الموضوع: يَــتْــبَــع
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 06-06-2008, 12:59   #1
فوزي المطرفي
فـعـل مــاضي!
 

يَــتْــبَــع


.




عَوى الذِئبُ فَاِستَأنَستُ بِالذِئبِ إِذ عَوى
وَصَـوَّتَ إِنسـانٌ فَـكِـدتُ أَطـيـرُ





بعيدًا عن السبب الذي أوصل الأحيمر السعديّ للتغني بهذا البيت الباعث في النفس خواطر الخلوة والوحدة. هل يحصل أن يتروّع الإنسان من أخيه الإنسان؟ هل يحصل أن يعكتف على نفسه متوجسًا غميزة الراصد الذي لا يؤثر فيه الأدب إلا بمقدار اللحظة الخاطفة السريعة, كماءٍ دحرجته على صفوان!
الانكفاء إلى الداخل, والإنصات إلى أعماق الروح, عملٌ يكتنفه الكثير من التعب المريح. قبل سنوات, الجأتني شوائب الوحدة إلى عزلة قاسية بحثًا عن الصوت الداخليّ, بحثًا عن صوت المهماز الذي يخرج الطفولة والألعاب من خدرها؛ تمامًا كما تخرج الثعابين مترنحةً للإيقاعات الساحرة!
أتذكر جيدًا أنّي مابارحت البيت طيلة فترة طويلة, ولم أكد اتصل بالعالم الخارجيّ إلا من خلال شاشات الوسائط. تضايقت من الالتزامات العارضة, ومن الواجبات الآخذة بعضها برقاب بعض.. والتي لا تفهم معنى أن يكره المرء فجأة كلّ شيء! حسنًا.. لنعد إلى البيت أعلاه, كلّ ماهو ساكنٌ وهادئ, أشبه بكمين الحب الذي يقع فيه المفتون. الوحدة هي الصحراء وكلّ الفيافي التي تفتح نافذة التأمل على مصراعيها, هي الخلوة التي لا يحمل فيها الإنسان إلا مؤونة نفسه والغناء.
هذا تمامًا ماوطّد علاقة الأحيمر وعمّر شأنها حتى بات صوت الإنس لا يأتي بخير أبدًا.. تقول القصة: أنه امتهن اللصوصية وقطع الطريق, ولما غلبه الشوق إلى الشام, اعتزل السرقة, وشكّلت التوبة صفحة جديدة في سِفْر حياته. ثم رحل.. تاركًا لي السوناتا أو النوتة الخاصّة أعزف عليها بلا أصدقاء وبلا جو بهيج .. وفي نشوةٍ لم يعرفها عربيدٌ ساردٌ في غيّه!


:
:


لا أدري إلى أين؟
ولا كيف أرتب التداعيات التي تكاد تنبجس من أطرافي؟!



*


يتبع:

التوقيع:
ما أشدَّ فِطام الكبير!
مالك بن دينار


:
:
الموقع الشخصيّ

.
فوزي المطرفي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس