مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 02-10-2006, 15:16   #1
أشعار
كـاتبة
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ أشعار
 

_ مَائِلَةٌ إلى النّار _

..



مائلةٌ إلى النّار و المِدادُ مُسجّى ..


مَائِلةٌ إلى النّار؛
تَحدّنِي شَهْوَةٌ و نَايَاتٌ لا تُقاس ,
أجُرُّ البَحرَ إلى ذاكِرةٍ تحلُمُ بِالسّفنِ الحَالِمة ,
يَطرُدُني الصوفيّونَ مِن مجالِسِهِم ..
فأرتِمِي بَعيدةً عَلَى الشّاطِئ كَيَومٍ مِنْ مَلَل .
قَالَ ليَ كَلاَماً أكثَرُ مِمّا تَحْتَمِلُهُ اللحْظَة ,
و انْكَفَأَ يُجدّلُ صَوْتَهُ مِن جَدِيد ,
الشّايُ عَلى المَائِدة ..
و نُورٌ لا أعْرِفُ مَصْدَرَهُ ؛ يُحِيطُهُ تَمامَاً ..
فيَبْدُو كغَريقٍ طَازَجٍ يُفلِتُ مِنْ جَديد .

العرَائسُ يُقلّدْنَ الحَمامَاتِ ؛
حينَ حططنَ على فِكْرَتهِ أسْرَاباً ,
و هْوَ يَضْحَكُ و يُطْعِمُهُنّ حُبّاً و كَلاماً ,
و الآن ؛ ما زِلْنَ يَبْحَثنَ عَنِ السّاعِدِ الّذي حَشرَتهُ
الذكْرَياتُ فِي أغنِيَة .

غَابَاتٌ تُحدّقٌ فِي أشجَارِها ,
خُذنِي أيّها المُغامِرُ إِلَى حِلمكَ الواسِع ,
و الشريد يهادن التِيه :
يتعجّبُ مِن غابَةٍ تَبحَثُ عَن ملجَأٍ فِي حلم ,
يَصطَادُ حِرشاً كاَمِلاً بأشْجَارهِ و عصَافِيرِهِ لِيُحَاوِرهُ لاحِقَاً ..
قَبْلَ أن تُجفّف الرّيح كُلّ فِكرةٍ أعدّها في سَفَرِهِ الطويل ,
يُعيرُ طرقاتِهِ و أقدَامه ,
يُنقّطُ الوقتَ مِن مِخلاتهِ ,
و يُحاوِلُ أن يَتَذكّر كيفَ كانَت طريقةُ أمّهِ في لفظِ الكَلام .

أقلّده ,
لا ثَلجَ يُبرّدُ عَاطِفَتي تجاهه ,
لكِنّهُ لا يَعرِفُ كيفَ يشكُر عُاشِقَاته ,
رِحَلَتانِ مِن شِعرٍ و صَيد ,
غَابَةٌ و لُغَة , و لَكِنْ فَرقاً هَائِلاً بَيْننا ..
كانَ يُطلِقُ صَيدهُ قبْلَ أَن يُدركَ الصّيدَ الواقِعَة ,
و أنا أعَبّئُ صيدِي في البَيَاض .


مائِلَةٌ إلى النّار ,
أجرّبُ المَرَايَا لأجِدَ فَرقَاً يُربِكُني ,
يُربِكُنِي ألاّ فَرق , أؤلّفُ فرقاً و أُلقِيهِ على المَائِدَةِ فيَجِفّ ,
و تعمَى عَينَايَ طوِيلاً فأكتَشِفُ أنّهُ النّوم ,
الصّباحُ على الشّاطئ الفَارغ ,
نَاِبضٌ و سَاحِرٌ كأمنِيَة ,
الصّورَةُ فِي المَاءِ لَيسَت هِيَ الصّورَةُ في المِرْآة ,
يَخرُجُ مِنَ المَاءِ حَامِلاً طُيُوراً و أزهَاراً غريبَة ,
يُعِيدٌها إلى المَاءِ فِي طَقْسٍ كأنّهُ ارتِجَالٌ ..
لا يَعرِفُ أحَدٌ لِمَن تعُودُ إيماءاتُه ,
دائِمَاً كانَ يتفَوّقُ حِينَ يَرتَجِلُ ,
حَتّى حينَ ارتجَلَ المَوْت .

تيمَتُهُ على أورَاقٍ ؛ استفزّهُ بَيَاضها ,
أثارهُ انبساطُ مِهادَها ,
ذهَبَ مُبتسِمَاً و لكنّهُ حزين ,
لَم أعرِف أيّنا الذي بقِيَ مَرْمِيّاً على الرّملِ يرسُمُ حِواراً .

بالصّدفةِ كانَ لنا روحٌ بذاتِها ,
خرجتُ مِن أنفاسِها و خرجَ مِن دَمِها ,
أعدّ جَمرتَهُ مِن يَديه ,
و كانَ دَائِماً الفعلُ و كُنتُ دائِماً النّتيجَة.

مائِلَةُ إلى النّارِ
كأنني وَساوِسُ بلادٍ لَم تعرِفُ شكلَها فِي مِرآةِ البلاد ,
كأنّهَا شِعَارٌ كبيرٌ بَقِيَ على
جِدَارٍ حَتّى لَم يعُد يُثيرُ انتِبَاهَ أحَد .

نوارِسُ تَملأُ فضَاءَ الغُرفةِ ؛
تُحلّقُ بينَ عينيّ ,
خشَبٌ كثيرٌ كأنهً حَيرةُ الطبيعة ,
شراشِفُ مِن خيولٍ
و نَوَافِذُ مِن رسائِلَ قَدِيمَةٍ و صديقَاتٌ مِن ضجَر ,
و قَطعٌ مِن حبرٍ سطحِيٍّ تَماماً ,
عَالمٌ كَامِلٌ يتمَشّى بَينَ جِلدِيَ و الوَقت .

يقيمُ بناياتَهُ الكثيرةُ مِن حُنجرتي ,
يُطلِقُ أصَابِعَهُ فِي القَصَب فيَنفَجِرُ كَصُرَاخٍ أبْكَم ,
يحُكّ أصَابِعهُ في الحِيطان ,
يُهدِيني حِرفَةُ الكَلامِ و يُؤلّفُ لُغةً و يَذهَبْ .

أضَعُ نِقاطَاً عَلَى الفَضاء بِقلَمِ رصَاصٍ يُشبِهُ إصْبَعَاً بشَرِيّة ,
يَمنحُنِي اللّيلُ مِيزَةً يفُضّها صبحٌ كأنّهُ مُؤامَرة ,
نحَاسٌ يَخرُجُ مِنَ الصّبح ,
يَسخَنُ حتّى لا يَحتَمِلُ نَفسَه ,
يَستَحِمُّ فِي أُفُقٍ مِن مَاءٍ مُجبِراً النهارَ على المَوت .

أطنانٌ مِنَ النّاسِ عَلَى الشّرُفَات ,
نهارٌ لا يَحتملُ عالمُه ,
ضوءٌ لا يَرَى ,
نارٌ ليست بِنار ,
و أختَرِعُ فِكرَةً مُرِيحَة : أنّنَا شَمْسٌ ؛ َنمُوت ..
نُشرقُ فِي مَكانٍ آخر .

الأمكِنَةُ تَضغَطُ عَلى الوَقتِ مَائِلَةً إلى النّار كذلك ,
فَراغٌ مُربِكٌ فِي نُقطَةٌ لا تُحَس ,
رُبّما غداً يَزولُ خمرُ النّاياتِ عَن جِلدِي ,
أُعيدُ هَيكَلَةَ غابَتِهِ و لُغَتي ,
يُعِيدُ انتِشَارَهُ على المَاء ,
يَهتَدِي إلى مَنفَاه ,
و أهتَدِي إلى فَراغِي مِنَ الحِكْمَةِ و الجُرأةِ مَعاً .

..

قلم / أشعار الباشا
3 _ 9 _ 2006 م
.

التوقيع: كُنـتُ أحبّهـم , لأنِيَ لـمْ أكُـن أعرِفَهـم
m3bd.net
أشعار غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس