رد : هنا ..(مسفر الدوسري) حيثما يولد الشعر .. أكثر من عشرة أصابع لـ كتابة عطر ..
الأخت النجديــة:
الله يستر!! كيف أسئلتك؟! عسى مو صعبة كالعادة؟!
إتكلنا على الله.
- برأيي ان الإجابة على هذا السؤال بسيطة، فقبل أن نقنع الآخرين بثقافتنا،لا بد أن نقتنع نحن كمجتمعات بأهمية الثقافة لدينا ودورها في تشكيل مزاجنا الإنساني،لن تُقنع أحدا بشيءٍ لستَ مقتنعا فيه انت أصلا.هذه حقيقة.
- أهمية القراءة تبدأ من البيت،ودور الأسرة في تنمية هذا السلوك لدى اطفالها،ويستمر ذلك الدور في المدرسة وبقية المؤسسات الرسمية وغير الرسمية المؤثرة في حياتنا الإجتماعية والتي بيدها إشاعة مثل السلوك الحضاري بين الناس،على أنني لا أرى أن الكتاب بقي هو الوسيلة الوحيدة للقراءة،فالإنترنت أصبح الوسيلة العصرية،والسهلة، والثرية للقراءة .لذا فأنا أعتقد أن الأزمة ليست أزمة كتاب،وإنما أزمة قراءة، الحياة المعاصرة أصبحت مليئة بالتفاصيل اليومية التي تشكل حاجزا كبيرا "وحجة" لدى الكثير منا في إيجاد وقت كافي للقراءة.
- ربما،ولكن الاهم من وجهة نظري هو أن مجتمعاتنا غير معنية حقا بالبحث عن المعرفة،وغير مؤمنة بما يكفي بضرورة حمايتنا منذ الصغر عن طريق إثرائنا بالثقافة الجادة التي تشكل أرضا صلبة وقوية تجنبنا أثر الزلل والسقوط.
- لا ،لا اعتقد أن الشعر حاليا يمارس دوره التقليدي هذا ولا يصح به ذلك،لأن الحياة الحديثة أوجدت من الوسائل الأكثر تأثيرا وإنتشارا في هذا الدور الإعلامي.
- الحقيقة أنني لا اعلم عن المعوقات التي تحول الاندية الأدبية عن ممارسة دورها المفترض، فالقائمين عليها أعلم مني بهذا الخصوص،لكن بالتاكيد أن هذه الاندية مصابة بالكساح،والروماتيزم،والربو المسبب لضيق التنفس،و"الشيزوفرانيا" أحيانا،وأمراض أخرى،بالإضافة لضيق الحال والتي تمنع هذه الأندية من ممارسة دورها الحقيقي والفعّال في خدمة الحركة الثقافية لدينا،فأصبحت مجرد ديكور ثقافي يغطيه الغبار،ومقاهي لفتل الشوارب بإقصاء هذا وإدناء ذاك ،وتمضية الوقت بالتنظير العقيم.وكأن هذا لا يكفي،بل لابد أن نروي عيوننا نحن بتورط هذه الاندية بكثير من الصراعات غير الثقافية على شُرفات الصحف والمجلات،ونشنّف آذاننا بها عبر وسائل الإعلام الاخرى.
- كلا المقولتان صحيح إذا فهمنا أن المقصود بالصدق هنا ليس الصدق الأخلاقي،وإنما المقصود هو الصدق الفني،وهناك فرق شاسع بين الأثنين.
عندما يقول الشاعر مثلا: "عيناك غابتا نخيل" فهو في المعيار الأخلاقي كذاب من "أم عينه" أي أنه لا توجد في عيني حبيبته حتى ولا سعفة نخلة،لكن على مستوى الصدق الفني فذلك موضوع آخر،فقد تكون عينا حبيبته خضراوتين لذا شبهمهما بغابتا نخيل تعبيرا عن لونهما،أو أن الشاعر أسقط صورة الحبيبة على مدينته "البصرة"، وتخيّل أن هذه النخيل التي تملأ المدينة "والبصرة معروفة بذلك" عيون هذه المدينة ومكمن جمالها مثلا،أقول ذلك فقط لتوضيح الفكرة.هذا النوع من الصدق ليس له علاقة بمعاييرنا الاخلاقية ومفاهيمنا عن الصدق،فالصدق الاخلاقي يكون صدقا عند مطابقته للواقع أو لما "نعرف"،أما الصدق الفني قد يكون منافي تماما لما نعرف،بسبب إستخدام التشبيهات البلاغية والصور الشعرية لتجميل المعنى ،وإضافة قوة خيالية ليكون أقدر على التأثير.وهنا قد يكون كاذبا في الفهم الاخلاقي للكذب،ولكنه صادق في الفهم الفني للصدق.
الصدق الفني لا يكون بإقرار الواقع ومطابقته(هذه من سمات الخبر)، ولكن بنسفه وإعادة العلاقة بين مفردات هذا الواقع حسب رؤية المبدع،وهذه في نظري سبب الإشكالية التي يقع فيها البعض في فهم الصدق وعدم الصدق عندما يكون الحديث عن الإبداع.
عندما نتحدث عن الصدق في الإبداع،نتحدث عن مدى تقديرنا للشاعر في نقل إحساسه حتى نكاد نلمسه بأصابعنا،ونتحدث عن مدى قدرته في توظيف الصورة الشعرية لنقل المعنى،ونتحدث عن مدى شفافيته في التعامل مع مفرداته،ونتحدث عن مدى إدهاشنا في الغوص في التجربة الإنسانية التي يريد نقلها،والحالة الشعرية التي سكنته حين الكتابة،..إلخ.
للإبداع من وجهة نظري معاييره الأخلاقية - وليس الصدق فقط- الخاصة،التي لا يصلح معها تطبيق المعايير الأخلاقية الواقعية عليها،إذا استوعبنا ذلك نكون قادرين على فهم الإبداع أكثر.
- إنطلاقا من الإجابة السابقة،أعتقد أنه لابد أن يمتع المبدع بالكثير من الحرية،وبكثير من الفهم لماهية الإبداع من قبل الغير،ليتمكن من الغوص أكثر لجلب المدهش والعجيب من بحر ذاته.لذا لابد لنا من أن نؤمن أنه يجوز له ما لا يجوز لغيره للحصول في نهاية المطاف على ما يجعلنا نصرخ إعجابا وامتنانا!
وعلى ذكر الإعجاب والامتنان،أقول : أنا فعلا معجب وممتن بحضورك دائما في هذا المتصفح يا أخت النجدية.. تحياتي الصادقة لك،
|