نظرة في أوزان الشعر ( مدخل )
هذا الموضوع عبارة عن مدخل للجميع لكي نحاول حصر أو عرض أوزان الشعر النبطي ليكون المنتدى مرجعاً للمهتمين به
وقع بين يدي منذ زمن طويل كتاب لأبي عبدالرحمن الظاهري وهو أديب واعي وشيخ جليل ... وعنوان هذا الكتاب هو ( الشعر النبطي ، أوزان العشر العامي بلهجة أهل نجد والإشارة لبعض ألحانه ) والكتاب غزير وملئ بالشعر وأوزانه فقررت أن أستعين به وبكتاب آخر لا غنى عن أي أديب وشاعر عنه وهو ( العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده ) لإبن رشيق ، وهو من المتقدمين وقد جمع في كتابه أسس نقد الشعر وأنواع السحر البياني وما يستحسن من القصيدة وما يكره منها وله في ذلك أمثلة ومآخذ على كبار شعارء الفصحى كالمتنبي وجرير وعيوب مطالع القصيدة ومواضيع أخرى كلها مفيدة ، والإستعانة الحقيقة هي بكم ومناقشاتكم وطرحكم في هذا المشروع
يتساءل الكثير عن علاقة بحور الشعر النبطي ببحور الشعر الفصيح وهل تتشابه ؟؟
والجواب : لنعود إلى بداية شعر العرب وهو مصدر فخرهم ورفعة بعضهم على بعض حتى أن الله عزوجل أنزل كتابه الكريم إعجازاً للعرب في البيان وهو ما كان يعظمه العرب ويعتبرون أعظمهم بياناً هو أشرفهم وأكرمهم
كانت العرب تقول الشعر رجزاً أي مقاطع صغيرة بقافية واحدة وكان الشاعر يقول من الرجز البيتين والثلاثة ونحو ذلك إذا حارب أو شاتم أو فاخر كقول دريد بن الصمه :
يا ليتني فيها جذع...أخب فيها وأضع
وإستمر الرجز وأطال في بحره العجاج والأغلب العجلي
أما أول من قسم البيت إلى صدر وعجز ونقل الشعر من الرجز إلى بحور جديدة هو سالم (وقيل إسمه عدي) بن ربيعه المشهور بالزير أبو ليلى المهلهل ... وقد سمي بالمهلهل لهلهلته الشعر أي تقطيعه وقيل لرقته وخفته وقيل لإختلافه ، والرأي الصائب هو لأنه أول من قصد القصائد كقول الفرزدق :
( ومهلهل الشعراء ذاك الأول )
والمهلهل هو خال الشاعر الجاهلي الشهير امرئ القيس بن حجر وجد الشاعر عمرو بن كلثوم لأمه
وبقي الشعر يقوله الشعراء ويتناقله الرواة حتى أتى الخليل بن أحمد الفراهيدي بجمع الأعاريض وألف الأوزان ووضع فيها كتاباً سماه ( العروض ) ثم ألف الناس بعده على طريقته في تقطيع البحور إلى تفعيلات
قال الأخفش : سألت الخليل بعد أن عمل كتبا العروض : لم سميت الطويل طويلاً ؟
فقال : لأنه طال بتمام أجزاءه .
قلت : فالبسيط ؟
قال : لأنه إنبسط عن مدى الطويل وجاء وسطه فعلن وآخره فعلن
قلت : فالمديد ؟
قال : لتمدد سباعيه حول خماسيه
قلت : فالوافر ؟
قال : لوفور أجزائه وتداً بوتد
قلت : فالكامل ؟
قال : لأن فيه ثلاثين حركة لم تجتمع في غيره من الشعر
قلت : فالهزج ؟
قال : لأنه يضطرب ، شبه بهزج الصوت
قلت : فالرجز ؟
قال : لإضطرابه كإضطراب قوائم الناقة عند القيام
قلت : فالرمل ؟
قال : لأنه شبه برمل الحصير لضم بعضه إلى بعض
قلت : فالسريع ؟
قال : لأنه يسرع على اللسان
قلت : فالمنسرح ؟
قال : لإنسراحه وسهولته
قلت : فالخفيف ؟
قال : لأنه أخف السباعيات
قلت : فالمقتضب ؟
قال : لأنه إقتضب من السريع
قلت : فالمضارع ؟
قال : لأنه ضارع المقتضب
قلت : فالمجتث ؟
قال : لأنه إجتث ، أي قطع من طويل دائرته
قلت : فالمتقارب ؟
قال : لتقارب أجزائه لأنها خماسية يشبه بعضها بعضاً
كان عمل الخليل هو تبع البيت بصدره وعجزه حركة حركة من فتح وضم ورفع وجر .... وقسمها لهذا التصنيف
ولكن الشعر العامي لا يهتم بالحركات التي هي من أساس اللغة العربية الفصحى .. لذلك تختلف بعض البحور وتتشابه في التلحين
كقول عمرو بن كلثوم :
إذا بلغ الفطام لنا رضيعً .... تخر له الجبابر ساجدينا
يقابله قول ابن لعبون :
سقى صوب الحيا مزن ٍ تهامى .... على قبر ٍ بتلعات الحجازي
وكقول عمر بن أبي ربيعه :
ليت هندً أنجزتنا ما تعد .... وشفت أنفسنا مما تجد
وإستبدت مرة ً واحدة ً ..... إنما العاجز من لا يستبد
يقابله قول الشاعر ( إختلف في نسبتها لإبن لعبون ) :
كل ما دقيت في أرض ٍ وتد .... من رداة الحظ وافتني حصاه
فعند تطبيق الشعر النبطي على بحور الفصحى حركياً لا تستقيم إلا في النادر ... وعند تطبيقها لحناً أو غناءاً تستقيم فالحاكم هنا هو اللحن وليس البحر
وقد يسأل البعض عن مدى بحور الشعر النبطي وحصرها ؟؟
والجواب : أن البحور تعد قليلة نسبة للألحان ، تجد البحر الواحد له عدة ألحان لا تنطبق على غيره من البحور ... لذا فإن كتابة الشعر النبطي أسهل بكثير من الفصحى لإعتماد الأول على اللحن وغناءه والثاني على البحر وحركاته
كما ذكرت أن هذا مدخل والمجال مفتوح للكل للتعليق والمشاركة والإفادة ولعله يكون مفتاحً لغيره من المواضيع القيمة فأهلاً وسهلاً بكل من يفيدنا ويسعدنا بمواصلته معنا
وللجميع الحب كل الحب
|