مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 09-03-2005, 16:48   #1
خالد الروقي
صــدى صمت .!
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ خالد الروقي
 

... " عيسرينةٌ " تُسـقى من ريقٍ آنيـة .!

.
/
.
\
.
/


... 1 ...


... ، تلكـَ الأمكنة التي لم تحضَ بشرف لقاءاتنا .. لاتزال باهتة تزداد تلاشياً وانغلاقاً على أسطحها .. عاشت صامدةً في وجه كل المحاولات الهادفة لطمسِ مايمكنه جمعَنا .. تحلمُ بنـا .. وتراودنا عن أنفسنا .. هاربةٌ هي من الموت قبل إحتضاننا .. وهاربون نحنُ من الإلتقاء فيها .. أنهكها البحثُ عنَّـا فماتت .. أو – إحتياطاً – تتجه نحو الموت .!



... 2 ...


... ، اللحظـات التي أعيانا إنتظارها .. تتلذذُ بمرورها على شواطئ الإحتضار . في الوقت الذي نمارس فيه نحنُ متعة المشاهدة .. قلوبنا تـئن تحت وطأةِ الترقب .. وقرنيّاتنا أنهكها الأفُقُ الذي يمتدُّ خلالها أو كأنّه كذلك .. فيأتي إمتداده شُهُبـاً .. ورجوماً لأطيافِ من نخالهم قادمين لامحالة .. بينما كل اللحظات تتسلّل نحو النهاية .. وكل ذلك دون شعورٍ منّا .. وربما منهم .!



... 3 ...


... ، كَـ قطرةٍ مُعلّقةٍ بين السماء والسماء التالية .. وكَـ طفلة أمطرَت بها الغيماتُ للأعلى.. فتعلّقت في خيوطِ البرقِ فكادت أن تَخطَف كلَّ الأبصار دهشةً.. وإبتهاجاً بنزولِ غيثٍ طفولي .. وشغَبٍ تحتكره تلكـ القطرة المعلّقة ها هُنا .. تُحدثُ كلَّ ذلك / يحدثُ لها .. بينما شفتـايَ تتصيّد كلَّ قطرةٍ تسقطُ في أيّ إتجاه .. فاغراً فايَ لايعلوه سوى شمسُ في منتصفِ " آب " .. وسماءٌ بلا نوافذ .. ولا أبـواب .!



... 4 ...


... ، ربما تكونُ ضمن عذابات الزمنِ المُرِّ .. وربما هيَ خارقةٌ للعاديّات والمنطق .. فلا تدنو .. ولا يكونُ لها حضورٌ إلاّ عند المشي إليها على يدين فقط .! أو حال مخاطبتِها بلغةٍ ليست رسميّة لأيٍّ من هؤلاءِ / أولئكـَ .. الذين رؤيتهم / محادثتهم / والسير معهم .. من الأشياء / التصرّفات الممكنة .!



... 5 ...


... ، أنـا لم أدقق البصر فيها .. ولم أركّزُه أيضاً .. فتلك كانت أوّلَ مرّةٍ يفجعُني حضورُها .. وكلُّ مامنها كان يتنافسُ على تشخيصِ كلِّ مالديّ من نور ليبقى في نقطة منتصفِه / عُمقه ..! ولوّ كنتُ أعلمُ ماسيترتّبُ على مرِّةٍ عابرة .. لتمعنتُها .. وتعرّيتها .. وحفظتُ عن ظهرِ حِسّ .. وعنْ ضوءِ حـرْف .!



... 6 ...


... ، هِيَ تَدّعـي بأنَّها مُثقلةٌ بالمـوت .. وأنا أبهتُها بأنَّها محمَّلةٌ بالحيـاة الدنيا .. والأخرةِ أيضاً – توبةٌ نصوحٌ – لكن لا أدري لماذا كان الخلودُ يخالجني أثناء تلكـَ المـرَّة .. التي ذهبت دون أنْ استبقى من تلك الأحاسيس التي خالجتني مثقالَ ذرةٍ من " قُبْـلةٍ خاطفة " ..!



... 7 ...


... ، سيّدةُ الشـذى هيَ .. وكُلّ العطرِ أنفاسٌ لرئتيها .. شهيقُها يوقفُ كُلَّ نَفَسٍ منّي ومنْ مُحيطـي دقيقةَ صمتٍ لأفضليّة مرور رائحة المطر للداخـلْ .. وتَنهيدتها تجمعُ النحلَ حولَ ذاته .. ومَلِكَـاتِه .. أُنثى أطرافُها بتـلاتُ " توليب " .. وحوافّها منابتٌ لكُلِّ بُرعمٍ لا يُسقَى إلا من ريقٍ آنيـة ..!



... 8 ...


... ، أشعـرُ بأنَّ في ثناياهـا قصيدةٌ كُتِبت بـ " دهنِ العـود " .. أيّامَ بُلوغِ أوَّلِ سبيلٍ إحتفَـلَ أبنـاءه بزكاةِ حضـورها رُغماً عنها .. وبخُطواتِ شياطينها .. وما أسبغه عليها الغـاوُون من قلائدَ .. تبدو وكأنَّها عُلّقت على جدارٍ مقدَّس ..!



... 9 ...


... ، تُغيثُ الروحَ .. وتسكنُ مراويحَ الغيمِ .. فتبرحُ السماءَ على إمتدادها .. وشاسعَ مداها .. تترنّح بكلِّ زُرقتها وكوكبِها .. وذلكـَ لـِ تمكّنِ الشعاعِ من بؤبؤ بابها التــاسع ..! فَتُضيعُ كلَّ ماقد تلبَّدَها من مواطنٍ للماء .. وبلا توطئـات .. يتبَنَّى الجفافُ حتَّى تكوّنَ سبعاً طباقاً من صحـاري ..!



... 10 ...


... ، وحدُها لاتزولُ بالتقـادمِ .. ولا تزدادُ ذكراها سـوى تغلغلاً / ولوغاً .. تماماً كجذور الفتنةِ .. وشـرارةٍ تقفُ خلفَ حريقٍ لاينطفئ .. وخيوط " عيسرينةٍ "(1) جوف الصخور ..! تنسابُ كـَ " دهنِ العودِ " ذاكَ .. بينها .. وبينها .. لاتتجاوزها .. ولا تمارسُ الجزرَ بحقِّ حوافِّها ..! لذا .. تتجه اللحظاتُ بكلُّ الأمكنة .. نحو الموت الذي تدّعي بأنَّهُ أثقلها .....!!!


.
/
.
/
.

... خ.الد.!




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)عيسرينة : نوع من فصيلة المحار له جذر يثبت في الصخور وهو على شكل يشبه الخيوط .

التوقيع:

... قِيـل بأنَّه مات في عمليّةٍ " أُنثــويّة " ، .. وقيل غير ذلكـ .!
خالد الروقي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس