مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 19-06-2009, 22:36   #11
يعرُب
 

رد : بعض الحكايات لا تنتهي ..!


12
ليلة جديدة أقضيها في الضواحي ، ولاشيء جديد ، الأيام متشابهة ، وإن حدث في بعضها مثل ما حصل معي اليوم إلا أن الغالبية تبقى على نفس النمط ، التكرار يقتلني في كثير من الأحيان ، لاشيء مغري في هذا البلد يجعلك تغادر منزلك لتمضية جزء من ليلك فيه ، منذ أن تتلبس الأماكن الظلمة يبدأ الخوف ينتشر في المدينة وضواحيها .

في تلك الليلة زارني صديق يعمل معي في تزويد السفن بالمؤن ، يشتكي من زميلته التي بدأ ينجذب لها ، كانت تعمل في شركة للتنظيف ، أنها سرقت محتويات شقته ، طلب مني أن أساعده في العثور عليها ، أقنعته أن الأمر انتهى عند هذا الحد ولا أمل في عودة الأشياء التي سرقت منه ، لعله درس يتعلمه أن لا يثق بأحد في هذا المكان ، يعتقد أنه في أوروبا ، صديقتك لديها مفتاح لشقتك والعكس هو الحاصل ، لكننا في بلد الكل يترقب فرصة أن ينقض عليك ، في كثير من الأحيان تعذر أفعالهم تلك ، إنه الموت يحيط بهم من كل مكان ، ويتحين فرصة الانقضاض على كل واحد يسقط .

ليس للفرح مساحات كبيرة في هذه المدينة ، إلا أن الحزن يتمدد حتى أطرافها ، أغلب الأشياء تنتهي بمأساة ، ولا تتوقف المآسي عند حد ، تذهلك أحيانا بكبرها وتصعقك حينما تراها تتراكم على بعض الأسر .
ينقضي الليل ، وتصحو المدينة على عذاباتها ، حتى وإن أخفت الظلمة الكثير من قاذوراتها فالصبح بنوره يكشف ما حاولت أن تخفيه لتزيّن وجه المدينة لزائر ليل ، تبدأ شركات النظافة بتتبع آثار ما خلفته المدينة في المساء ، جهودها المتواضعة ، لا تستطيع أن تواجه شرّ الفقر وطغيانه .

التسكع في المدينة حياة ، هذا ما أفعله أيام الإجازة ، وهي تقريبا ثلاثة أيام في كل أسبوع ، أحب أن أخذها متواصلة ، أجد فيها فرصة للخروج إلى البلدات القريبة من العاصمة ، أعود فيها بعض العرب المستوطنين .

هذه المرة قررت أن أبقى في البناية قد أحصل على فرصة لمرافقة الإيطالية في نزهة ، أو جلسة على رصيف البحر نراقب الغروب ، لكني لم أسمع لهم حس في هذا اليوم ، ربما إثارة جلبة في العمارة قد تجعلهم يخرجون من جحرهم ، قررت عمل مشكلة مع الحارس ، حول سرقة في شقتي حدثت أثناء تنظيفها ، إلا أن تلك المحاولة لم تكن كافية لخروجهم ، لعلهم لا يهتمون بما يحدث في الخارج ، هو أمر لا يعنيهم ، بخلافنا فإن كل ضجيج نبحث عن مصدره .

فشلت وقررت أن أخرج إلي السوق الكبير في وسط العاصمة ، أجلب منه بعض الحاجيات ، وفيه قابلت فتاة عربية اسمها سميّة ، يتأبطها إفريقي شديد السّمرة ، سألتها عن وضعها معه ، تقول إنه وعدها بالزواج ، فهمت أنها منحته براءتها ، لعله دين تسدده سميّة وغيرها من العربيات عنّا ، وأقصد بعنّا أي شباب العرب ، الذي يمارسون نفس الكذب على الإفريقيات لقطف البراءة ، ثم الانتقال نحو زهرة أخرى .

لكن نظرات سميّة تقول الكثير وهي تحدثني ، وكأنها تقول حينما لم نجدكم استسلمنا لمثل هذا الزنجي ، لا أهتم للون بشرته فانا أجد أنه يمنحني ما أفتقده .


يعرُب غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس