مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 05-04-2006, 18:05   #6
إبراهيم الوافي
وريث الرمل / شــاعــر وأديب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ إبراهيم الوافي
 

رد : حين يرحل الماغوط ..!

نجدية ..
هكذا دائما لحضورك يتساقط المطر .. ونتذاكر الأموات أحياءً .. شكرا لأنك معنا هنا


---------------


محمد الماغوط يتدرب على الموت ثانية ....!



.

.

.



في عام 2004م كتبتُ إضاءة نثرية عن الماغوط بعنوان " إعلان وفاة محمد الماغوط" و قد ضجَّت الأوساط الاعلامية حولَ العنوان ِ الذي تناولوه كخبر ٍ محض ، و لم يدركوا تمامَ قصدي / حيثُ ابتدأتُ بجملةٍ متطرفة " النسيانُ شكلٌ آخرٌ للموت ...." و هذا الموتُ الأول الذي كابده محمد الماغوط بعدَ إنجاز شعري و مسرحي و ثقافي لا يضاهي ، فَمنْ تورط بالاستغراق في أعماله لن يُخطئ التداعى في همومهِ التي واكبت الشارع العربي ، و أثارتْ مكنوناته التي قضى عليها الجور ، و استكانت حريته ، فتسامى بأعناق ِ النجوم ِ التي شغلها العرافونَ العرب حينَ سأموا من واقع ٍ متبلدٍ ، و هذا ما أفرزته لنا مسرحة "غربة" و "العصفور الأحدب" و " خارج السرب" فهو لم يجتذب السياسة كهمِّ يومي استولى على نصوصه بل يتعاطى مع السياسة كرغيفِ خُبز ٍ يتقاسمه -تماما- كالمواجع التي أهاجها في ذاكرةٍ حزينةٍ ترامتْ بآهاتِ المساكين و أسئلةِ الحيارى على بابِ الوطن .....



و في سؤالهِ -ذاتَ نص - مَنْ ورَّثني هذا الهلع ؟!!

كلنا نستبدَّ في أنين السؤال ، فمن ورَّثنا هذا الهلع ؟!!



و كلما أتذكر فيلم "الحدود" أضحك باكيا على خارطةِ الوطن العربي المغضوب عليه منَّا جميعا ، فليسَ الماغوط وحده من اكتوى بهولوكوست الحرية ، و لكنه الشاعر زمام اللحظةِ العابرة ....!



في مقالي القديم "إعلان وفاة محمد الماغوط" أجابَ -محمد الماغوط- الصحفيين الذي تحلقوا حوله لمعرفةِ الالتباسات التي أدت إلى خبر ٍ كاذب ؛ فقال : " لقد تأخروا في إعلان وفاتي ....."



لذلك نُعزيه بموتنا جميعا في داخله ، حينما كانَ وطنا لكل آهةٍ شاردة ، أصبح مخذولا في شرفات الشام ، لم تشغله الأضواء الاعلامية بقدر ما آلمتهُ الأزمات التي أربكت الشارع العربي ، فلم يعد للشعر ِ سجالٌ بعد أن ضاعت الهوية العربية ، فهو القومي بامتياز ، و إذا ما تحدث عن الوطن فلن يتجاوزَ ذاته على اعتبار أن الجسد هو بيت الكائن ، و أن بيت القصيد هو الملاذ الآمن للإنسان اليوم ، فهو يتعاطى مع القصيدةِ كهمِّ يومي رغم تفوقه الدلالي و الاستعاري في النص إلا أنه أنجز قصيدة النثر العربية و أصبح رائدا من روادها لما خصها من لغة يومية مائية تغسلُ الملامح المغتصبة بحُلم ٍ جميل ٍ يُفجره في هدوء الريح ....!



حين ماتت زوجته الشاعرة سنية صالح كتب-هو- على قبرها " هذه آخر طفلة في العالم " و بعد موته الأخير أكتبُ -أنا- على صدر الوطن العربي هذا آخر شاعر صعلوكٍ أبى الذل في جحيم ٍ يسمى مجازا وطن ....!



بالتأكيد شاعرنا محمد الماغوط يتدرب على الموتِ ثانية ، و أظنها المرة الأخيرة التي سيغيبُ إلى الأبد ، و أظنُّ -أيضا- أنه لن يتركَ الوطن العربي و يرحل ، إما أن يأخذه معه بقوة ِ الموت ، أو يتخذ الخارطة العربية الممزقة قبرا له ، لعله يلملمُ الشتات الذي عجز عنه في حياةٍ عاصفة ...!



الآن أبكي .......









محمد الفوز

شاعر و اعلامي سعودي

التوقيع:


أنا لم أصفعِ الهواء..
كنتُ أصفّقُ فقط ..!
https://twitter.com/#!/ialwafi



إبراهيم الوافي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس