مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 02-04-2004, 20:30   #92
الجازي
 
الصورة الرمزية الخاصة بـ الجازي
 




من الرسائل الرائعه من جبران إلى ميّ والتي أستوقفت عندها كثيراً..







لا يامي , ليس التوتر في اجتماعاتنا الضبابيه بل في اجتماعنا الكلاميه , مالقيتك في ذلك الحقل البعيد الهادىء إلا وجدتك الصبيه العذبه العطوفه التي تشعر وتعرف كل الأشياء وتنظر الى الحياة بنور روحها .

لكن ماأجتمعنا بين سواد الحبر وبياض الورق إلا رأيتك ورأيتني أرغب الناس في الخصام والمبارزه – المبارزه العقليه المفعمه بالقياسات والنتائج المحدوده .

الله يسامحكِ .. لقد سلبتني راحة قلبي , ولولا تصلبّي وعنادي لسلبتني ايماني .. من الغريب أن يكون أحب الناس الينا أقدرهم على تشويش حياتنا ..

يجب الا نتعاتب ., يجب أن نتفاهم ولا نستطيع أن نتفاهم الا اذا تحدثنا ببساطة الأطفال .. أنتِ وانا نميل الى الإنشاء بما يلازم الإنشاء من المهاره والتفنن والتنميق والترتيب .

قد عرفنا انتِ وانا , أن الصداقه والإنشاء لايتفقان بسهوله .. القلب ياميّ شيء بسيط ومظاهر القلب عناصر بسيطه , أما الإنشاء فمن المركبات الأجتماعيه ..

ماقولك في أن نتحول عن الإنشاء إلى الكلام البسيط ؟

" انتِ تحيين فيَّ وأنا أحيا فيكِ , أنتِ تعلمين ذلك وأنا أعلم ذلك "

أليست هذه الكلمات القليله أفضل بما لايقاس من كل ماقلناه في الماضي ؟

ماذا ياترى كان يمنعنا عن التلفظّ بهذه الكلمات في العام الغابر ؟

أهو الخجل أم الكبرياء أم الأصطلاحات الأجتماعيه أم ماذا ؟

منذ البدء عرفنا هذه الحقيقه الأوليه فلماذا لم نظهرها بصراحة المؤمنين المخلصين المتجردين ؟

لو فعلنا لكنا انقذنا نفسينا من الشك والألم والندم والسخط والمعاكسات , المعاكسات التي تحوّل عسل القلب إلى مرارة وخبز القلب إلى تراب .. الله يسامحك ويسامحني .

يجب أن نتفاهم , ولكن كيف نستطيع ذلك بدون أن يقابل الواحد منا صراحة الآخر بالتصديق التام ؟

أقول لك ياماري , اقول لك امام السماء والأرض وما بينهما , أنني لست ممن يكتبون " القصائد الغنائيه " ويبعثون بها الى الشرق وإلى الغرب كرسائل خصوصيه , ولست ممن يتكلمون صباحاً عن نفوسهم المثقله وينسون مساءً نفوسهم وأثمارها وأثقالها .. لست ممن يجيدون في ايامهم ولياليهم الفسحات الفارغه فيشغلونها بالمداعبات الغزليه .. ولست ممن يستصغرون أسرار ارواحهم وخفايا قلوبهم فينشرونها أمام أيــّة ريح تــهبّ

أنا كثير الأشغال مثل بعض الرجال الذين يتوقون إلى العظيم والنبيل والجميل والنقيّ , وأنا غريب مستوحد ومستوحش مثل بعض الرجال , لاأميل إلى البهلوانيات عند الناس بأسماء حسنه وبنعوت أحسن ..

أنا يامي ّ مثل جارك وجاري .. أحب الله والحياة والناس , ولحد الآن لم تطلب مني الأيام أن ألعب دوراً لايليث بجارك أو بجاري .

لمّ كتبت إليك في البدايه كانت رسالتي دليلاَ على ثقتي بك .. لما جاوبتني كان جوابك دليلاً على الشك .. كتبتُ مضطراً أجبتني متحذّره .. حدثتك عن حقيقة غريبه فأجبتني بكل لطف قائلةٌ " عافاك ياشاطر ماأحسن قصائدك الغنائيه " أنا أعلم جيداً أنني لم أتبع إذ ذاك السبل المألوفه .. وأنا لم أتبّع ولن أتبع السبل المألوفه ..

وأنا أعلّم تحذّرك كان من الأمور المنتظره , وهذا .. هذا سبب ألمي لأنني لم أنتظر المنتظر .. ولكن هل بأمكاني اظهار تلك الحقيقه لغير ميّ ؟

والغريب أنني لم أندم بعد ذلك .. لا لم اندم بل بقيت متمسكاً بحقيقتي راغباً في اظهارها لكِ , فكتبت اليكِ مرات عديده وكنت أحصل بعد كل مره على الجواب اللطيف من كاتمة أسرار ميّ , وهي صبيه ذكيه تعيش في القاهره بمصر , ثم ناديت وناجيت , وكنت احصل على الجواب ولكن ليس من تلك التي " أحيا فيها وتحيا فيَّ " بل من امرأه متشائمه تأخذ وتعطي معي كأنها المدعّي العمومي .. وكأنني المدّعي عليه .

وهل أنا ناقم عليكِ ؟

كّلا , لكنني ناقم على كاتمة أسراركِ .

وهل حكمت عليكِ حكماً عادلاً أم غير عادل ؟

كّلا . لم أحكم أبداً .. إن قلبي لا ولن يسمح بايقافك أمام منصةّ القضاء , قلبي لا ولن يسمح لي بالجلوس عليها .. أن مابنا يقصينا عن جميع المحاكم , ولكن لي رأي في كاتمة أسرارك وهو هذا :

كلما جلسنا لنتحدث تدخل علينا حضرتها وتجلس قبالتنا كمن يستعد لتدوين وقائع جلسه من جلسات مؤتمر سياسي . أسألكِ ..

أسألكِ ياصديقتي هل نحن بحاجه إلى كاتمة الأسرار ؟

هذا سؤال مهم إذا كنتِ حقيقةً بحاجه إلى كاتمة أسرارك فعلّي .. إذاً أستدعي كاتم اسراري لإنني أنا ايضاً أريد تسيير أشغالي على الطراز الأول !

أتريدين كاتم أسرار أسراري أن يكون معنا ؟

انظري ياميّ : ههنا طفلان جبلاويان يمشيان في نور الشمس , وهناك أربعة اشخاص أمرأه وكاتمة أسرارها ورجل وكاتم اسراره .. ههنا طفلان يسيران يداً بيد .. يسيران بارادة الله ..

وهناك أربعة أشخاص في مكتب يتجادلون ويتحاجّون ويقومون ويقعدون .. وكل منهما يحاول اثبات مايظنه بطلاً في الآخر.. ههنا طفلان , وهناك اربعة اشخاص
فألى أي جهة يميل قلبك ؟
قولي لي إلى أي جهة؟

آه لو تعلمين مقدار تعبي مما لا لزوم له .. لو كنت تعلمين مقدار حاجتي الى البساطه .. لو كنتِ تعلمين مقدا حنيني إلى المجرد .. المجرد الأبيض , المجرد في العاصفه .. المجّرد الذي يبكي لايستر دموعه .. المجرد الذي يضحك ولا يخجل من ضحكه – لو كنتِ تعلمين , لو كنتِ تعلمين ..

" وماذا أنا فاعل في هذا المساء "

ليس الوقت مساءً نحن في الساعه الثانيه بعد منتصف الليل فالى أي مكان تريدين أن نذهب في هذه الساعه المتأخره ؟

الأفضل أن نبقى هنا في هذه السكينه العذبه .. هنا نستطيع ان نتشوق حتى يدنينا الشوق ..

هاقد قبّل النعاس عينيكِ .. نامي ياصغيرتي .. نامي فأنتِ في وطنك ..

أما أنا فسوف أسهر وحدي .. علي أن أبقى خافراً حتى الصباح .. قد ولدت لأبقى هكذا ..

الله يحرسك دائماً

جبران




الجازي غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس