الموضوع: نبض الكذب
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 05-02-2008, 15:35   #1
بابل
أديب
 

نبض الكذب





إليكِ مع خالص الكذب ..



أنا من يكذبُ عليكِ كثيرا , وأنا من يرشي كلامه بالعديد من عباراتِ الاحتيال والمراوغة ,
وأنتِ من تُلحّ دائما بقولها " أعلم أنّك تفتعل الكذب لكيلا أنتبه لمروءتك " .

وتبحثين عن عينيّ في وجوه الرجال الذين تثقين بإعجابكِ بهم , ثم تُقسمين أنّ ذلك الرجل الشهم يُشبه ملامحي البريئة ,
ولا تتوقفين عن عبثكِ الطفولي , وتطاردين أغنياتك التي تُفشي لكِ عن أماكن اختبائي عنكِ , ولا تكفين عن إيهام قلبكِ .

ليتكِ تثقين بالبديهيات , وأنّ الكذب ليس في الكلام وحسب , فبالتأكيد أن المشاعر تكذب أيضا , لدرجة أن بعض القلوب تصدّق نبضها الكاذب , وهذه الطريقة في الكذب هي الأقذر والأرخص على الإطلاق .

ومن يعلم , فلعلّي أوّل من دسّ لسانه في أذنكِ لئلا تكتشفي صوته , فعاث بكِ كذبا ,
هل تعلمين أن اقترابك الشديد من الصورة يُعميك عن اكتشاف عيوبها ؟

و في اللحظات النادرة التي أتذكركِ بها , أتساءل ..
لماذا هذه الفتاة تجتهد كثيرا كالفقهاء ؛ لتأويل رجولة ليست حقيقية فتُضفيها عليّ كرداءٍ يرفض المكوث لوقتٍ قصير على ظهري , إلى متى وهيَ تُطرّز لي لباساً لا يوائم سوى النّبلاء .


وأفكر ..
هيَ لا تعرف أنني مطمور منذ زمن الرشد بالضعف والتردد والمراهقة , هيَ لا تعرف أنّ روحي تعرّضت للتلف منذ حرمتُها من الاستعبار في كأس البكاء على حبها , هي لا تعرف أنّ الدمع غالٍ في هذا الزمن الذي ارتفعت به الأسعار , هيَ لا تعرف أنّ ارتفاع الأسعار لم يشمل سعر العلاقة مع النساء البديلات .

أعلم أنّكِ تبتسمين بعد قراءة الجزء الماضي من رسالتي , وتقولين " هذا المجنون لن يكف عن ألاعيبه التافهة " وأعلم أنّك تتمنين الآن أن أكون قريبا منكِ لتقفزي عليّ وتقبليني بعد أن تهمسي بـ " أحبّك يا ملعون " .


لكنّكِ لا تعلمين بأنّي لأوّل مرّة أعترف بأشياء حقيقية وصادقة ,
كذبتُ عليكِ عندما قلتُ لكِ : أُحبّ السفر , والقراءة , والعطور " الأشياء التي تعشقينها حد الهوس " , والحقيقة خلاف هذا , فأنا شخص جُبل على الإهمال , أحتاج دائما للمساعدة حتّى في صعودي لسيارتي , فكيف لي أن أصعد للطائرة وأسافر عبر السماء لمكانٍ بعيد ووقت طويل , وكيف لي أن أقرأ كتاباً وأنا المُتكاسل عن إعادة قراءة هذه الرسالة التي أكتبها لكِ مُباشرة , ولو أنّ لوحة المفاتيح تعمل آليّاً , لشكرتُ الله على هذه النعمة التي تُساعدني على الخمول ,
ولا تتفاجئي عندما أعترف لكِ بأنّ آخر ما أهتم به هو أن أبتاع عطراً لمناسبةٍ هامّة فضلاً عن المُناسبات العادية كلقاءاتي بك .

وتلك الوردة الحمراء التي أهديتكِ إيّاها بلا مُناسبة , هل تتوقعين أنني ابتعتُها بثمنٍ باهظ , أو أنني على أقل تقدير حمّلتُ نفسي عناء الذهاب لمتجر الزهور لإحضارها , بالطبع لا , فلقد أحضرتها لكِ من أحد الأرصفة , بعد أن تذكرتُ أنني لم أُحضر لكِ شيئا معي , وهذا لقاؤنا الأول .




قولي أنّكِ تبكين هذه اللحظة , وتبصقين على طيفي .


هل تظنين أنّ الإسهاب بهذه الرسالة يخدم قلبكِ ؟



يا سيدتي توقفي عند هذا الحد من الوهم ولا تكوني كحجرٍ ينبض بالثبات , فلقد سئمتُ الكذب عليكِ .

أظنّكِ ناضجة وستختارين الطريق الصحيح .


بلا توقيع وأيضاً بلا تاريخ

؛


بعثتُ لها هذه الرسالة الكاذبة ؛ بعد أن تيقنتُ أنّه لم يعد بإمكاني إسعادها مثلما كنتُ أحلم , ولأنّني أحبّها حد الكذب عليها .







اخر تعديل كان بواسطة » بابل في يوم » 05-02-2008 عند الساعة » 15:47. السبب: لون باهت كوجه الكاتب
بابل غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس