - يدعو - يناشد - يبتهل، ...الخ) هناك قتيلٌ أو جريح أو مشرّد، وبشكلٍ متوالٍ بشريّ! ولا حول ولا قوّة إلا بالله. حسنًا يا غزّة الإسلام. وكلّ جوارحنا تبكي ألمًا، وتعتصر وجعًا، وتموت بطريقةٍ مشلولة بائسة، أمام ترديد قولٍ مكرور وبارد جدًا، ليس له من الأمر شيئًا. إن الهوان الذي استسلمنا له وبات يقاسمنا ملذات الحياة ورغائبها، حبّبنا في الجبن والانكماش واعتياد الطرق السلمية لوقف العدوان الصهيونيّ أو محاولة تهدئته بقرارات دبلوماسية. فكلّ الخطب والأشعار والمسيرات والتنديدات، هي صيحة مدوّية وكبيرة لكنها في وادٍ فسيح، حيث لا أثر مسموع! حسنًا يا غزّة الإسلام. ليحفظ التاريخ هذه المجزرة مع بقية المجازر الأخرى، ولتشهد الأيام أن أكثر من مليار مسلم، ما زال يكتب ويستنكر ويجتمع، في حين أن العُصيبة (تصغير عصابة) تناقش الحلول عمليًا، وبشكلٍ تطبيقيّ صارم! وصدق رسولنا صلوات ربي وسلامه عليه إذ قال: يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. قيل: يا رسول الله فمن قلة يومئذ؟ قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن في قلوبكم و ينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا و كراهيتكم الموت.

.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس