[يعــرُب]

في هدوء الليل ..
وعلى ضفاف النهر..
وفوق تلة صغيرة بقرب النهر جلس جدي
شاهدته من بعيد ثم اقتربت ..
افترشت العشب الأخضر واستلقيت على ظهري
أشاهد السماء ..

قمر مضيء .. ونجوم برّاقة
تمد نظرك معها فتعطيك الأمل ..
القدرة على الوصول .. إدراك البعيد

سكون الليل .. يفرض عليك الهمس
نسمات هواء باردة .. تحمل معها رائحة العشب
رائحة طين خصب امتزج بمياه عذبة ..
.. تزيل حرارة نهار شاق
أصوات الحشرات اختلطت بسكون الليل فأصبحت
جزءا منه ..

نظرت إلى مياه النهر وهي تتدفق برفق وانسياب
صورة البدر .. ارتسمت على مياه النهر
أشعة تخترق مياه صافية تصطدم بقاع النهر

سالت جدي ..
أين تنتهي السماء ؟؟
لم يرد .. ولكنه قال
هل تعرف غضب السماء ؟؟
هل شاهدت وجه السماء وهو ملطخ بالدماء
هل رأيت سُحبا حمراء ؟

قال ..
إن وجه السماء شاهد على كل غدر وخيانة
على كل مؤامرة .. على كل معصية وإثم
وعلى كل حرمان وألم .. وفقر وحاجة

ثم قال ..
عندما كنت صغيرا كان وجه السماء
أفضل من الان ..
الان يبدوا وكان طبقة سوداء شفافة
التصقت به وأصبحت ملازمة له أينما ذهبت
السماء هي السماء هنا أو هناك

ربما يا بُني .. حينما تكبر
تتحول تلك الطبقة من شفافة إلى غلاف
داكن السواد.. لا تستطيع أن تشاهد ما خلفه
كان الله في عونك ..

لحظات صمت وتأمل ..
في صورة مطبوعة للبدر على وجه مياه النهر
خدش تلك الصورة الجميلة بقعة سوداء
بدأت تكبر وتحجب وجه البدر الجميل

قام جدي وشرع في صلاته ودعواته
لزوال تلك البقعة السوداء التي أحكمت طبقتها
على وجه القمر بالكامل ..

ذهول ورعب وخوف ..
من منظر أشاهده للمرة الأولى
متابعة لجدي وهو يصلي
ونظرات تحمل حسرة الفاقد لشيء جميل
اعتقدت أني لن أشاهد القمر مرة أخرى
لقد اختفي .. وهو يعني لي الشيء الكثير
هو رفيقي الذي أناجيه كل ليلة ..
هو الأمل الذي أترقب الوصول إليه

وبعد أن مضي وقت بدأت تنقشع
تك البقعة بتدرج إلى أن طلع القمر بوجهه
المضيء .. وعاد وهو يحمل آمالي معه

توقف جدي عن صلاته وشكر الله على كل نعمة
ورجعنا إلى حديثنا ..
نظرات ثابتة تُطالع صورة البدر على وجه مياه النهر
نتمتع بذلك المنظر الذي تكسر مرة أخرى
بتساقط رذاذ المطر على مياه النهر
وتكسرت كل صورة أخرى مضيئة للسماء

قال لي جدي ..
لنعد يا بُني إلى الدار قبل أن يشتد المطر
وتذكر ..
ان المطر سينتهي .. ولكن البدر سيبقى يرسم
صورته على مياه النهر إلى .. قيام الساعة






يعرُب