مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 21-06-2006, 22:30   #1
يعرُب
 

أنتظر شروقاً للشمس .. !!

في أزقة المدينة وشوارعها سوف تتوه أيها الفتى وتبقى في حيرة ونهايتك جلسة على رصيف الذكريات تحلم بالعودة على نفس القطار الذي توقف في هذه المحطة المزدحمة بالوجوه المتبلدة

جملة طويلة اخترقت مسامعي كانت مثل صاعقة تضرب منزل رجل لا يحميه من صقيع الشتاء , وها هي تأتي آخر نكباته ليجد نفسه في العراء بدون مأوى

عرفت أن الكلام موجه لي لكني لم أعرف أين مصدره , وأنا أحوم برأسي ابحث عن نقطة إنطلاقه .. نعم كانت وجوه مليئة بالكآبة والحزن الذي انتشر في المدينة .. انين عجلات صوت القطار المرهقة من كثرة التنقل والسفر بدون توقف أو راحة شدني في لحظة غفوة عن كل ما يتحرك حولي

قابعة داخل سيارتها الواقفة أمامي
وهي تشعل سيجارة تنفث دخانها المتطاير نحو امتداد بصرها

عيون تسترق النظر تحمل الكثير من السخرية على القدر الذي رمى بي هنا يبدو , أنها صاحبة تجربة والزمن كفيل أن علّمها حِيل المدينة المليئة باللعنات .. هو غضب قد يأتي من أنفسنا وأحيانا من الأماكن التي نسكنها ونمرّ بها

التفتت بملامح مبتسمة تخفي خلفها بؤساً تجاوز الدهر بمراحل عديدة .. ضائع أنا وهي تلوّح بيدها أن اركب .. بدون أن اترك لنفسي فرصة تقرير الخيار إذ بأقدامي تسير نحوها

آآآه أيها العِجْل
تسير نحو المقصلة تعتقد أن ذلك الطريق هو المخرج الوحيد .. لم يكن أمامي غير تلك الفتاة للخروج من مأزق أعتقد أني واقع فيه .. غريب في المدينة هذه أول كلماتها لي , لا يأتي أحد هنا .. قطار يمرّ ويتوقف فقط لأخراج البضائع ثم يرحل بِعجلة .. حتى هو يكره الوقوف , يتمنى أن يكون له مسار غير هذا الطريق

ساعات ما قبل الغروب أخذتني إلى مطعم زبائنه قليل .. الفخامة تظهر بوضوح لزائر غريب هو لرجالات المدينة الأغنياء نطقتها بهمس .. أيضا الوقت لا يصادف وجبة رسمية

انطلقنا بعدها إلى سهول خضراء عالية تطل على ساحل بعيد نحو الأسفل .. تشاهد صفاء المياه الساكنة من كل شيء يبدو أنه شاطئ بكر فـ أقدام أهل المدينة الصغير لم تطأه من قبل

من داخل السيارة بدأنا نراقب الغروب المُخيف وأحلامي ممزوجة داخل كأس نبيذ بلون الاصيل
فقدت لذته من أول رشفة أتذوقها

الضّجر من كل شيء حولي والصمت لبسته من بدايات ركوب سيارة فقط تسير ولا أعلم إلى أين ومتى ستتوقف .. بجوار فتاة لها أطماع ترعبني

ومع هروب آخر قافلة للنور من جيوش الظلام السريعة الانتشار أخذت يدي وكتبت فيها بعض كلمات لم أستطع أن اقرأها .. وكي لا تهرب الكلمات بقيت مجمعاً أصابعي نحو راحتي بقبضة رجل تأهب لقتال دخل فيه بدون تخطيط سابق له .. صادفه القدر

على عتبات فندق المدينة تركتني .. لتكن جاهزاً بعد ساعات هكذا هي قررت ولا أعلم ما تريد بقيت قبضتي على حالها حتى صعدت غرفتي .. بتدرج مميت فتحتها .. خوفا
لم تكن أكثر من كلمتين .. ( لن اخذلك ) طمأنينة سرت في جسدي وحيرة قتلتني لمعرفة في ماذا

بعد غفوة لم أعرف مدتها ..
نظرت لها بجوار النافذة واقفة بيدها سيجارة تحترق تراقب أنوار المدينة وشوارعها الخالية .. لم أسالها كيف دخلت يبدو أن لها ما لها في هذه المدينة المرتدية لباس همّ قاتل وحلل تثقل كاهلها وتعيقه من الحِراك بحرّية .. مدينة ملتزمة بجوها الذي عاشت عليه سنوات كثيرة الهدوء يقتلها

ليلة بدر جميل تصلح لجولة بحرية نحو الجزر بهذه العبارة نطقت .. وهي شاردة تراقب السماء
انطلقنا نحو مرسى المدينة الخالي تماماً من المراكب , بعض مراكب الصيد المهشمة على شاطىء تكثر فيه الفوضى توجهنا نحو يخت متوسط الحجم وسرنا داخل البحر نشقه بعنف في ظلام أفق بعيد ليس له نهاية

وفي عرض البحر توقفنا .. سلط البدر أجزاء من نوره على قمم المرتفعات العالية .. هو نفس المكان الذي شاهدته من الأعلى .. هنا أنظر باتجاه معاكس لنظرات أرسلتها بنهار نحو بحر ساكن .. هو مختلف يبدو أن حياة تعيش بداخله كنت أحسبه ميتاً

اختفت فجأة لتظهر من جديد بثوب غجري ازرق اللون وشعر أجعد ارتمى على متونها .. تختلف عن تلك التي كانت معي منذ لحظات .. أنثى ليست كـ تلك السيدة الجامدة

رغبات تظهر لأول مرة منذ أن تركتها في عربات قطار يسير بها نحو مدينة لا أعلم ما تكون .. بقليل من دلالها كسرت كل حاجز قد بنيته حول تلك المرأة

على ضوء القمر تراقصت ..
ومن خيوط شعاع البدر المسلطة على ثوبها الازرق اكتسبت المياه لونها
اشعر بـ برد .. أحتاج لجسد أنثى يمنع عني رجفة تجتاحني

عيون ناعسة وجسد ملتهب ورموش عين مرتصة كشريط أسود ورغبات رجل .. تجتمع في مكان غير آمن على كل الأطراف . لم تمنح سرحاني وتأملي فيها كثيرا .. لنعد نجوم السماء هكذا نطقت

التصقت أجسادنا المرتمية على سطح يخت لا يتحرك وأنظارنا نحو الفضاء أشعر بدفئها بأنوثتها بشراسة امرأة تستطيع أن تكون لها السّيطرة على المواقف التي هي بداخلها .. حتى أحلامي وليدة اللحظات بقيت بلا حراك ارتضيت بما أنا عليه من جسدها الملتصق بجسدي ودفء أنفاسها

شاعرية المكان والوقت بكل ما يحويه أزالت هموم سفر طويل وخوف من مدينة مجهولة تسكنها أشباح بوجوه متبلدة

الآن بدايات معركة جديدة بين النور والظلام يطرد فيها فرسان الضوء لصوص الظلام المختبأة
على ساحل جزيرة تنتشر فيها أشجار نخيل الجوز توقفت مراكبنا .. خرجت تدوس على رمال شاطئ متلألة تلبس الجنز الاسود وبعض قطعة رقيقة تغطي الجزء العلوي من جسدها

كنت أحسد حبات الرمل العالقة بها .. كـ جواهر تزين جسدها بفعل إنعكاسات خيوط الشمس التي تغزو كل مكان .. تقاسيم جسد وساحات فيها مصرعي لم أحصل على الكثير منه

ساعات وساعات تمرّ بنا وتنقلنا معها إلى عوالم أخرى نفقد فيها السيطرة على المكان والزمان .. ارتميت بظهري على شجرة أراقب البحر وأشاهد الأفق البعيد كنت أعلم أن ليس هناك قادم يبدد كثير من سكون ساد المكان وبعض المواقف بيننا

قادمة نحوي ترمي رأسها على صدري بتكاسل فتّان ..
دعه يسمع مؤامراتك التي تحكيها بداخله ورغباتك المحبوسة
امسح من على جسدها بعض الرمل المتلصق به وبأصابعي أداعب خصلات شعرها

عيون ترقب البحر في تأمل وانطلاقة نحو الفضاء
نتجاوز السحاب الأبيض نكتسب جزء من لونه بمرورنا من خلاله

لحظات غروب جديد ..
ماسكة بيدي تقودني نحو تلة صغير .. نراقب حركة قرص الشمس
من خلفها أتيت شبكت يدي حول خصرها وشددتها نحوي وبأنفاسي الملتهبة ألسع عنقها
نسائم تهب وبقايا من أصوات طيور تعلن رحيلها ..

بقينا في تأملنا للبعيد في سكون حتى ذاب قرص الشمس في مياه زرقاء تحولت بلون الأصيل

دقائق قليلة و سيطر الظلام

وأنا ... بقيت هناك بحلم

أنتظر شروقاً .. للشمس





يعرُب

التوقيع:
مرحبا ان كان ديني جاهلية




اخر تعديل كان بواسطة » يعرُب في يوم » 21-06-2006 عند الساعة » 22:49.
يعرُب غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس