29-11-2006, 03:30
|
#1
|
شموس لا تحدها سماء
|
ضجيج
لم أرد الكتابة..اليوم أنا من استعصى على الحرف..كتبت الكثير من الرسائل المطولة ومسحتها
كلما إنتفض بي حرف..تأثثت غرفة لحرقة جديدة تماما..جديدة ومتمنعة على البوح..لا أكاد أعرفني..لم أتعرف علي..وبكيت..بكيت كما لم أفعل من عقدٍ من الزمان..كطفل يلتقي والدته بعد فقد..أو فتاة توقظها غصة من نومٍ قليل ولا تجد أحلامها..
ليس للالم ما يبرره في عقلي..قلبي لا يستمع لي..أنا أفتقده تماما..أفتقدني وألوذ اليّ ..أعتصم بأنفاس أحاول فك شفرتها..أقيس المسافة بين أصابعي واتوه فلا أعود..أجلس الى الطاولة ..اصب بعض قهوة وانسى يدي معلقة في الهواء..تبرد القهوة وأذوقها فأعبس قليلا وأكمل شربها..بدلت أزياءي اليوم ألف مرة..لبست كل الألوان ولم أرتح لواحد منهم..لجأت لسريري بصحبة كتاب شعر..وكان يتحدث عن إمرأة تشبهني ولا أتعرف عليها..لأبكي ثانية..
بي فقد لي..لا أجدني..أحاول ان لا اكتب..أو أن ابحث عن مساحة خفية لا تفضح ارتباكاتي..عزلتي عني..وحدتي الصماء ال لا تسرب أي شيء خارجها..تتحول دواخلي الى يواقيت مختومة بالأسرار..وطيف يعبرني..ي ع ب ر ن ي..بكل ما في مروره من وجع التغيير ال يطرأ حثيثا في داخلي ولا يهدأ للحظة..
لم اتعود أن ابتعد عني هكذا..في الذات مني إمراة لا تستسلم لأحد..لا يقرب لحرمها الداخلي انسان ولا تكشف دموعها للريح..تتزلج على المعاني الخارجية وتحتفظ بها..بداخلي نرجسة او هي بذرة النرجس الأولية قبل الخلق..ما لي اراني أمنحني كلي للطيوف المارقة كسهم أتشظى به وهي تتعفف عن البقاء قليلا بقربي..
هذا يومٌ بكيت فيه ولم أعترف لأحد..وها أنا الآن لا اجد منفذا ينقذني من الكتابة ..فاضت حروفي كدمعة اتت في غير موعدها فشاع خجلٌ في الجو وانتحبت سحائب..لا اتمكن من البقاء ساكنة ..لا اتمكن مني في الصمت الذي حسبتني كل الوقت أكثر ما أُجيده..ليلتي باردة ولا يزورني احد..علقت قنديل اطفأته الريح وبقيت الى الشرفة أرقب اسود السماء المحمر والقمر ال يمشي الى كماله حثيثا كأنما يحج كل شهر الى غايته ولا يمل في انتكاسه للمحاق..بل يعود الى ذات الدرب..
تأملتكم كثيرا..كنت أدخل كضيف ثقيل ولا أعرف بماذا تشعرون..أحسست بصداع يزوره هو..وحده عرفت ان هنالك ما يختلج فيه ولا يقوله الا ترمزا..وعرفت ان العرافة مؤلمة ..وانني كلما عرفت وتشققت الأستار كلما بهر الضوء عيني ورحت عني اليه..وانني أقاوم قانون الجاذبية الأول..وأود أن اتخلص من كل القوانين والمُثل لأتمرد ضاجةً بكل ما حولي..ممتدة كصرخة الولادة الأولى..
تخففت مني وعدت اليّ أستعيذ بقلبي من شياطيني الصغيرة ال تكاتفت ..من شهوة الهمس ومن ألق الآه الفاتنة..من رغبتي في الذهاب بعيدا..من كل ما هو خارج عن المألوف واتشهاه بناره الزرقاء ولا اخشى الحريق..في الروح ما يبعث على التنهيد كل لحظة..وليس لي ما أُغلق به ضجيجيّ الداخلي..
|
|
|