مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 19-06-2009, 22:13   #3
يعرُب
 

رد : بعض الحكايات لا تنتهي ..!




3
حينما عرفنّي بنفسه باسم بيدرو من ايطاليا وزوجته الشابة " جمايكا " غير أنها لم تكن جاميكية ، بل كانت من الريف الايطالي ، عرفني بها وكأنه ينتقص من قدرها أو أن في حديثه نوع من المنة عليها إذ يشعر انه أنقذها من جحيم تلك المنطقة التي كانت الأنثى تشقى فيها أكثر من الرجل وأنها في نظر الرجل هناك لا تتجاوز غرض يتم استخدامه للعمل والمتعة .

كانت تبتسم وهي لا تعرف عن ماذا كان يحدثني لأنها لا تجيد اللغة العربية ، غير أني شعرت أن المرارة في تلك الابتسامة موجود ، وبين طياتها تحاول أن تخبرني أن هذا وغد اتخذ منها مطية يعاشرها ثم يبصق عليها بعد أن ينتهي منها ، وكأنه ثور اسباني خارت قواها من اثر طعنات السيوف .

أرشدته نحو مكتب وكيل العمارة ، وبقيت مع نفسي التي سرحت تفكر في لحظة الوضوح من جديد وأحاول أن استخرج من ذلك الحدث ما يشير لها إلا أني فشلت في الربط بينهما ، لا شيء يوحي باكتمالها في تلك اللحظة أو حصولي عليها ، لا توجد تفسيرات واضحة لوجود تلك الايطالية في حياتي ، لم أتلفت لها كثيرا ربما أن الحزن عليها وهي مع ذلك العلج ، هو أكثر ما كان يدور في ذهني ، كنت استفسر كيف تسلم فتاة نفسها لرجل مثل ذلك وأي متعة تجدها بين أحضانه ، تخيلت أنفاسه الكريه وهو يمارس معها الحب ، وجسده المجعد في كل المناطق ، كيف يستطيع أن يمنحها وتمنحه ، الحياة مليئة بالكثير من المفاجآت ، مرارة الجوع ربما تكون اشد من مرارة أن يلعق رجل جسدها ويبقي عليه الكثير من لعابه الذي يحمل رائحة الموت .

ماذا اعرف عن الموت ؟
لا اعرف شيء عن رائحته فكيف لي أن اعرف عنها ، لن أخوض في اختيارات الآخرين ، لأني في غير وضعهم ولا اعلم عن البيئات المختلفة عن البيئة التي تربيت فيها ، فكل حياة مختلفة عن الأخرى غير أنها تجتمع في نهاية واحدة وهي الموت ، الذي يطويها جميعا ، ثم يعيدها من جديد بشكل آخر مغاير عما كانت عليها وفي مكان أيضا آخر ، ربما من سوء حضها أنها تعيش مرارة الحياة مرتين والبعض يعيش تلك المرارة مرات عديدة في حيواة مختلفة وفي بيئات أيضا مختلفة .

4
ما اشد قسوة الليالي في تلك الضاحية البعيدة عن مركز المدينة ، فيها تشعر وكأن كآبة العالم كلها اجتمعت لديك في داخل شقة صغيرة ، تقضي معك سهرة مملة حتى الفجر ، تشاركك في كل شي حتى حينما تتناول طعامك ، تجدها قد امتزجت في شرابك ، وغلفت جميع اللقم التي تبتلعها .

تنظر من النافذة لترى كل شيء اسود وبعض الأنوار الخافتة تنبعث من المنازل الصغيرة المنتشرة بكثرة على شكل عشش وصنادق صغيرة ، هي إضاءة لا تصدرها الأنوار الكهربائية ، بدون شك هي من مصابيح على الغاز . وحينما تتأمل الشارع العام الذي تقع فيه البناية تشاهد أعمدة الإضاءة أغلبها لا يعمل ، ربما هو من باب التوفير في الطاقة وأن لا حاجة لها في ذلك الوقت المتأخر من الليل .

تتساءل أحيانا هل نحن في هذه البقعة جزء من العالم أم أننا في مكان لا يوجد على خارطة الكون ؟، قطعا هي جزء من الكون وأن هناك أماكن كثيرة تحمل نفس المعالم والسمات وربما هي أشد نكاية من هذا المكان الذي نقطنه والذي تتغير معالمه كل صباح حتى الغروب .

حينما زارني صديقي ترك جملة واحد بعد أن أمضى ليلة بعدها عاد إلي دياره ، أنتم هنا تقتلون المتعة ، حتى الملعقة التي آكل بها طعامي ألبستها " الكوندم " .



يعرُب غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس