مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 18-12-2006, 15:39   #1
إبراهيم الوافي
وريث الرمل / شــاعــر وأديب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ إبراهيم الوافي
 

حمود الصهيبي .. وبيت العنكبوت ..!

مجرى الكلام ...
قراءة فانية لنص خالد ..!





بيت العنكبوت
شعر / حمود الصهيبي



بعض الكلام احيان خير من السكـوت
وبعض السكوت احيان خير من الكـلام

بغيـت افوتهـا وعيـت لا تـفـوت
ولعلهـا ياصاحبـي مسـك الخـتـام

صحيح مـن ابوابهـا تؤتـى البيـوت
والمحترم يفـرض عليـك الاحتـرام

وان كان تسمع لك من الاصوات صوت
القلـب لا يغفـل وعيـنـك لاتـنـام

لا تدعـي بالخيـر وتحـب القنـوت
لا صار ما لـك لا صـلاة ولا صيـام

بنيت بيـتٍ مثـل بيـت العنكبـوت
سجيت رجلك لليمـن والـدرب شـام

ليه اكحل العينين والرمـش محتـوت
يا صاحبي والضرب في الميت حـرام

لا تعترض ويشيلك السيـل النحـوت
خل الغرام يذوب فـي بعـض الغـرام

ما جيت اعذرب في كبيرين البخـوت
ولا ابغى تعلق لي على صدري وسـام

والشـر باقـي والفتـن عيـت تمـوت
يانـار كونـي تحتنـا بـرد و سـلام




كواحدٍ ..من كثيرين هنا .. يرفلون بثوب الدهشة والقافية .. كنتُ أحبو متصفّحا في هذه السماء الوارفة بشعرائها العظام في قوافي البوح في شعبيات الشعر والثراء .. ولأنني كنتُ دائما أقرّ بيني وبين نفسي أولا .. وبيني وبين من يستمع إلي ثانيا وعاشرًا .. بأن شعر( الحكي ) المتفلّت من قبضة الإعراب والقانون النحوي .. إنما هو شفوي التنقّل ، سماعي الفتنة ، حين تكون عذوبته مسموعًا أكثر منه مطبوعًا ، أقول لأنني كل ذلك فرحت كثيرا ..كثيرا بالاستماع إلى صديقنا الشاعر الكبير حمود الصهيبي .. وهو يتفنّن ويبدع لنا في إعادة مجرى الكلام داخل نصه الشعري الصعب بسهولته ، والعذب بصياغته ... ( بيت العنكبوت ) وأقرُّ أنا المفتون أعلاه .. بأنني قرأتُ الرائع جدا حمود الصهيبي ( منظرًا في ( جغرافية الشعر ) ومؤطّرا في ( تاريخ الموشحات ) وموظّفا لكل مخزونه الثقافي والقرائي في ( بيت العنكبوت ) صياغة ، ثم مؤمنا بأهمية تداول النص صوتا ...

فأول ما يأخذنا تجاه النص .. هو قدرة الشاعر وبراعته .. في إدخال قوالب ( لفظية ) جاهزة مجرى الكلام .. وانتقائها بشكل إبداعي لتكون متمَّمة للموسيقى من جهة .. ومؤطّرة للشاعرية المثقفة من جهةٍ أخرى ...دون اعتساف أو إرباك أو حتى أدنى تكلّفٍ لسياق الكلام ، وبنظرة إحصائية سريعة سنتبيّن هذا الملمح المهم في النص سواء جاء بشكل كامل ومباشر من مثل قوله في البيت الثالث : صحيح ( مـن ابوابهـا تؤتـى البيـوت )=و ( المحترم يفـرض عليـك الاحتـرام ) و في قوله في البيت السابع : يا صاحبي و( الضرب فالميت حرام ) و في قوله في البيت الأخير حيث الاقتباس المباشر للنص القرآني : ( يانار كوني تحتنا برد وسلام ) أو من خلال التضمين الفني للمعنى .. وتكييف مفردات النص له ... كالرؤية التي حملت عنوان النص وجاءت في البيت السادس بقوله ( بنيت بيتٍ مثل بيت العنكبوت ) فعملية إدخال الرؤية في مجرى الكلام واستحثاث المخزون المعرفي لدى القارئ ..كفى الشاعر مؤونة التعريف بنوعية البيت الذي قام الشاعر ببنائه حين يستحضر لحظة قراءته النص القرآني ( إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت ) .. وهو ملمح غاية في الأهمية والنضج الإبداعي .. حين لايكون غريبًا على شاعر واعٍ ورصين ومتمرّس كا الصديق النبيل حمود الصهيبي ..
على أن النص لم يكتفِ بهذا الملمح الواثق حتى وإن كان أكثر الملامح وضوحا فيه .. فقد أجاد الشاعر في استخدام الحلى اللفظية في مواضع شتى من نصه لعل أهمها وضوحا ذلك التضاد اللغوي والمعنوي المتعمّد حد العفوية ، والعفوي حد التعمّد .. وهي كذلك قدرة شعرية لاتتأتّى إلا القليل جدا من الشعراء ، ويعكسها نموذجا قوله :
بعض الكلام احيان خير من السكـوت=وبعض السكوت احيان خير من الكـلام
وحين أقول إن شاعرنا هنا استطاع أن يمزج بين العفوية والتكلف فيه ببراعة مدهشة ، فذاك ناتج أولا وأخيرًا إلى اتساع الرؤية الشعرية التي اعتمدت على المخاتلة الزمنية والموقفية وقدرتها على تفاوت الحدث من خلال مفردة ( أحيانا ) المخاتلة ، والمنفتحة على كل الاحتمالات ، ولا أضيف جديدًا حين أشير إلى اللغة المنتقاة والمصطفاة من سائر ( الحكي ) والمتوائمة مع اندفاع الكلام .. فتضمين القوالب ( الفصيحة ) لمجرى الكلام المحكي .. إنما هي عفوية المثقف .. وحجة اللّبِق في الحديث ، وهذا ما تجلى به صديقنا الجميل حمود الصهيبي ..قراءة وصوتًا
كنتُ عابرًا بصوتك فكانت إضاءة تحاول أن تقف في وجه الشمس هنا ياصديقي ، فاعذر تقصيري وللجميع مودتي ..




التوقيع:


أنا لم أصفعِ الهواء..
كنتُ أصفّقُ فقط ..!
https://twitter.com/#!/ialwafi




اخر تعديل كان بواسطة » إبراهيم الوافي في يوم » 18-12-2006 عند الساعة » 15:48.
إبراهيم الوافي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس