سيدة المقهى
تقترب قليلاً .. تختصر جميع ما في الأرض من خطوات .. تزرع الضباب من حولها فتبدو و كأنها هالة من الغموض .. تهرع اليها القلوب التي فقدت نبضها لتشحذ من كل خطوة تخطوها طعم المغامرة ، تزلزل كل ما بداخلك من تبلد .. تحيي ما قد مات من إقدام .. تلهث الأنظار خلفها .. تلاحقها .. و ترسو حيث ترسو على مقعدها الخشبي في زاوية المقهى و تستقر كزهور في أنية من البورسلان . تلتقطها الأنفاس و تحتفل بها المقاعد و تغني لها الأضواء الخافتة و ترقص لها جميع ما في المقهى من ملاحات و أكواب و زجاجات .. تزهو حتى يخجل الزهو من زهوها .. تسمو حتى يتواضع السمو .. تتعالى حتى تصبح الأشياء من حولها قبيلة من الأقزام ، تستقر في خشوع و تخشع في استقرار .. ترفع غيمة الزجاج من فوق ناظرين معلنة عن بداية الإبحار في جو ٍ لا يعرف إلا الصفو .. في جو ٍ هجرته الأمطار .. في جو ٍ تتعلم منه الشفافية شفافيتها .. إنها الصيف الذي إغتال جميع ما بداخلنا من جليد .. جميع ما بداخلنا من قمم ٍ متجمدة .. جميع ما بداخلنا من تبلد ٍ تغطيه الكنزات الشتوية . فنجان القهوة يبحث عن سيدته .. يهرع في سكون ليكون الأول و الوحيد في المقهى الذي يقبل أجمل شفتين .. تلك الشفتان اللتان التهمت المستحيل من الأحمر و جعلته يسجد فوق شفاه ٍ من العنفوان الذي لم يعرف له مثيل ، الفنجان يكاد يتكسر من فرط عدم احتماله لملامسة السحر الكامن داخل شفاه ٍ تختصر كل ما لا يُـختصر ، و يتنفس الفنجان الصعداء بعد رحلة بدأت و لا تعرف انتهاء .. فجميع ما فيها أبتداء جميع ما فيها لا يعرف معنى النهايات . جميع ما فيها يسخر من كل ما حوله من بلاهة لا تـُـبرر .. جميع ما فيها يقهقه على أعين ٍ لم ترى إلا ذلك الأسود الكامن في عينيها كأنه مصب ما أتى منحدرا ً على متنها قادم من ليل شعر ٍ لا يعرف إلا السهر .. جميع ما فيها ينتصر و يزرع الهزيمة أغلالاً داخل كل من اعتقد أنه قد فاز و لو بلفته. تقف .. و تودع من خلفها جميع الأكواب و الملاحات و الزجاجات غير آبية ٍ بما سوى ذلك .. و تضع الغيمة الزجاجية فوق أجمل و أصفى و أنقى بحيرتان تاركة خلفها قمما ً من الجليد المنهار على أرض الواقع و تنسى في المقهى أزكى ذاكرة ٍ نستنشقها لتذيبنا في عالم ٍ من العطر الذي آبى إلا أن يجلد ما في داخلنا من ذاكرة لا يلغيها الزمن .. و أكتشف كغيري من القابعين في ذاكرة المقهى أن فنجان القهوة الذي أمامنا أصبح فنجانا ً من الجليد .. فقد رحل الصيف بكل ما به من حرارة .. بكل ما بنا من حرارة .. بكل ما بنا من ذاكرة لم تعد تذكر إلا سيدة المقهى . |
رد : سيدة المقهى
إقتباس:
لاشك ماقرأته شخصية من جاذبية لا تليق الاّ بـ شهرزاد الأسطورية وأنبهار تصويري لها .. الف امنيه وامنيه .. والف ليلة وليلة كتابة http://www.sh3byat.com/vb/images/icons/damn.gif |
رد : سيدة المقهى
الجازي..
شهرزاد هي كل أنثى تجد نفسها في زمنٍ ليس للأحاسيس فيه قيمه أشكر مرورك و أقدره |
رد : سيدة المقهى
برفقة قهوتي هذا المساء استمتعت بدهشتك لهذه المرأة التي فتنت شهريار شكرا لمشاركتنا هذا الجمال tsh5 |
رد : سيدة المقهى
شهريار ..
شكراً لـ مقاسمتنا رغيف البوح .. باقات من البنفسج .. ::mov:: |
رد : سيدة المقهى
نـــورة العجمي..
شهريار أسطورة الرجل الطفل.. شكراً على إستمتاعك |
رد : سيدة المقهى
النجدية..
الشكر يسبقنا لشكرك |
رد : سيدة المقهى
من يملك هذا القدر من الجمال
يستحق الكتابه عنه رائع قلمك |
رد : سيدة المقهى
شهريار
كنت هنا حيث أخذني حرفك لأقصى حدود الدهشة .. لله ما أجملك .. ود وورد |
الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +4.
الوقت الان » 16:25. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يكتب في الموقع يعتبر حقوق محفوظة لموقع شعبيات- شبكة الاقلاع