مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 20-01-2006, 00:50   #10
عبدالواحد اليحيائي
كــاتـب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ عبدالواحد اليحيائي
 

رد : قراءات.. حوارات.. مباحث في السرد

.
.
وحدة الوجود السردية
قراءة في فلسفة السرد المعاصر
شريف هزاع شريف (كاتب من العراق)
مجلة الواح


السرد والوجود

تبدو ممازجة غريبة أن يجتمع مصطلحان متباعدان جوهرياً في المفاهيم والمنطلقات وفيما يثيرانه من جدل وتساؤل فوحدة الوجود* PANTHEISM مصطلح أثير حوله كثير من الانتقادات والآراء لما يتضمنه من تعقيدات والتواءات لغوية مشكلاً حوله منظومة تأويلية دفاعية للتوترات الفكرية التي يتضمنها، ويرجع هذا المصطلح بتنظيره وتكوينه النهائي لمحي الدين بن عربي (560هـ-638هـ) بينما يحتل السرد NARRATION المركز الأول في الدراسات النقدية الحديثة التي بدأت بها المدرسة الشكلية وأبحاث دي سوسير اللغوية ومن جاء بعده من باحثين في علم الألسنية حتى وصلت إلى تودوروف الذي ابتكر مفهوم علم السرد حيث اتسع "ليشمل بدلالته الحكايات الشعبية، الأساطير، الأحلام، الأفلام، المسرحيات … وهو ببساطة موجود حيث توجد الحياة " (1) وكان لمجموع الأفكار والاطروحات النقدية الدور في إنضاج مفهوم النص TEXT الذي يتضمن البنية، السرد، الشكل، الأسلوب … الخ، فالنص فعل وجودي يستخدم الكتابة لتأطير عالمه وعرض الأشياء من خلال الجمل المتوالية المتماسكة التي تتحول عبر الأثر التاريخي إلى وجود يتمثل بالخطاب DISCOURS حيث تكمن وحدة الوجود السردية في العلاقة التي يرتبط النص فيها بالخطاب راصدةً الوحدة الداخلية التي تجعل من العالم سرداً متواصلاً ومن السرد عالماً لا ينغلق بأطر الكتابة بل شبكة من النظام الاتصالي المتعدد الأشكال حيث يتحول السرد إلى مرآة تعكس الوجود برموزه وإشاراته وعلاماته المشفرة باللغة، الكلام، الصورة، الخ وهذه العملية الانعكاسية التي تتميز فيها وحدة الوجود السردية تجعل من الذات والموضوع وحدتين انقلابيتين قد تأخذ شكلاً ثالثاً تمتزج فيه الذات بالموضوع بلا فواصل لتربط الخارجي – الوجودي، بالداخلي – الذاتي، بشكل يقترب من مقررات المدرسة الظاهراتية PHENOMENOLOGY التي تدرس الأشياء من خلال فعل الإدراك وموضوع الإدراك فهذا السرد يرى أن الأشياء الخارجية على علاقة ظاهراتية مع الأنا من خلال تمثلها في الوعي هذه العلاقة ترسم آفاق الموضوع والذات معاً(2). وإذا كانت هذه الآراء تشكل منظومة فلسفية مجردة فإنها أخذت طابعاً أدبياً في الشعر وفي الرواية يمثلها (السيد بالومار) بطريقة قراءته التأملية للعالم والمحيط بفلسفة تحاول إبراز عالمه الداخلي من خلال العالم الخارجي ومن ثم استكشاف العالم من خلال وقوف الذات كمرآة أمام الموجودات. فبالومار يفلسف العالم وفق الطرق المتاحة أمامه حتى وان كانت غريبة عنه كاستخدامه الطاوية بوصفها فلسفة تأويلية للوجود(3). فإيتالو كالفينو يرسم لبطله المتأمل خرائط عشوائية لقراءة الذات والعالم مكوناً سرداً متواصلاً لا يخرج من دائرة وحدة الوجود السردية التي ترسم الإنسان من خلال الشيء المحيط (الخارج) فيتسرد العالم بجدلية الذات والموضوع محولاً أطراف المعادلة إلى كتلةٍ مموهة قابلة للتغيير والتبدل الدائم أو ما تسمى بفنطازيات التحول(4) على الرغم من أن هذا التحول ينقسم إلى فلسفتين متناقضتين الأولى تتمثل بالفيلسوف فخته الذي يرجع كل شئ للانا، ونقيضه الفيلسوف شيلنج الذي يرى العكس(5) إلا أن السرد الحديث لا يلتزم بمقررات فلسفة ما بحذافيرها بل يتخذ من التحول والتغير فلسفة مركزية له حتى نجده في بعض الأشكال ينحو منحاً لا عقلانياً كأسلوب يعبر عن العقلانية، وهذا ما نجده واضحاً في الأدب المعاصر الذي دفع النظريات الأدبية الحديثة أن تنحى منحاً مماثلاً للأدب مكونةً مناهجاً غريبة في التحليل النقدي، وهذا المشروع النقدي دفع بدوره السرد أن ينفتح للعالم وان يخرج من أطر الشكلانية الروسية التي تنظر إليه كنظام للحكاية أو "مجموعة نوعية من الوقائع " (6) فلم يعد الموضوع الحكائي ديدن السرد بل اصبح العالم قابلاً للتسرد بكل موجوداته وأشكاله وأصبحت الفلسفة سرداً للفكر الإنساني كذلك علم الاقتصاد الذي ينظر إليه كسرد للحاجة والندرة المتصارعة مع العرض والطلب وأصبحت كل الأفعال في الوجود تمثل سرد الأنا المنطوية في العالم.

السرد والأدب

إن الأدب الإنساني منذ ظهوره كألواح سومرية، وملاحم إنسانية (ملحمة كلكامش، الملاحم اليونانية) وصولاً إلى جيمس جويس وصموئيل بيكت ليس سوى عملية حكائية (سردية) أو "بوصفه موضوعاً يعتمد على المرسل – الراوي – والمرسل إليه – المروي له – والعلامات الشكلية المميزة للراوي والمروي له"(7). وقد تمثل هذا الشكل السردي في الماضي البعيد بتحويل الغرائبي أو السحري إلى واقع محكي ثم انعكست الصيغة في الأدب الحديث على يد استورياس وماركيز بتحويل الواقع إلى الغرائب بأسلوب سمي بالواقعية السحرية هذه التحولات التي في صميم السرد المعاصر جعلته لا ينغلق في النص المكتوب بل انفتح إلى المحكي الصوتي وما يحمله من تعابير وإيماءات، والصوري والإشاري وما يتشكل من كل هذا من صيغ استعمالية تعكس الفعل الإنساني المتعدد الذي لا ينتهي سرده في الوجود لان الإنسان "يسرد ذاته دائماً وهو الذي يبدع السرد "(8) فالسرد يحول كل شئ إلى رسالة MESSAGE فبطل جويس في يوليسيس يقوم بسرد وقائعه ويومياته الحياتية بزمن محدد اختزن أزمنة العالم وموجوداته حتى اصبح هو بدوره داخل السرد الوجودي(9) ونجد عند بيكت أسلوباً آخر مثله بطله مالون الذي جعل من العالم والمحيط هدفاً لتحديد الذات من خلال التذكر والتخيل والاكتشاف للوصول إلى الأنا المتداخلة بأشياء مثل المعطف وبأدوات المطبخ والحديقة وبالسكون …. الخ، ولصعوبة الأمر يعتقد مالون أن العالم غيبوبة يحاول النهوض منها من خلال أربع قصص واحدة عن رجل، الثانية عن امرأة، الثالثة عن جماد، والأخيرة عن حيوان(10) لكنه في النهاية يجد أن في هذه القصص الأربعة قد تحدث عن نفسه لأنه لم يستطيع فصلها من العالم حيث لا تملك استقلالية عن الأشياء وليس بمقدورها أن تشكل لها حقيقة جوهرية بحيث تحولت الأنا إلى سرد متوحد بالأشياء لا تملك ذاتيتها الأصلية لأنها شئ ضمن الموجودات التي تختفي في حالة البحث عنها كما يقول بيكت "انتهى البحث عن ذاتي فأنا مدفون في العالم"(11) فهي مدفونة في العالم لأنها في حالة الوحدة التي تتجه نحوها الذات في حقيقتها المجردة من ذاتيتها التي تفرزها هذه الموجودات التي تقف أمامها الذات بوصفها مرآة كونها "موجودة من خلال وعيها ومن خلال انعكاس هذا الوعي عن الأشياء(12) تظهر فيها الذات من خلال العالم والموجودات كذات مجردة من ذاتيتها كما هي عند جويس وبيكت وروب غرييه الذي كان له الدور الفعال في إظهار هذا السرد في رواياته وأفلامه وسيناريوهاته وشخصياته التي يمكن أن تكون أحرفاً فقط كما في روايته ستائر النوافذ الخارجية** ونجدها داخل رواياته تتحرك وفق معادلات جبرية معقدة ومتداخلة تضيع فيها الذات بتمفصلات الواقع الخارجي وتذوب الأشياء المحيطة بالذات بسرد قصصي لصقت فيه الأحداث كصور داخل الزمان والمكان المتقاطعين بين لحظات الحاضر والماضي فقط حيث أن الزمان الروائي لا يفصح عن حركته المستقبلية.

السرد والنقد الحديث

إن الإرث المتراكم للأفكار والمعطيات القديمة التي أفرزتها الحضارة الإنسانية شكلت الدعائم الأساسية للأيديولوجيات التي كان لها الأثر في تكوين الخطوط الخلفية للنظريات النقدية المعاصرة حيث تجاوزت الأشكال النقدية القديمة كما كانت عليه في القرن التاسع عشر وبدايات القرن الماضي فالنظريات المعاصرة تضرب بجذورها إلى أفلاطون، أرسطو، افلوطين، الهرامسة وفلاسفة القرون الوسطى وصولاً إلى نيتشه وفرويد وهايدغر الذين يعتبرون الرؤوس الثلاثة في تكوين النظريات النقدية الجديدة التي ابتكرت مفهوم النص، الخطاب، السرد، التأويل، الشفرة، المتلقي.. الخ، ولم تنحصر في الأدب بل تعدته بدراسة الخطاب الاجتماعي والنفسي والسياسي على اعتبار أن العلوم الإنسانية ضمن وسائل الاتصال، وتأتي قدرة النقد المعاصر في التدخل بكل المجالات الإنسانية لمرونته المنهجية وشموله لمجموعة من الفلسفات المجتزئة كما أنها لا تستثني الأفكار الغنوصية واللاعقلانية في منظومتها إلا أنها تحيطها بالحداثة والعقلانية المعاصرة.

ينظر النقد الحديث إلى النص والسرد بشكل عام نظرة تأويلية تسهم في ربط الدلالات والعلامات الاتصالية اللغوية والفكرية بإشارات وعلامات تفسر البنى التحتية للنص محاولةً إيجاد المعاني الرئيسة لمحور النص وهذه المنظومة التأويلية تنظر إلى العلامات التي تختفي في المأكل، المشرب، الملبس، الايماءات، السلوكيات، الخ، كما هي عند بارت حيث ينظر إليها على كونها رموزاً وإشارات عالمية لها أصول تاريخية في الأسطورة والخرافة والحكايات الشعبية كما تداخلت في الشعر وفي الأدب بشكل عام حيث تتشكل كطرز قديمة متوارثة من اللاوعي الجمعي بتعبير يونغ وتظهر في الفعل الإنساني ومنه النص كسرد يؤطر حركتنا الفكرية المتنوعة التي تشمل الكلام، الكتابة، الإعلان، الدعاية، السلوك الفردي ووسائل الاتصال الأخرى فالنص المعاصر لا يحوي الحكاية كحكاية فقط بل كعالم واسع، ومن خلال قراءتنا له نجد أنه يتخذ أحياناً من العشوائية نظاماً لاختيار الرموز والعلامات وهذا ما يجعل السرد في أشكاله المتعددة ينقسم إلى قسمين رئيسيين هما: سرد مفهوم. وسرد لا مفهوم. وتنتمي الكثير من السرديات المعاصرة إلى القسم الثاني التي لا يحتل اللوغوس دوراً فعالاً في مضمونها وقد تجسد غياب اللوغوس في أعمال جاك دريدا التفكيكية وتداخلت في الفلسفة التي هي في أساسها سرد لوغوسي على يد جيل دولوز وكاتاري بنظريتهما السطوحية(13) وأخيراً وجدت هذه الأفكار التفكيكية مكاناً في السياسة وفلسفة الهيمنة التي جسدتها كتابات فوكوياما وهنتنغتون حيث تحتل فلسفة الفراغ الصدارة عند هؤلاء المفكرين بعد أن سيطرت فلسفة اللوغوس اكثر من عشرين قرناً، ولم تستثنى فلسفة الفراغ من النقد والنقض على يد دريدا باعتبارها مركزية غربية لان نظريته التفكيكة تقوم على مفهوم اللامركزية، ومن خلال ما وصلت إليه نظريات النقد المعاصر التي أخذت منحاً مخالفاً لغايات الفكر الإنساني وهي في حقيقتها ردة فعل على اتساع السرد الجديد الذي لم يفهم بالشكل الصحيح مما دفع دريدا إلى تدميره كلياً وهذا ما أثر على تكوين النظريات اللاحقة التي لم تستوعب وحدة الذات والموضوع التي دعا إليها هيكل وهوسرل وكثير من الفلاسفة.

مخاطر السردية

إن ظهور وحدة الوجود السردية لا يعني أن يكون السرد إيجابياً في جميع أشكاله فقد يستغل السرد لطرح أفكار غريبة أو منطوية على أفكار نقدية سلبية وتكمن خطورة السرد في شموله للوسائل الاتصالية، اللغة، الرائي، السينما، المسرح.. الخ. وهذا ما جعل حصر السرد لصالح الإنسان أمراً صعباً حيث تقف بعض المؤسسات وراء إنتاج السرد الذي يؤثر في السلوك الفردي والجمعي، فظهور شبكة WWW العالمية يعتبر احدث النماذج السردية التي تتوسع يومياً ناقلة لنا المعلومات الصوتية، الصورية، الكتابية، التي تسيطر عليها المؤسسات التجارية ومنها السياسية وحتى السرية مما يجعل فرز هذه المعلومات أمراً في غاية الصعوبة ولا يخفى أن شبكة WWW هي أول نتاجات العولمة في مجال الإعلام التي تمهد للعولمة الاقتصادية والسياسية وهي أخطر النماذج السردية التي ظهرت في القرن العشرين كونها تبدأ حيث انتهى دريدا فكتاب صدام الحضارات*** لهنتنغتون سرد تفكيكي في فلسفة الهيمنة يهدف إلى تحويل الأشياء والعالم والأفكار إلى ماركة (أمريكية) وهذا الأمر لا يتم إلا من خلال تفكيك (تدمير) الحضارات الكبرى والدول العظمى فهنتغتنون لا يقف حيث انتهى دريدا لان العولمة لا بد أن يكون لها مركز بعد تدمير كل المركزيات وقد تمثلت هذه الفكرة داخل الخطاب العولمي بمصطلح (القطبية الواحدة) التي تنهض على ركام الحضارات الآسيوية والأوربية فهنتنغتون لا يختلف عن فيلسوف التفكيك اليهودي الذي يرمي إلى تدمير الأفكار مستغلاً الموروث التلمودي والقبالي الذي يقف مختفياً وراء أفكار هذين المفكرين إلا انه واضح وجلي في العولمة التي تخطط إلى ضرب الأديان الكبرى (الإسلام، الكونفوشيوسية، البوذية، المسيحية) مع بعضها وقيام حضارة أمريكية جديدة لا يمكن أن تتمثل سياستها بأي من الأديان المذكورة بل بدين له خطاب مماثل لخطابها والذي نجده في النصوص اليهودية التي استفاد منها الاثنان أيما فائدة مما ينبئ بخطورة السرد القادم!؟.
-------------------

الهوامش:

* وحدة الوجود: مصطلح صوفي وفلسفي معقد جداً أثار حوله الكثير من ردود الفعل الدينية لما يضمنه من لبس في المفاهيم والمقررات. وهو فكرة فلسفية ترجع الكثرة إلى الوحدة، وأن المرآة تعكس صورة الشكل حيث تنظر وحدة الوجود إلى أن الشكل هو الحقيقة والصورة ليس سوى خيال.

** ستائر النوافذ الخارجية: رواية لـ (الن روب غرييه) ترجمها سعيد أحمد الحكيم نشرت في مجلة الأقلام العدد 11 السنة 12 / آب/ 1977.

*** صدام الحضارات: هو كتاب أطروحة العولمة لـ (صموئيل هنتنغتون) ترجمه طلعت الشايب 1998.

مجلة الثقافة الأجنبية – بغداد – العدد 2، السنة 1992، ملف السردية.

أدموند هوسرل: تأملات ديكارتية، ترجمة تيسير شيخ الأرض، دار بيروت للطباعة 1958، ص74-75-161-162.

وراجع ايضاً: د.زكريا ابراهيم، دراسات في الفلسفة المعاصرة، القسم الأول: مكتبة مصر، ص331 – 335 .

إيتالو كالفينو: السيد بالومار، ترجمة ياسين طه حافظ، دار المأمون بغداد – 1989 .

مجلة آفاق عربية –بغداد – العدد 2–1992، حوار مع كالفينو(السرد الواعي لذاته).

راجع رجب بدبوس: ثلاثي المثالية، مكتبة غريب –مصر - 1977.

سلامة الخطيب: نصوص الشكلانيين الروس، دار التنوير –بيروت – ص31.

الثقافة الأجنبية (ملف السردية).

شاكر نوري: الجن والمتاهة، لقاءات مع روب غريه، دار الشؤون الثقافية – بغداد – 1990، ص67 .

مجلة الثقافة الأجنبية –بغداد – العدد 2، 1984، دارسة عن يوليسيس، بقلم فلادمير نابوكوف.

صاموئيل بيكت: مالون يحتضر، ترجمة سعد الحسني–بغداد – ص7.

مالون يحتضر، ص29 .

الجن والمتاهة، ص80 .

جيل دولوز وكتاري: ما هي الفلسفة، ترجمة مطاع الصفدي، مركز الإنماء القومي بيروت 1997 .

http://www.alwah.com/alwah20/alwah20-5.htm
.
.
منذ أسابيع وجماعة السرد في نادي الرياض الأدبي مشغولة بوحدة الفنون عبر علاقة السرد بالتشكيل، وعلاقة السرد بالموسيقى، فلا عجب إذن أن تشغلني قضية هذا المقال السرد عبر وحدة الوجود..

المقال يقدم معلومات جيدة لكنه يصل إلى نتيجة دافعة إلى التفكير: أن شبكة WWW هي أول نتاجات العولمة في مجال الإعلام التي تمهد للعولمة الاقتصادية والسياسية وهي أخطر النماذج السردية التي ظهرت في القرن العشرين كونها تبدأ حيث انتهى دريدا فكتاب صدام الحضارات*** لهنتنغتون سرد تفكيكي في فلسفة الهيمنة يهدف إلى تحويل الأشياء والعالم والأفكار إلى ماركة (أمريكية) وهذا الأمر لا يتم إلا من خلال تفكيك (تدمير) الحضارات الكبرى والدول العظمى فهنتغتنون لا يقف حيث انتهى دريدا لان العولمة لا بد أن يكون لها مركز بعد تدمير كل المركزيات وقد تمثلت هذه الفكرة داخل الخطاب العولمي بمصطلح (القطبية الواحدة) التي تنهض على ركام الحضارات الآسيوية والأوربية فهنتنغتون لا يختلف عن فيلسوف التفكيك اليهودي الذي يرمي إلى تدمير الأفكار مستغلاً الموروث التلمودي والقبالي الذي يقف مختفياً وراء أفكار هذين المفكرين إلا انه واضح وجلي في العولمة التي تخطط إلى ضرب الأديان الكبرى (الإسلام، الكونفوشيوسية، البوذية، المسيحية) مع بعضها وقيام حضارة أمريكية جديدة لا يمكن أن تتمثل سياستها بأي من الأديان المذكورة بل بدين له خطاب مماثل لخطابها والذي نجده في النصوص اليهودية التي استفاد منها الاثنان أيما فائدة مما ينبئ بخطورة السرد القادم!؟.

هل هي مخاطر حقيقية؟
أو أنها مخاطر مشغولة بنظريات المؤامرة حينا على العرب وأخرى على الاسلام وثالثة على الانسانية كلها..؟
.
.

عبدالواحد اليحيائي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس