مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 17-02-2009, 21:40   #2
(اوطــااانــ)
عضو متميز
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ (اوطــااانــ)
 

12 زيد الحرب و فهد بورسلي


***


ها نحن الآن أمام شعر الشاعرين اللذين تحدثنا عنهما في بداية المقال، فما ذا نرى فيه؟


والإجابة على ذلك هي: نرى شعراً قويا متميزا ولكن ميزان القوة مختلف بين الرجلين فالشاعر فهد بورسلي يميل إلى الكلمات الدارجة أكثر من صاحبه، ويتناول حديثا متنوعا بين الشعر الرصين، والغنائي، والفكاهة، ولكنه في جميعها متمكن قوي الإبانة عن نفسه. ،وأما الشاعر زيد الحرب فهو مختلف حتى على المستوى الشخصي عن الآخر فهو يعيش عيشة هادئة لا تعصف بها أحداث شخصية تؤثر على وتيرة حياته ولذا فقد جاء شعره هادئا معبراً وإن كان قد تطرق إلى كثير مما كتبه فهد. وسوف نتتبع بعض الأغراض التي وردت في شعرهما فيما يلي:


-1 كان الشاعران يعتبان على وطنهما لكثير من الأمور، ورددا ذلك في قصائد أضحت مشهورة مثل قصيدة فهد بورسلي التي يقول فيها :


الدار جارت ماعليها شافه
..... والحر فيها شايف ما عافه

بالك تكاثر صدها وان صدت
..... عاداتها عقب القبول انكافه

دار لغير عْيالها مشكورة
..... وإلا أبنها تلعنْ أبو أسلافه

دار يعيش ابْها الغريب منعم
..... وتْعيش فيها أم أحمد العجافة




والقصيدة تدل على مدى السخط الذي كان يسيطر على نفس الشاعر، ومدى معاناته اليومية في زمنه.

أما زيد الحرب فهو مختلف في طرحه،فإننا نراه يعتب على وطنه في الوقت الذي يبدي فيه محبته له، وتعلقه به :


الكويت أمي وعنِّي الباب مغلوقْ
..... يا من يقول الأم تطرد ضناها

بْلادي تْسد الدرب دوني بْطابوق
..... وزوْد على الطابوق تردم حصاها

قزَّر شبابي بْحر دوم ما سوق
..... وْسخَّرت نفسي دايم في هواها

وبين الرجا والياس ظليت مشبوق
..... وكم وقعة منها شربنا غثاها

وْيوم استوت كالورد في حق مطبوق
..... واقبل ثمرها أقبلت في جفاها

اتقلط غريب الدار والغوش مفهوق
..... تحضنت لَجْناب وحْنا وراها




-2 اشتركا في الشكوى من زمانهما. فهذا هو فهد بورسلي يشكو دهره قائلاً :


الدار قامت تْصفّعني روابعها
..... مادامها مجفية لي وين أتابعها

عيناك من يطرد المجفي فهو نادم
..... مثل الذي خاطف عينه بأصابعها

دنياي بين السما والأرض تومي بي
..... والدهر خيله على أرخى مصارعها




ويتحسر في قصيدة اخرى على زمن مضى كان فيه من الرجال من يعتمد عليه، ويلبي النداء :


أعاتب زماني ولا من زمان
..... ألا يا زمان اشحدا مابدا

تفرَّج رجال الوفا واللزوم
..... وتجمع ورجال العشا والغدا



وما في ديوان هذا الشاعر من قصائد الشكوى كثير، وذلك لما مر به من أحداث مؤلمة جرها عليه أن المحيطين به لم يكونوا يدركون حساسية الشاعر عنده، ولا رغبته في الانطلاق من كثير من القيود التي كان التحرر منها في ذلك الوقت منكراً كبيراً.



واشتكى زيد الحرب في شعره وبخاصة بعد أن تدهور سوق اللؤلؤ، وتهافتت مهنة الغوص، فلم يعد له مجال يرتزق منه في تلك الفترة إلى أن هيأ الله له ذلك فيما بعد، وشكوى زيد الحرب ناتجة عن تدهور أسباب المعيشة ليس بالنسبة له فحسب بل لكل من كان يعمل في المهنة ذاتها فهو عندما تحدث عن ذلك كان يشرك معه زملاءه أبناء مهنة الغوص، ويشرح أحوالهم، ويدعو إلى إنصافهم، وذلك في قصيدته التي مطلعها :



عسر الدهر كابح ازنودي بكمبار
..... والوي على العرقوب زنجيل الأفكار

وظليت انا من دار لي دار محتار
..... تايهْ بغبّات الفكر والهواجيس




وقد استمر في نظمه للشعر الجيد يأخذ في أغراضه بحسب ما تقتضيه الحياة إلى أن قرر التوقف قائلاً :



بن حرب شاب وتاب عن بدع الأمثال
..... قلبه ضعيف والقوافي صعيبهْ

إمْنَ أولٍ من قوة الحيل والحال
..... سيم الحديد إلى عتا ما يجيبهْ

واليوم من ضيم الليالي والأهوال
..... لي شد في عنْقه تقوده السبيه




كانت شكاوى زيد الحرب مثل أسلوب حياته إذ كان مختلفاً في ذلك عن زميله فهد بورسلي، وقد قال الكثير من الأشعار ولكنه لم يكن معبراً عن ثورة في نفسه، ولقد عاش في القسم الأخير من حياته معززا بين الناس يحبونه ويقدرون فنه، ويتمنون سماع ما يُلقيه عليهم من انتاجه، وكان سعيداً - أكثر - بأولئك الشباب من شعراء المستقبل الذين التفوا حوله لكي يكتسبوا من خبرته ويستمعوا إلى نصائحه، وكل هذا جلب له راحة البال والسعادة التي كان يبحث عنها في النصف الأول من حياته.



-3 يكاد فهد بورسلي أن يكون شاعر الغزل، وذلك لأن الكثير من قصائده كانت غزلية، وكان الكثير منها يُغنى ومنه ما يذاع إلى يومنا هذا حتى بالأصوات الشابة التي لم تدرك الشاعر إبّان حياته. وشعره الغزلي يدور حول ثلاثة محاور منها الشعر الجاد الذي يصوغه في قصائد طوال، ومنها شعر الغناء الذي يكتبه على عجل لكي تغنيه هذه الفرقة أو تلك، ومنها ما يقوله على عجل في لحظة ارتجالية تطلبها الموقف الذي كان فيه، وذلك وفق ما أشار إليه الأستاذ أحمد البشر الرومي حين قال إنه يكاد يرتجل شعره.


فمن قصائده الغزلية الطويلة قوله :



حلّ الفراق وخافي السد باحي
..... حاولت باصبر والصبر يتلف الروح

حالي تردَّي ومْتكسر جناحي
..... حزين من كثر الهواجيس والنوح




وأما الغزلية الخفيفة المغناة فمثل قوله :



خاطري طاب من ذاك الفريج
..... صَدَّ قلبي وانا تابع هواه

كلّ يوم وانا اْدق الطريح
..... ما احدَّ قال لي واعزتاه




وقوله :


سلموا لي على اللي
..... سم حالي افراقه

حسبي الله على اللي
..... حال بيني وبينه

قايد الريم تاخذني
..... عليه الشفاقة

ليتني دب دهري
..... حيسة في يمينة




وأما النوع الثالث فمنه الأبيات التي قالها وهو في البحرين موجها حديثه إلى صديقه الفنان محمود الكويتي :


محمود تاه الراي محمود
..... بين المحرق والمنامهْ

قم سلّني في نغمة العود
..... خفف على قلبي سقامهْ




نقلا عن : Ahmad / تاريخ الكويت

***

التوقيع:
-:[ الأصدقـاء أوطـانٌ صغيرة ]:-
أملي ديكنسون
(اوطــااانــ) غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس