شعبيات

شعبيات (http://www.sh3byat.com/vb//index.php)
-   ذاكرة العرب (http://www.sh3byat.com/vb//forumdisplay.php?f=96)
-   -   صباح الموت، يا أمي . (http://www.sh3byat.com/vb//showthread.php?t=18660)

اللمَىّ 06-07-2010 02:29

صباح الموت، يا أمي .
 
من أجل المسابقة ..


.
.


إلى .. أمي ،، وكل من تعلّق بي ، وأحبنّي كثيراً ذات يوم .

أشعر بأن صباحي هذا مُختلف عن تلك الصباحات ، أشعر بأنني لست أنا ، وكأنني أصبحت امرأة أخرى
مع أنني على سريري الأبيض ، وفي غرفتي البيضاء ، أراقب كل التفاصيل ، وكأنها جديدة عليّ
رغم أنها هذه المرة الثانية بعد المئة ، التي أراقب فيها ، وفي كل صباح أنظر إلى الأشياء بعين أخرى
وكأنني لم أراها بالأمس وقبل الأمس وقبل قبل الأمس !
أتعلمون لماذا ؟
صباح هذا اليوم ، تكللت نجاحات المرض ، ونهش الخليّة الأخيرة ، بعد مصارعة أربعة أشهر
وأنا أبتسم ، أقسم بأنني لا أشعر بالحزن على نفسي ، جلّ مايحزنني ، أمي التي بكت كثيراً من أجلي ،
وصلّت ودعت كثيراً ، كنتُ أواسيها مع أنني أنا الراحلة ، أعلم جيداً بأنني ابنتها الوحيدة ،
التي ما أنجبت قبلها ولا بعدها أحداً ، فأنا بكرها ، تلك التي حلمت بها أيام مراهقتها ، فهي ستحمل بها تسعة أشهر ، ثم سترعاها مثل رعاية جدتي لها ، وأيضاً ستتحاشى أخطاء جدتّي ، من أجل أن أحظى بأفضل رعاية من أم ، تمنتني كثيراً ، وقضت الأيام تفكيراً فيني !

وهاهي الشعرة الأخيرة ، أحتظنها بكلتا يديّ ، تلك التي واجهت كل الصعوبات ، ولكنها لم تستطع التحمل أكثر
هاهي سقطت مثل من سبقنّها ، لقد قاومت الكيماوي بأكثر مما تستطيع ، ولكنّه الأقوى ،
فقد قتلهن جميعاً ، وأصبحت بفضل قوته امرأة فاقدة لكل معاني الأنوثة !
ولكننّي أبتسم أيضاً ، لا أشعر بالأسى أبداً ، ها أنا أرى شعري الطويل والجميل بنعومته ،
ذهب إلى تلك الحورية الساكنة في السماء ، في جنة الله سبحانه وتعالى ، وأصبح أطول وأجمل ::heart::

أتعلمون؟ ، منذ أن أصبت بالسرطان ، وأنا أشعر بأن ربي أنزل عليّ راحة من السماء
أقسم بأنني لم أشعر بهذه الراحة فيما سبق ، تلك الراحة التي طهرتني ، رفعت الذنوب عنيّ
رحماك يا الله .. كم أنت رحيم ، هوّنت علي مصابي ، فأرجوك هون رحيلي على أمي ::heart::

أمي الحبيبة ..
كل الحروف من أجلكُ جندتها ، مثلما يجنّد الملوك جنودهم من أجل الدفاع عن وطنهم
ها أنا سأكتب لكِ ، حتى تنتهي الأيام المعدودة التي سأعيش فيها على متن الحياة الدنيا
أرجوك أمي ، لاتحزني إذا فقدتني ، انظري إلى أين سأذهب وابتسمي ، ألا تعلمين بأنني
سأذهب إلى من هو أرحم منكِ عليّ ؟
جوريّتي الحمراء .. إذا مررتي بغرفتي ذات يوم ، وتذكرتني عندما كنت أحكي لكِ ، عن حلاوة الأيام
ومرارتها معي ، ابتسمي ، ها أنا أعيش ولا يوجد أي معنى للمرارة ، فقط الفرح
فربي وربُك ، أكرمني على صبري حيما مرضت ، وإن شاء الله جعلني ممن يدخلون الجنّة بغير حساب
ألم تكوني تدعين ليّ ، بأن أسكن في أعلى مراتب الفردوس ، وأنتِ تشاركينني الفرح العظيم؟
إذا لماذا البكاء ، وإرهاق الروح ، من أجل من رحلت إلى مكانٍ لايعلم أحد عن حلاوتُه .

أمي ال ال ال .. لا أعلم ماذا سألقبك هنا ، لايوجد لقب أشعر بأنه سيرضيني من أجلك ..
ابنتك ذات العشرين عاماً ، هاهي تودع عامها العشرين ، لن تخوض في تفاصيل العشرين
مثل الواحد وعشرين ، واثنين وعشرين ..
هنا اكتفت ، هنا تلذذت بالكثير ، أشعر بأنني أملك خبرة سبعينة ، تعلمت الكثير ، وبدأت تسرد خبراتها
شيءٌ جميل ، هاهم يستمدون مني براءة الروح ، يستشيرونني في أمورهم الحياتيّة
مع أنني لم أتعدى العشرين عاماً ، ولكنّها عشرين عام بالعمر الميلادي ، وسبعين عام بالعمر الروحي
والعمر الروحي يختلف عن العمر الميلادي ، بأشياءً عديدة ، العمر الروحي هو الذي يبيّن
عقلانيّة الشخص وبعد مداه وصحة أفكاره وحياته .

أحبائي الذين عرفتُهم طيلة عشرون عام ..
أرجوكم مع كل صباح ، حينما يردد المؤذن : حي على الفلاح
تذكروا تلك التي كنتم تحبونّها لأنها هي ، لأنها تحبكُم وتراكُم كطيور غردت في سمائها
أرجوكم في كل ليل ، حينما ينام الناس ، وتهدأ الأرواح ، بشهيق تأخذه وزفيرٌ تخرجه
أفيقوا من نومكُم ، أشعروا بأن جنة الله قريبة ، ثم صلوا صلاة الليل وكبروا ،
رددوا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
ثم أسجدوا سجدة طويلة ، أدعوني فيها بظهر الغيب ، أخبروني ماذا فعلتُم منذ أن رحلت !
أخبروني كيف الحياة معكُم ، ولأنني في جنّة الله ، ستصلني الأخبار بإذن الله ::heart::

إليكُم يامن كنتُم دخوناً رفّه حياتي ، واستنشقتُ فيهم طوال سنيني العشرين تلك الرائحة العميقة
المفعمة بالجمال والفخامة ، أذكروني كلمّا رأيتم امرأة سبعينية تجسّدت فيها الحياة بأشكالها المختلفة !

وأخيراً .. إلى أمي ، لن أختم الحروف الأخيرة إلا بكِ .
أنا مترفة يا أمي ، هل سبق ورأيتِ شخصاً مترفاً بالحزن؟
نعم ، أشعر بالترف ، أشعر بأن الحزن تغلغل إلى نخاع العظم بعد أن كسر حواجز العظم
ولكنني سعيدة رغم حُزني فأنا مؤمنة يا أمي ، علمتني في كل الأحوال أن أكون راضية بجميع مؤن العيش
وها أنا اليوم طبقتُ درسك في الإيمان ، صليتُ صلاة الصبح ، وقضيتُ وقتاً كثيراً بالصلاة
لا أعلم لماذا كان حدسي يخبرني بأنها آخر صلاة ، آخر ماسيكتب في ميزان الأعمال
أتعلمين لماذا أنا حزينة ، وسعيدة في الوقت ذاته ..
حزينة لأنني لن أنام ويدي تحتظن يدكِ ، وسعيدة لأنني سأرتاح بعد عناءٍ طويل .
أدعي لي يا أمي ، فأنا راحلة لحياة البرزخ ، أحتاجُ إليكِ ، فأدعي لي
مع كُل صلاة ، وبين كل آذانٍ وإقامة ، وإذا نزل الله إلى السماء السابعة ::heart::

( جُزء من النص مفقود )

.
.


وضعتُ نفسي في مكان تلك الطاهرة ، ولكنّها رحلت وبقيتُ أنا !

اللمَىّ ... 5 / يوليو / 2010

يمنع النقل بذكر مصدر أو بدون .

سند الدغيلبي 06-07-2010 03:16

رد : صباح الموت، يا أمي .
 
اللمى
ساعتبر نفسي لم اقراء حرفا ليس
رحمة ربي اوسع وارحب والحياة والموت لا يحكمها مرض او علاج ولا حتى مبضع طبيب

اللمى
لا للتشاؤم لا للحزن
اعلم ان الالم كبير لكن رحمة الله أكبر عشت الالم سابقا وحاليا أعيشه لكن لم ادعه يسيطر عليّ

اللمى
بكل صدق انظري بعين المتامل للحياة ودعي جانبا كل امر قد يسبب ألما

اللمى
ليزرع كل فرد منا بداخله بذرة امل ويرعاها و يحافظ على سلامتها

ابتسمي وكوني فتاة العشرين كما هي حياة وجمال و طموح

سطور دامية اللمى كانت
والم مرعب سكنها

اسبغ الله عليك لباس الصحة والعافية
وازال كل الم سكنك

اللمَىّ 06-07-2010 03:32

رد : صباح الموت، يا أمي .
 
.
.


الأخ ، سند
أو تعلم لست أنا تلّك المريضة ، فقط وضعتُ نفسي وتخيّلت لو أنني هي؟
أعتبّ عليك ، لم أجد أحداً بتفاؤلها وإيمانها ..
شكراً لك ومرورك '

سند الدغيلبي 06-07-2010 11:29

رد : صباح الموت، يا أمي .
 
اللمى
قرات النص هنا تدع من الجميع
يعيشه بكل تفاصيله الدقيقة

عتبك حق مشروع لكن النص مسيطر
ويدعو الجميع لاطلاع العنان لابعد نقطة قد يتخيلها إنسان

اللمى
اسال الله العظيم رب العرش العظيم أن يبعد الالم عن انفسنا وابداننا
شاكر لكِ

عنود 08-07-2010 07:10

رد : صباح الموت، يا أمي .
 
تقمصت الدور جيدا
حتى لكدت أصدق انك هي
حروفك رقيقة كرقة هذه المأسآة الحزينة
:55:

منتهى القريش 10-07-2010 21:32

رد : صباح الموت، يا أمي .
 
اللمى

سامحك الله .. الدمع في عيني كـ الضباب ..
أتقنتِ تقمص الدور بحرفنة موجعة ..

رائعة أنتِ .. رحم الله الفقيدة وأطال في عمرك ..

طلاسم 11-07-2010 13:54

رد : صباح الموت، يا أمي .
 
مؤلمة

نُورَه 12-07-2010 04:25

رد : صباح الموت، يا أمي .
 
.
.




لن أرمي هَذا المنديل يا لمى
+ :55:



.
.

علي ال شيبان 25-04-2013 17:07

رد : صباح الموت، يا أمي .
 
أمي الحبيبة ..<O:p</O:p


كل الحروف من أجلكُ جندتها ،
مثلما يجنّد الملوك جنودهم من أجل الدفاع عن وطنهم <O:p</O:p


ها أنا سأكتب لكِ ، حتى تنتهي الأيام المعدودة التي سأعيش فيها على متن الحياة الدنيا<O:p</O:p


أرجوك أمي ، لاتحزني إذا فقدتني ، انظري إلى أين سأذهب وابتسمي ، ألا تعلمين بأنني <O:p</O:p


سأذهب إلى من هو أرحم منكِ عليّ ؟<O:p</O:p


نص أدبي مفعمّ أستطاع أن يصوّر لنـّـا آخر دقيقة و42ثانية من حياة أغلى إنسان <O:p</O:p


اللميّ .. جميل هـذا التقمص والتصوير وهذه اللغة المفعمة بالحزن و جُزء من النص مفقود <O:p</O:p


تثبت لنّا مجدداً بأن المشاعـر الروحانية والحواس لآتوصف في لحظات رحيل أعز إنسان لتترك لنّا الحزن والدهشة <O:p</O:p


والقشعريرة<O:p</O:p


الله على حزنك الوارف
صباح الفاتحة , ياللميّ</O:p


الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +4.
الوقت الان » 03:32.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يكتب في الموقع يعتبر حقوق محفوظة لموقع شعبيات- شبكة الاقلاع