الموضوع: يَــتْــبَــع
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 16-10-2008, 09:06   #6
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

رد : يَــتْــبَــع



.






في ليلة اكتمال القمر, تأخذني طقوس صوفية فائضة النشوة, أشعر أن الدنيا اجتمت تحت ناظري بصورةٍ بانوراميّة جليّة. أتدثر داخل أوقات المنتصف من كلّ شهر, برداءٍ ربّاني, يلتحف روحي, ويغطي رغائب الشهوات والنزوات كأن لم تكن. أعيش خلوت تأمل وتدبّر, الكون مفتوح على شكل دائرة, والأرض ممتدة بذات الشكل, والنظر يطوف حول البحار والجبال والأنهار بشكلٍ دائري أيضًا.
لا أخال الإلهام الذي رافق تاريخ الكتابة, إلا حين هذا الاكتمال المملوء كجسدٍ فارهٍ ممشوق, يسرّ الناظرين, ويضيء للعابرين, سبل الحياة المتاحة خلال هذه النوارنية العظيمة, التي يجتمع فيها العشاق والشعراء والكتّاب, على صعيدٍ واحد.. يأتي امرؤ القييس آكل المرار لاهيًا مجنونًا, يُنشد: أفاطِمُ مهلاً بعض هذا التدلل وإن كنتِ قد أزمعت صرمي فأجملي. وتجيبه فيروز بناي الحزن: هل فرشت العشب ليلاً وتلحفت الفضاء؟ وتتعالى لحظات الأنس التي يذوق نخبها من كان له قلبٌ يدرك معنى المدّ والجزر الذي يكون على ساحل التأمّل حتى أنفاس الفجر.
أتَذْكُر ـ الكلام للعقاد ـ أيها القمر إذ طلعتَ لنا في تلك الحديقة, وتفيأت بنورك عليها, فغمرتَ أرضَها وسماءها بروح الخلد, حتى وقع وهمنا أنك وصلتها من سحر أشعتك بطرفٍ من أطراف الجنّة, فهي ناحيةٌ منها.. كأنّها في جمالها الطاهر شكلٌ دينيّ وضع ليكون مثلاً لعبادة القلب الإنسانيّ.»
إن في تقسيم الزمن أيامًا ينبغي أن يتم حسابها بعيدًا عن الدقائق والساعات, بعيدًا عن العوارض الماديّة, بعيدًا عن مباهج المزاد العلنيّ الرخيص. نلم أطراف القلب من نواحٍ متفرقة, ونجتمع فوق أرضٍ فسيحة وسماء ممتدّة, كأحلام الفقير الذي يأمل فسحةً في الحياة.
تذكر الأساطير عن أيام البدر غمغمات كثيرة, والطب والبدو وعلم النفس كذلك, أحمل كلّ هذه التعاويذ, وأنفثها خلال جلسةٍ واحدة, يحدث بعدها الاسترخاء..و:



سرّ الهوى


.

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس