مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 15-02-2006, 11:55   #1
إبراهيم الوافي
وريث الرمل / شــاعــر وأديب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ إبراهيم الوافي
 

بانتظار امرأة ...!




أشتاقك يا سيدتي
أشتاقك فوق توقّع الغياب .. وفوق مثوبة الصبر ، وفوق لهفة اللقاء ... أنتِ أيتها المبعوثة رحمة بالفراق العظيم .. أيتها القادمة من مدن الثواب على التحمّل ، والإيمان بالبرّ في مواسم العقوق ..!
كيف تغيبين حينما يبني لنا الوقتُ سقيفة للطفولة .. وحين تتبرعم في صدورنا قلوبًا خضراء في مواسم الخوف من تجارب المنعطفات الأخيرة من العناق ... !
آه يا صديقتي ليتك تدركين كيف يفتح شاعرٌ مثلي بابا للفراغ ، ثم يصغي لصوت ساعته تنقر في رأس اللهفة ، بينما يسرّح شعر الانتظار بالترقب واحتمالات فوارق التوقيت بين المدن التي لا تؤمن بحقيقة الظلال ، أو نبوءات العشاق ..!
الأنبياء ياصديقتي يحملون غناء السماء على أجنحة الملائكة التي لا ترهقها المسافات ، والشعراء يتوكّلون على هبات النساء وأغلفة الغيب ، وكتب التاريخ الذي يكتبه المنتصرون دائما ..!
لا ينهزم مثلي وقد انتصرت بكِ حين كتبتُ التاريخ لامرأة تنتصر بهزائمي ، ولايغيب من يحمل قلبكِ ليهزمني آخر التدوين ..!
امنحيني عذر الساعة المتحفّظة على الوقت ، أو امنحيني انشغال الزمن عني حينما تغيبين ، فليس في العمر متسعٌ لساعة لاتحتفل بي ، أو محاضرة لأستاذ فاشل لايعرف شيئا عن سيرتي حين يغازل طالبةً معجبة ..!
ليس هناك متسع يا سيدتي لغيم لايعرف كنْه الرمل أو رياح ، لاتسوقه حيث تشاء ، فيأتيني خراجه قصائد وأغان فيروزية لصباحاتي المبللة بالصمت ، أقسم إنني أشتاقك أكثر حينما تغيبين ، وحينما نغزل المواعيد للصبرعلينا ساعة جنونٍ مؤجل ، أو موعد مستحيل ..!
لا أريد التوقف عن الكتابة هذه الساعة التي يرفضني فيها الفضاء ويستوفي حقك من استهلاك الزمن مع غيرك !
حين أشتاقك أكثر تحاول طفلتي أن تشغلني عن تهجّي ملامحك التي لاأعرفها ، أو استنطاق ضحكاتك الغائبة منذ انحسار ظلال الخميس الأسود ...!
لكنني سأتوقف فقط الآن احترامًا لطيفك الضبابي الذي يسكن قطرة عرق تتشبث بأرنبة أنفي .. فأختلسه من وراء زجاج نظارتي التي لم أستبدلها منذ أشهر مضت ..!
يوغل الليل بالرحيل ياسيدتي ، ويحكُّ الانتظار فروة الوقت ..!
لاشيء .. لاشيء .. فالذين أهدروا دمي لم يعرفوا بعد أن لونه أبيض وأنني شاعر من سماحة الشجر وأغنيات البكاء ..!
ابدئي السفر إلي ياصديقتي حين يعصر هذا السكون برتقالة الفقد ، وتتحلَّق حولي السطور كأطفال أشقياء يسخرون بشيخٍ ضرير ، فالمحطة التي أنتظرك فيها سيدة نسيت مظلَّة المطرفمنحها الشتاء الهارب معطف البرد ... !
آلاف الركاب هنا ياصديقتي يجهلون أسماء أصدقائهم ، آلاف من المدن التي لايزورها الغرباء تنتظر زائرًا ليليا واحدا اسمه القمر ، آلافٌ من النساء اللواتي يقطفن ورد السفر ويكتبن على صدورهنَّ نداء الأنوثة ..!
يوغل الليل بالرحيل ياصديقتي .. ورغوة البحر تهشُّها الرياح ، فتذبل فيها الملوحة وبكاء السفن الغرقى وأزمنة الطوفان والقصائد المتعانقة ..!
لا أحد يسمعني الآن ياصديقتي فاليمامة التي تهجع في ردهة نافذتي آمنة تنتظر يد ( ليلى ) تمنحها الحبَّ والصباح وأعواد القش ، و( وفاء ) التي حدثتك عنها نائمة من الخوف بعد أن لمحت الشجن يترنَّحُ في صوتي ويتآكل فيه الصبر ، حتى ذلك الصغير لايوقظني بكاءه ..!
هاربٌ أنا مني بانتظاركْ ، يدي لاتخون يدي ، وذاكرتي طائرة بلا وقود وسفرٌ بلا أمتعة ..!



التوقيع:


أنا لم أصفعِ الهواء..
كنتُ أصفّقُ فقط ..!
https://twitter.com/#!/ialwafi




اخر تعديل كان بواسطة » إبراهيم الوافي في يوم » 15-02-2006 عند الساعة » 12:15.
إبراهيم الوافي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس