مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 19-06-2009, 22:23   #6
يعرُب
 

رد : بعض الحكايات لا تنتهي ..!


7
في ذلك المساء عدت إلي الضاحية ، وفي الغالب لا أعود لها إذا دخل علينا الظلام فالوضع ليس بالآمن ، قد تجد من ينهب حتى ملابسك ، كل شيء معرض للسرقة في ذلك البلد ، لا شيء يعيق رغبتهم وحاجتهم في نفس الوقت .


هي مغامرة أن أعود في المساء لكني فعلت ، لم أجد ما يقلني مباشرة إلي المنزل ، فاختصرت الطريق ، عن طريق التسلل بين المنازل ، وحتى أكون على مقربة من الأهالي ، كنت أسترق النظر لبعض البيوت ، وأهله يجتمعون على مائدة العشاء ، حتما هي تتكون من صنف واحد ، أكثر ما شدني ، هو منظر تلك الفتاة التي تقضي الليل مع رفيقها أو زوجها ، في الساحة المقابلة لمنزلهم ، على ضوء بسيط ، يتبادلون الحديث ، إلا أن عيونها تتحدث وهي تستمع لحديثه ، كان فارسها وحلمها الذي تنشده منذ صباها ، حياتها القادمة تتكون في صورة ذلك الشاب ، أرهقني تعلق تلك الفتاة بذلك الرجل ، وكأن الدنيا بين قبضتها ، علامات الرضا والقناعة بذلك البيت من الصفيح ظاهرة عليها ، هو قصرها الذي تحلم فيه ، وتلك الساحة هي حديقتها التي تقضي فيها بقية اليوم .

منظرهم جعلني أقتات البؤس في لحظة ضعف تسيطر عليها الوحدة ، كانت كابوس يجتاحني في تلك اللحظات ، شعرت بالفراغ الذي يحيط بي ، فبحثت عن باب الخلاص ، غير أني انتقل من باب الفراغ إلى فراغ آخر ، الأبواب كثيرة والفراغات أيضا كثيرة ، في كل فراغ تجد أنك محاط بفراغ ، سرت في الظلمة ولم أشعر بالأشياء من حولي ، اختصرت حياتي في المسافة التي أقطعها بين منزل ذلك الشاب والبناية التي أسكن بها ، ليت أن المسافة تطول ، حتى أجد الحل للحياة التي أعيشها ، هي لا تحمل أي معنى ، ولا تستقر على قاعدة ، منها أنطلق نحو عالم الشراكة الحقيقية ، يبدو أن خوفي منها جعلني أتخذ من نفسي شريكاً لي ، فوجدتها في أغلب الوقت ، ترحل بي نحو عالمها الذي تعشق وحياتها التي تريد ، لا شيء في الكون أجمل ، من أن تنظر لك فتاة ، وتعتقد أنك الحلم الذي كانت ترجو ، وأنك الأمان الذي ترتمي بداخله من قسوة الحياة وعذاباتها .

فكرت مرارا وأنا بداخل فراغي لماذا أعيش ولمن أعيش ؟
دائما الجواب يكون بقدر قناعاتي بالأشياء ، فهناك من يعيش من أجل امرأة ، وآخر يعيش من أجل المادة ، والبعض يعيش من أجل نفسه ، كثيرة هي خيارات العيش ، الحياة ملل ، بهكذا نتيجة خرجت ، وكأني أهرب من تفاكيري بهذه الخلاصة البائسة ، ليس مهما ما وصلت له . لكني أرغب الآن في الاستماع إلى أغنية ، تنقلني إلي أصوات الصبية في الحارة ، بعيداً عن هذه الضاحية ، فقررت الرحيل مع .. فخذي شراعي يا رياح .. وتوكلنا على الله



يعرُب غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس