الموضوع: دموع .. نقيّة !!
مشاهدة مشاركة بصفحة مستقلة
قديم 14-08-2004, 02:31   #1
يعــرُب
عضو شعبيات
 

دموع .. نقيّة !!





قد لا أكون بذلك المزاج الذي يجعلني قادرا على الكتابة
ولو سطر واحد ...
ولكن أخاف أن لا استذكر ما حدث مرة أخرى
ومن هنا ...
وفي احد أيام الخريف ...
اقصد أول خريف بعد إحداث الحادي عشر من سبتمبر
كنت اجلس في احد الحدائق العامة في بلد .. إفريقي
والأوراق المتساقطة من الأشجار متناثرة في شتى أرجاء المكان
وبدت عليها مظاهر الانحناء من شدة الجفاف الذي أصابها
هبت رياح خفيفة ...
ومعها بدء راسي يتجه من أعلى إلى أسفل
وعيناي تتبع تلك الورقة الساقطة .. أترقب انهيار حياة .. ورقة
تذهب في مهب الريح .. أو تتكسر تحت الأقدام العابثة

حتى ..
تقدم رجل مُسن يمشي بخطوات مُتثاقلة تسمع فرقعة ألاوراق الجافة
تحت قدمية ..
جلس في مقعد حجري أمامي .. تبادلنا نظرات سادها صمت مصطنع مني
شد انتباهي ..
ذلك المعطف الذي يبدوا عليه انه من بقايا الحرب العالمية الأولى

ألقيت عليه التحية ..
ولكن بقيت تلك النظرات الصامتة على حالها
عُدنا الى صمتنا الذي يشوشه صفير الرياح الخفيفة

ملامحه المُحيرة ..
جعلتني أتشجع لمحاولة أخرى .. لكسر الصمت
وبشجاعة مغلفة بخوف .. قلت له هل هذا المكان يحمل ما يسر ذاكرتك
تجمعت خطوط غائرة في جبهته تدل على أن السنون أخذت منه الشيء الكثير
بدت دموع تجري في مقلتيه .. لكن قسوة الزمن منعت خروجها

ساد المكان صمت رهيب ..
اخرج من جيبه منديل مُحاك حرف في احد أطرافه .. بدأ بتردد في مناولته لي
لكني أسرعت في الحصول عليه ..

قال ..
هل تشعر برطوبته .. هل تشعر ببقايا حزن متناثرة عليه
تهربت من الإجابة عليه .. قائلا
هل هو ملك لها .. ؟
التفت لي ونظرات الاحتقار تكاد أن تقتلني ..
وبعد صمت قصير .. قال لا .. انه خاص بي

ولكنها ..
تركت ما يذكرني بها سنوات طويلة مضت .. وسنوات متبقية
تركت عليه .. دموع نقيّة .. !

أصابتني الدهشة من وفاء العجوز .. تركت مقعدي مُودعا له
وتكاد أقدامي أن تغوص في ارض تشققت من شدة الجفاف

أخرجت ...
منديلي من جيبي وأنا انظر له بحسرة وألم ..
نظرات تتلوها نظرات .. ولسان حالي يقول له !!

هل ..
ستنال فرصة الحصول على .. دموع نقيّة .. ؟؟






يعرُب

يعــرُب غير متواجد حالياً   اضافة رد مع اقتباس