مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 05-09-2005, 21:21   #1
إبراهيم الوافي
وريث الرمل / شــاعــر وأديب
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ إبراهيم الوافي
 

رسالة لم تُكْتَب من ابن زيدون إلى ولادة ..!!


--------------------------------



هذه رسالة أخيرة ... أسقطها الحزن عنوة ...!


( كل فؤاد بما فيه يفضح )
كنت خائفا قلقا ياولادة بينما أتحسس خبرا .. لا أدري كيف غام الخيال بي ، وأدمعت شهقتي حين تذكَّرتُ قلقنا يوما ونحن نطيل البحث والاستفسار عن خريطة المدينة التي يسكنها المعنيون بالحب .. ، حين تزاوجت الجهات الأربع ، كنت وحدي أبحث عن جهة خامسة لتلتقي بها ... لم أكن يومها أمتلك فرسا أبيضا بحجم حلم فتاة تعشق الغيم وتتواعد مع المطر ..!
كنتُ فقط بجناحين من غبار مراهق وقصائد كثيرة جاءت كلها على البحر المنهك .. ضحكتْ كثيرا حين تسلقتُ بها سلمة الحلم في الوقت الذي كان الحديث بيننا كفيفا ..
قلتِ : مضى خمس عشرة دقيقة .. لكنني لم أرك بعد ..!
كنت على النقيض تماما إذ أسترق النظر غير مبالٍ باحتقان الشوارع بالآخرين ..
كلما ألصقت نظرة خاطفة فزَّ بي بوق فاره ..
لأول مرة ياولادة .. لاأراك ولا أبحث عنك، ولا يعنيني أمرك .. لأنني تلبستك ، وتركتكِ تهتمين بأمر نفسك كنت تحذرينني الطريق .. ثم تبتسمين قائلة لاتنس أنني : ( أعرف من أين يؤكل كتف الدرب ) ..
كانت الخارطة لم تستوعب بعد هذه الجهة الخامسة وبالتالي ظل الدوران حول مقعدها المجاور أمر حتمي شهي ، كنا نعيش لحظات عمياء نفتعل فيها العادية .ونستأجر الطريق ..! ..
حين دخلنا بوابة اللقاء كنت ملتصقا بك .. أجر ظلي وراءكِ بينما تنتصبين للريح كنخلة مُجهدةٌ عذوقُها من نقر العيون ، وكنتُ برغم ساديتي كفارس مقمر بوجع الانتظار وشوق المسافرين ،..!
المرأة التي تصبغ المكان بعطرها لاتترك لشاعرٍ يحبها فرصة الظهور إلا خوفا عليها وارتباكا بها .. وهكذا كان تاريخي معك ياولادة بدأ منذ تعثَّرأصابعي بفوّهةِ مفتاح الغرفة وهو يأذن لنا باللقاء ، وانتهى بانحسار الذكرى عليك .. حين كانت الذكرى ولادةَ د تاريخ جديد بلا مقدمات خلدونية ونظريات أفلاطونية .. !
تاريخ يكتبه المسافرون من وإلى قلوبهم .. ويتداوله العشّاق قبلةً لاتغيمُ بعدها العيون ..!
وها أنا الآن ياولادة .. على موعدٍ مع قراءة تاريخ المسافرين الجدد ، حين يقدّمون له بالتهويمات الخلدونية والمدن الأفلاطونية ..والهروب من قبضة الصدق ، حين لاتكون جنّة الأصدقاء إلا محفوفةً بالمكاره !
ها أنا يا ولادة بانتظار شحيحٍ أ سعل كعام هجري حزين ، وأتعاطى المسكنات بيد ترتعش كورقة امتحان في يد طفل ساهر حتى عويل الجرس الأخبر ..!
أيتها الأنثى التي عاشت معي فوق مستوى اللحظات ..
الم أقل لك من قبل؟!:
( على قدر أهل الشعر تأتي القصائد ) ؟!
أعرف أنك الليلة راحلة لا محالة ، وكذلك أنا لم يبق لي إلا أن أنتعل وجهي الذي طالت لحيته ، وتجحَّضت عيناه من سهر الحكايا والأغنيات الأثيرية ، على أن لا أقيس تضاؤلي أو هشاشة قدري وانتكاسة حلمي .. بضحكاتكِ الساديّة حين أتلو عليك ماتيسَّر من صورة الأمس ، ومرايا المساءات واتكاء الشفق على ساعد السحاب وأخيرًا شظايا القصيدة التي تبعثرت بين تباين المواقف وانفصام الحقيقة ، حيث يتوقف نهر الهذيان في بلاد الأمس لتفاجأ بجريانه العكسي من وراء ملامحكَ واشتقاقاتِ نضالكَ ..
حين يبحث الشاعر الأناني عن قناعة ياولادة لا يجدها في متناول سطوره ، حينما لاتشبع غرورها نغمة خاصة في هاتفه ، لكنها قد تقع عليه عنقود قصيدة كما هي حالتي ظهر هذا اليوم حين كان احتياجي لك فوق مكابرة الحقيقة وتجريب استبدال لشعراء ، فبينما كنتُ أسكب لك الماء لتأخذي حبة المسكن الراجفة تجلت لي شقائق النعمان ، وعناقيد النجوم وأطياف السادرين في ساحات مملكتك الشهية ، والمواعيد المجدولة والإيغال في مفردات اللوم والمقاطعة والسفر المنظَّم والمعد بصيغة دعائية تفتعل وقوع الظلم حين ترفضين إقراره مستشارا لدواخك ونزعاتك ..
منذ أسبوع بينما كنت أحاول جاهدًا أن نلتقي لدقائق نفتح فيها خزانة القصائد أقسمت أن لاأفتح ، باب ذاكرتي لهاجس ، ولا أسقيك ماء الملام ، لكنك كعادتك تجيدين مفاجأتي في الركن الأوجع من كل ممر نسلكه باتجاه ضوء الخلود : لكم جرفتني فيضانات غضبك ياولادة ..و كنت معك أهادن الريح دانما .. لكنَّ تناقضك المذهل بين رفض واقع ماثل واختلاق واقع قرين مرغوب يتحقق من خلاله خلود الانتصار والرغبة دائما في انكسار الشعراء تحت أقدام حبيباتهم هي ما جعلني أشرع في الخلود الوسطي وأكتفي فقط باستحضار البداية مهما سقط التاريخ الأخضر كله في فوهة المقارنة ..
كان كل هذا ياولادة بحة دامعة جدا ومؤلمة جدا على مستوى اللحظة ..
لكنها تشبه ألم ولادة القصيدة ..
يتشوَّك تاجها فأحيله ذهبا حين تخرجين به مليكة على عرش النشر ..
نعم أيتها الشاعرة البهية .. جاءت المقارنة ولادة القناعة التي دفعت بي بعد صلاة الفجر إلى الاستحمام في مسبح الطمأنينة والرضا والقناعة بما نحن مقدمان عليه ..
وعليّ ياسيدتي أن أختم رسائلي إليك بالعبارة التي انتشرت بعدنا على لسان الحكايا ..
( وأدرك قلبي الجراح فكف عن الحنين المتاح ...!)


لاشيء إن نحن متنا الآن يحيينا
لن يبعث الله من يحيي الهوى فينا

أصابعي لم تعد في راحتي ذهبت
تنقِّبُ الرملَ عن ذكرى تصافينا

( أضحى التنائي ) فهل تروي قصائدنا
ببابه في الضحى صمتَ المحبينا ؟!!




ابن زيدون
/ توفي في العام الثالث من الحب



قد أعود لنشر الرسائل الأولى ...!!
__________________




التوقيع:


أنا لم أصفعِ الهواء..
كنتُ أصفّقُ فقط ..!
https://twitter.com/#!/ialwafi




اخر تعديل كان بواسطة » إبراهيم الوافي في يوم » 06-09-2005 عند الساعة » 23:46.
إبراهيم الوافي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس