[فوزي المطرفي]

.


وَأَطيَبُ أَوقاتي مِنَ الدَهرِ خَلـوَةٌ
يَقَرَّ بِها قَلبي وَيَصفوا بِها ذِهنـي
وَتَأخُذُني مِن سَورَةِ الفِكرِ نَشـوَةٌ
فَأَخرُجُ مِن فَنٍّ وَأَدخُلُ فـي فَـنِّ
وَيَفهَمُ ما قَد قالَ عَقلي تَصَـوُّري
فَنَقلي إِذا عَنّي وَسَمعي بِها مِنّـي
وَأَسمَعُ مِن نَجوى الدَفاتِرِ طُرفَـةٌ
أُزيلُ بِها هَمّي وَأَجلو بِها حُزني
يُنادِمُنـي قَـومٌ لَـدَيَّ حَديثُـهُـم
فَما غابَ مِنهُمُ غَيرُ شَخصِهِم عَنّي



إن التعرف إلى الناس, تقوم تبعًا له على الأثر, حقوق لهم والتزامات واجبة الرعاية والوفاء. وليس عندي وقت لهذا ولا أنا أطيق التقصير فيها لو لزمتني.!قالها معتذرًا محمد فؤاد عبد الباقي صاحب كتاب المعجم المفهرس للحديث النبوي, والذي كان زاهدًا في الاجتماعات والتعارف, وهي بحقّ عميقة المعنى ولطيفة الدلالة. فحين تنبعث اللوازم في ظروف العزلة والخلوة القلبية, فهذا امتحانٌ لا يسلم من تبعاته؛ إلا من كان ذو حظٍ عظيم.
ربما يصادف أن تتهم بالغرور, بالكبر, بمساوئ الخيلاء, والناس ليس بهادٍ شرّهم أبدًا. لكن الحب عن بعد وبمسافة محسوبة أحسن لك وأفصل لهم.. لقد قال زوربا كلامًا مشابهًا لذلك: أيها الرئيس, حافظ على المسافات من أجل الخير الذي أريده لك! طبعًا أنا لا أعني الانقطاع التامّ النهائي, فالحياة لامعنى لها حينئذ.. إنما فقط, المسافات المحسوبة.
نعم, في الخلوة حيوات كثيرة, وفي الاحتكاك صقلٌ وتنبيه وتجارب, وتبقى مطيّة الراحة التي يحتاجها الإنسان تتأرجح على جسرٍ من التعب. فمن لم تؤدبه الخلوة ومباعث التفكّر والتأمل, في موارد الأيام والناس؛ لم يعرف ـ أبدًا ـ كيف يكتسب المناعة الكافية التي تقيه هول المفاجآت. هذه هي القاعدة.


*

يتبع:


.