الموضوع: رجلٌ معتلٌ به
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 11-06-2008, 05:19   #1
عبدالإله الأنصاري
كاتـب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ عبدالإله الأنصاري
 

رجلٌ معتلٌ به


في ذلك البيت الكبير لا تسمع سوى قرع نعالهم، ودمدمة صديقي المزعجة في أحايين كثيرة.
لم يكن مقرفا بهذا الشكل الممجوج
يخايل إليك أن المنكفئ أمامك توأمه العبيط ، النسخة الجسدية المكررة منه
بذات النحول وعيناه في ذبولهما تنضحان بالذهول
لم يتعلم كيف يرتق قميص صبره ، كتب على نفسه الصوم واستبسل في إنهاك جسده. لِحِممه اللاهبة أسلم عصاه وتوكأ على جمرة عابثة، يردد ..
كن أنت .. أنت
كن أنت .. أنت
كن أنت .. أنت
صداها كصداع ناشز في وقت ظهيرة حارقة، خلفها كانت يده الريح وأنفاسه الصمت الطويل يشق المدى كسيجارة مغتربة
أقسَم - لي - أنه كان هو .. هو، فأضحى الخرقة البالية التي تمسح غبار جداره الطري.
صدّق بالوهم ، فأردته الحقيقة الباغية
آمن بالإنسان ؛ فأسكنه جدارين وبصقة وفحيح الحناجر المتصدعة.
الشك سيده الأمين ، وأنثاه الحلم المنسي الذي لن يعبر فرسخاً ليصب أمامه ، مهما استوى الطريق.
ينادي الكأس المترع بالخيبة ألا يصحو،
والدخان المتطاير ألا يغيب طويلا ؛
يمكر به الأول عند آخر انعطافة خدر، ويربكه غياب الآخر قبيل منتصف الشرود.

يصيح ..
الأرض باردة ، فاتّسعي يا أنّاتي ، تكسَّرِ - الآن - يا عودُ. الضيق هناك ، ليس بأكثر رحابة من هذا الخُرج الذي تضطجع فيه، والوحشة هذه ليست بأمتع من تلك التي سيتعفن فيها وريدك.!
ساح جمود وجهه واكتسى بسرور مفاجئ و أرسل ابتسامة بلهاء و غرّد بصوته الضعيف المبحوح ..
أنا الذي عبّد الطرقات و جمع الشتيتين،
أنا من ذاع صيته لحظة كسّرتُ أقفالَ الخزائن بِكَفِّ السيل،
أنا الذي دكّ عنق القهر وأطعم الجوع،
أنا من نشر رداء فكره ونبذ الجهل أسفل سبع.
قفز كملدوغٍ، وجحظت عيناه وأخذ يصرخ ..
أنا .. أنا .. أنا هذه الزوايا، أخد يدور في مكانه الواقف فيه ويشير بيده المريضة حتى بان الألم على صفحة وجهه ، أنا هذا الجدار الذي سينقض عليكم ذات يوم أيها الخونة ،أنا السقف المنير، سأقبركم تحتي جميعاً..!
ترنح وسقط على وجهه و أخذ دمه يسيل حتى أوقفَتْ قدماي جريانه. تحامل على نفسه وأسند ظهره للجدار وحاول أن يبتسم ، بعد أن مسح أنفه بظاهر كفه ، ونام طويلا.
جلست بجواره أتأمل طفل ملامحه لبرهة ، و إذا بصوت يتردد في المكان ..
نم أيها الشيء النحيل ، كأسك يتحرق للثم روحك ، وأربابك شاخصون ، كثيرٌ أنتَ وحدك ، ضئيلٌ ما هم ، أنثاك تسبّح بحمدك وتذكرك كثيرا ، و أبناؤك يتمسحون بذرات جسدك الطاهر ، والناس جميعاً يهتفون بك. أيها الشيء المنسي .. مازلت مذكورا

التوقيع: لم أصل
albasha123@hotmail.com
عبدالإله الأنصاري غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس