"استيقظ فجأة على صوت الموظف وقد فتح باب الزنزانة وصرخ به قائلا: لماذا لا تعمل في مدبغة .. في تنظيف الشوارع بدلا من الكتابة؟
لقد مات أبى ولم اشترك في جنازته لأن مطاردتك ومطاردة غيرك لم تسمح لي بذلك . أنكم ضد الموت كما انتم ضد الحياة .. وعلينا أن نوازن بين هذين الهدفين كما توازن كرة على رأسك الأصلع هذا. حسنا فشلتم في كل شيء فأصبحتم أدباء . وكل ما تفعلونه هو أن تخربشون قليلا وتقلبون الدنيا رأس على عقب لدرجة ان يموت والد أحدنا ولا يستطيع ان يشترك بجنازته . ثم نبحث عنكم في كل مكان ، وصوركم في أذهاننا تفوق الوصف . أحرار . عمالقة يسيرون على ذرى الجبال وفي مقدمة الصفوف . ولكننا ابدا لم نقبض على واحد منكم فوق قمة أو عبر شارع بل خلف صندوق أو تحت سرير".
محمد الماغوط
رواية الأرجوحة
.