شعبيات

شعبيات (http://www.sh3byat.com/vb//index.php)
-   ذاكرة العرب (http://www.sh3byat.com/vb//forumdisplay.php?f=96)
-   -   حَـكَـايـا (http://www.sh3byat.com/vb//showthread.php?t=13129)

تراثٌ وشخصيات 28-09-2006 22:11

حَـكَـايـا
 


.
"نشأ الإنسان ميالا بطبعه إلى حكاية ما يقع له, وما حكايات الجدات والأمهات والعجائز ببعيدة عن مداركنا, فقد كنّ يحكين لنا ونحن أطفال صغار للتسلية أو للتنويم أو للإلهاء, وكانت الواحدة منهن ينفد معينها, وكلن إزاء إلحاح الصغار تبدأ تتزيد وتخترع, وتلوك لسانها بما حلالها أن تقوله",
الحكايات.. وجدت مذ وجد الإنسان, وسارت معه في تاريخه الطويل جدًا, منبئة ومحدّثة عن حياة الآباء والأجداد. لذلك فكّرنا أن نجمع في هذا الموضوع من صيد الزمن قصة عريقة وحكاية عابرة, بشكلٍ يوميّ, وبتاريخٍ وزمنٍ مفتوح, .. نحضر المجالس, ونرتشف من قهوة العرب الأقحاح القصص والأيام الخوالي, وأخبار ماقد تضمّنته الكتب عبر ذاكرة الزمن المتراخي والبعيد, مما يجعل هذا من الموضوع وكأنه إحياء سيرة الحكواتي الذي كان صوته يعلن ميلاد سهرة جديدة, تجعل القلوب معلقة به والأنظار مصغية إليه.

*

نتمنى للجميع طيب القراءة والفائدة.

الجازي 28-09-2006 22:21

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 



موضوع جميل وفكرة رائعة .. نحتاجها جداً في رمضان ..
حين يحلو السمر .. و نتجاذب أحاديث الماضي عبر ذاكرة الزمن ..


يسعدني أن أكون أول المشاركين ..



قصه أعجبتني رواها حويد المرشدي في جريدة عكاظ ..


كان محيا بن رباح العتيبي رجلاً قتر عليه الدهر رزقه وضيق عليه الحال ورغم ذلك كان مشهوراًبالكرم معروفاً بالجود .. ومن ابتلاء الدهر عليه أنه تزوج بأمرأه لديها المال لكنها تفتقد الخلق الكريم وتمتلىء نفسها بالشح , وكانت كلما حل عليهم ضيوف وأراد محيا ان يكرمهم بذبح إحدى الماعز التي تمتلكها زوجته ثارت عليه وارتفع صوتها وقالت له بعضاً من خشن الكلام حتى يسمع الضيوف ويقع محيا في الحرج .

وذات يوم نزل عليه ضيوف أعزاء لهم في نفسه شأن وخشي أن يتكرر على مسامعهم مايحدث مع غيرهم , فاحتال على زوجته وناداها قائلاً ( أذهبي إلى والدك فاطلبي منه شاة نذبحها لضيوفنا بدلاً من الماعز التي ( تثغي ) أي يسمع صوتها عند الذبح فيسمعها ضيوفها , وسوف أعوضه عنها في القريب العاجل أن شاء الله .

وعندما وصلت الزوجه إلى والدها الذي هو في نفس الوقت عم محيا , ويبعد عن منزله حوالي عشرة كيلوات , حكت له ماكان من أمر محيا وأبلغته مطلبه .., وكان رجلاً ذكياً لماحاً إذ أدرك بفطرته وذكائه مايقصده محيا .., إذ أنه كان يعني أن زوجته هي التي سيعلو صوتها عند الذبح وليست الماعز .., ووقف على ماتسببه ابنته من حرج دائم فقال لها : أبقي هنا وسوف يتدبر محيا نفسه ..
ثم أرسل الى محيا يطلب تطليقه ابنته التي هي زوجة محيا .., وعزم عمه أن يزوّجه أخت لها استحوذت على قدر كبير من الجمال والعقل .. والخلق الرفيع , وكان يمنع الخطاب عنها , حتى يجد من يأنس فيه الرجوله , ولم يجد أمامه أفضل من محيا , وهذا ماكان من أمر الرجل .. أما أما محيا فقد طلق زوجته وعند نهاية العده تزوج من أختها .
وأراد أن يشكر عمه

فأنشد هذه الأبيات ..


[poet font="Tahoma,4,darkred,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/18.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter=""]
الله خلقني واعتنى بي عن الضيق=والفقر عن سلم العرب ماحداني

ماقط مني راح ضيفي على الريق=ولا شان وجهي يوم شان الزماني

والله رماني في خيار المطاليق=اللي عطيته عنز وهو عطاني

عطاني اللي به كثير الذهب سيق=بنت الشيوخ اللي تعز العواني

الله موفقها على الخير توفيق=لاغبت عن بيتي عليها الف اماني


[/poet]



.

نورة العجمي 28-09-2006 22:53

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 



شكراً منتدى تراث وشخصيات
شكراً لمن أشار بالفكرة الجميلة
شكراً لمشرف هذا المنتدى العامر بالأصاله والتاريخ الجميل



هذه القصة جرت أحداثها في بداية القرن الثالث عشر الهجري
فتاة كان لها ابن عم عاشا معا في بيت واحد منذ عهد الطفولة
وعندما كبرا فصار ابن العم فتاً وأصبحت هي فتاة في زهرة شبابها ما كان من أبويهما إلا أن عقدا القران لهما بعد أن لمسا الرغبة عند كل منهما بالاقتران بصاحبه ، وكان موسم الحج على الأبواب فأجلا الزواج إلى ما بعد الحج

وعندما عزم الفتى على الحج ليكون الزواج مقرونا بهذه الشعيرة المباركة
ذهب الفتى مع ركب الحجاج على أكوار مطاياهم وقدر الله عليه فمات بعد أداء فريضة الحج ...

وعاد الحجاج وعندما اقتربوا من البلد وهم يعرفون مقدار حب خطيبته له ، فلم يريدوا أن يواجهوها بالخبر دفعة واحدة خشية على حياتها أو أن تصاب بأذى

ولذلك انقسموا إلى مجموعتين وبين وصول المجموعة الأولى والثانية حوالي ساعة وجعلوا مطيته مع المجموعة الثانية

حتى إذا وصلت المجموعة الأولى أخبروها أن خطيبها مع المجموعة الثانية مما قد يخفف وقع الصدمة عليها

لكن إحساسها كان أقوى من تصورهم وأدق من حساباتهم ، فعندما قيل لها إن خطيبك مع المجموعة الثانية

وقع الخبرعليها وقعا مؤلما وتوقعت أن به أمرا فلو كان على قيد الحياة لجاء مع المجموعة الأولى وذلك للاشتياق الذي تعرفه فيه ،

وكان عندها نسوة يطحن الحب على الرحى فقالت لإحداهن :دعيني أطحن عنك وجلست على الرحى ورفعت صوتها بهذه الأبيات التي تعبر بها عن مكنون صدرها :

عسى حرم ربي من الوبل يسقيه
.......................يرفع عنه ما يكرهون العبـادي

حيث إن زمل صويحبي بركن فيه
.....................مرحوم ياللي له هوينا الحـدادي

من أولن ما هو ببالي ولا أطريه
......................واليوم ما له في ضميري ملادي

ثم سقطت على الأرض مغمي عليها فأسرعت النسوة برشها بالماء البارد حتى أفاقت ،

وجلست في مكانها حتى جاءت المجموعة الثانية ورأت مطية خطيبها.

ليس عليها أحد فتحققت من موته فجثت على مركب الرحى مرة ثانية ورفعت صوتها بالأبيات التالية :



عـلـم لـفـى عـن مـغـزل الـعـيـن شـنـاع
................نـقـض عـلـي الـلـي بـقـى مـن جـروحـي

حـلـلـت يـا زيـن الـحـلايــا والأطـبــاع
................حـلـن يـخـفـف عـنـك يــا روح روحــي

لـو هـو مـع الـحـيـيـن يـشـرى ويـنـبـاع
................لا أسـوق بــه مـالــي وأفــادي بـروحــي

مـار إنـهـم حـطـوه فـي صـحـصـح الـقـاع
................وحـطـوا عـلـى قـبـره رســوم تـلـوحــي


ثم سقطت على الأرض للمرة الأخيرة وصعدت روحها إلى بارئها مع كلمات آخر بيت فرحمهما الله جميعا وأموات المسلمين




تراثٌ وشخصيات 29-09-2006 05:58

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 
(1)

..قتيل الحب..

قال الثوري حدثني جبلة بن الأسود قال : خرجت في طلب إبل لي ضلت ، فما زلت في طلبها إلى أن أظلم الظلام وخفيت

الطريق فسرت أطوف وأطلب الجادة فلا أجدهما فبينما أنا كذلك إذ سمعت صوتاً حسناً بعيداً وبكاء شديداً فشجاني

حتى كدت أسقط عن فرسي ، فقلت لأطلبن الصوت ولو تلفت نفسي فما زلت أقرب إليه إلى أن هبطت وادياً

فإذا راعٍ قد ضم غنماً له إلى شجرة وهو ينشد ويترنم

وكنت إذا ما جئت سعدى أزورهـا
...................... أرى الأرض تطوي لي ويدنو بعيدها
من الحفرات البيـض ود جليسهـا
.......................إذا ما انقضت أحدوثـة لو تعيدهـا

قال، فدنوت منه وسلمت عليه فرد السلام وقال: من الرجل؟ فقلت: منقطع به الممالك أتاك يستجير بك ويستعينك،

قال: مرحباً وأهلاً انزل على الرحب والسعة فعندي وطاء وطئ وطعام غير بطيء فنزلت فنزع شملته وبسطها تحتي

ثم أتاني بتمر وزبد ولبن وخبز ثم قال: اعذرني في هذا الوقت فقلت والله إن هذا لخير كثير

فمال إلى فرسي فربطه وسقاه وعلفه فلما أكلت توضأت وصليت واتكأت فإني لبين النائم واليقظان إذ سمعت حس شيء
وإذا بجارية قد أقبلت من كبد الوادي فضحت الشمس حسناً فوثب قائماً إليها وما زال يقبل الأرض حتى وصل إليها

وجعلا يتحادثان فقلت هذا رجل عربي ولعلها حرمة له، فتناومت وما بي نوم فما زالا في أحسن حديث ولذة مع شكوى

وزفرات إلا أنهما لا يهم أحدهما لصاحبه بقبيح فلما طلع الفجر عانقها وتنفسا الصعداء وبكى وبكت

ثم قال لها: يا ابنة العم سألتك بالله لا تبطئي عني كما أبطأت الليلة، قالت: يا ابن العم أما علمت أني أنتظر الواشين

والرقباء حتى يناموا ثم ودعته وسارت وكل واحد منهما يلتفت نحو الآخر ويبكي، :frown:

فبكيت رحمة لهما وقلت في نفسي والله لا أنصرف حتى استضيفه الليلة وأنظر ما يكون من أمرهما

فلما أصبحنا قلت له: جعلني الله فداءك الأعمال بخواتيمها وقد نالني أمس تعب شديد فأحب الراحة عندك اليوم،

فقال: على الرحب والسعة لو أقمت عندي بقية عمرك ما وجدتني إلا كما تحب ثم عمد إلى شاة فذبحها

وقام إلى نار فأججها وشواها وقدمها إلي فأكلت وأكل معي إلا أنه أكل أكل من لا يريد الأكل،

فلم أزل معه نهاري ذلك ولم أر أشفق منه على غنمه ولا ألين جانباً ولا أحلى كلاماً إلا أنه كالولهان ولم أعلمه بشيء

مما رأيت فلما أقبل الليل وطأت وطائي فصليت وأعلمته أني أريد الهجوع لما مر بي من التعب بالأمس،

فقال لي: نم هنيئاً، فأظهرت النوم ولم أنم فأقام ينتظرها إلى هنيهة من الليل فأبطأت عليه فلما حان وقت مجيئها قلق قلقاً

شديداً وزاد عليه الأمر فبكى ثم جاء نحوي فحركني فأوهمته أني كنت نائماً فقال: يا أخي،

هل رأيت الجارية التي كانت تتعهدني وجاءتني البارحة، قلت: قد رأيتها،

قال: فتلك ابنة عمي وأعز الناس علي وإني لها محب ولها عاشق وهي أيضاً محبة لي أكثر من محبتي لها،

وقد منعني أبوها من تزويجها لي لفقري وفاقتي وتكبر علي فصرت راعياً بسببها فكانت تزورني في كل ليلة وقد حان

وقتها الذي تأتي فيه واشتغل قلبي وتحدثني نفسي أن الأسد قد افترسها ثم أنشد يقول :

ما بال مية لا تأتـي كعادتهـا
...................... أعاقها طرب أم صدها شغـل
نفسي فداؤك قد أهللت بي سقماً
....................تكاد من حرة الأعضاء تنفصل

قال : ثم انطلق عني ساعة فغاب وأتى بشيء فطرحه بين يدي فإذا هي الجارية قد قتلها الأسد وأكل أعضاءها وشوه

خلقتها ثم أخذ السيف وانطلق فأبطأ هنيهة وأتى ومعه رأس الأسد فطرحه ثم أنشد يقول :

ألا أيهـا الليـث المـدل بنفسـه
........................ هلكت لقد جريت حقاً لك الشـرا
وخلفتني فرداً وقد كنـت آنسـاً
.........................وقد عادت الأيام من بعدها غبرا

ثم قال : بالله يا أخي إلا ما قبلت ما أقول لك فإني أعلم أن المنية قد حضرت لا محالة فإذا أنا مت فخذ عباءتي هذه فكفني

فيها وضم هذا الجسد الذي بقي منها معي، وادفناني في قبر واحد وخذ شويهاتي هذه وجعل يشير إليها فسوف تأتيك امرأة

عجوز هي والدتي فاعطها عصاي هذه وثيابي وشويهاتي وقل لها مات ولدك كمداً بالحب فإنها تموت عند ذلك فادفنها إلى

جانب قبرنا وعلى الدنيا مني السلام، قال: فوالله ما كان إلا قليل حتى صاح ووضع يده على صدره ومات لساعته،

فقلت: والله لأصنعن له ما أوصاني به فغسلته وكفنته في عباءته وصليت عليه ودفنته ودفنت باقي جسدها إلى جانبه

وبت تلك الليلة باكياً حزيناً فلما كان الصباح أقبلت امرأة عجوز وهي كالولهانة فقالت لي : هل رأيت شاباً يرعى غنماً فقلت

لها : نعم، وجعلت أتلطف بها ثم حدثتها بحديثه وما كان من خبره فأخذت تصيح وتبكي وأنا ألاطفها إلى أن أقبل الليل

وما زالت تبكي بحرقة إلى أن مضى من الليل برهة فقصدت نحوها فإذا هي مكبة على وجهها وليس لها نفس يصعد ولا

جارحة تتحرك فحركتها فإذا هي ميتة فغسلتها وصليت عليها ودفنتها إلى جانب قبر ولدها وبت الليلة الرابعة فلما كان

الفجر قمت فشددت فرسي وجمعت الغنم وسقتها فإذا أنا بصوت هاتف يقول :

كنا على ظهرها والدهر يجمعنا
..................... والشمل مجتمع والدار والوطن
فمزق الدهر بالتفريـق ألفتنـا
....................وصار يجمعنا في بطنها الكفن


قال : فأخذت الغنم ومضيت إلى الحي لبني عمهم فأعطيتهم الغنم وذكرت لهم القصة فبكى عليهم أهل الحي بكاء شديداً ثم مضيت إلى أهلي وأنا متعجب مما رأيت في طريقي ..!

...

الجازي 01-10-2006 22:03

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 




الشاعر صنيدح الهاراني
شاعر من ابرز الشعراء ولكن أغلب شعره ضاع .. اخواله المرازيق من قبيلة البقوم وعاش معهم في اطراف جبل حضن فتره من الزمن ثم رحل عائداً الى جماعته وفي طريق عودته لاحظ على ابنه تصرفات غريبه وسأله عن سبب ذلك فأخبره ابنه أنه عشق فتاة من جيرانهم وعاد هو وابنه بعد فتره ليخطب له تلك الفتاة ولكنهما وجدا أن الفتاة قد تزوجت وفرح به خواله وهم لايعلمون غرضه وأخذوه عزائم ولكنه هرب في الظلام عن بقية عزائمهم وقال هذه الأبيات :

يافاطري روحي بنا الله يعافيك
.... روحي بنا عن دار الاجناب روحي

القابله يابعد عنهم مماســـيك
..... لو هم حسايف والهم الرب يوحي

وأيضاً لك الله يقطعون التهاليك
.... ياليت معهم كل مرزق شموحي

لولا الروابع وهقتني ماوديــك
.... مالي بحضن ولا تنوشه شبوحي



تراثٌ وشخصيات 03-10-2006 06:48

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 


.. قصة عواء الذيب ..


هذه الحكاية مجهولة الأبطال , وذلك نظراً لمضي وقت طويل عليها أو لأن أبطالها ليسوا من المشهورين كالأمراء والفرسان والذين يحرص على أسمائهم قبل حكايتهم . . .

يقول الراوي كان هناك رجل بالبادية متزوج من امرأة ليست من قبيلته , بل كان من فيبله أخرى مجاورة لقبيلته . .

. ومرت عليه فترة سنه هو وزوجته يعيشان بأحسن حال . . .

وقد اختلفت القبيلتان وحصل بينهما نزاع وكان زوجها طرفاً فيه . . .

وكان اخوتها من الجهة المقابلة أطرافاً بهذا النزاع واشتدت الأزمة بين طرفي النزاع مما حدا بإخوان الزوجة أن يأخذوها ليلاً من بيت زوجها نكالاً له . . .
وهي لم تكن راضية بفراقها لزوجها وكذلك زوجها الذي كان يحبها حباً كبيراً أيضاً . . .

ومرت فترة طويلة بعض الشيء على فراق الزوجين والكل منهم كان يريد الآخر ولكن النزاع الحاصل حال بينهما
ضاقت الأرض بالزوج , فهو يريد زوجته ولا سبيل لوصوله إليها , ففكر بطريقة . .

. أن أسل إليها إحدى عجائز القبيلة تبلغها برغبته بلقائها . . . ورسم لها خطه للقاء . . .

وبالفعل ذهبت العجوز للزوجة وأبلغتها بذلك فرحبت الزوجة بالفكرة ولما كانت الليلة الموعودة

حيث كان الوعد بينهما بعد غياب القمر جاء الزوج للمكان المتفق عليه وكمن بحيث لا يراه أحد . . .
ثم أخذ بالعواء كعواء الذيب ثلاث مرات متتابعة . . .

عرفته الزوجة حيث كانت تعلم بالخطة سلفاً وذهبت إليه وجلسا بعد طول الفراق يشكو كل منها حاله للآخر بعد الفراق حتى إذا ما جاء الفجر افترقا وعاد كل منهما لقبيلته مضى على هذا اللقاء فترة أشهر . . .

ويقسم الله سبحانه أن تحمل المرأة من زوجها كنتيجة لذلك اللقاء . . .

ويكبر بطنها فيراه أخوها ويهددها بالقتل فمن أين لها بهذا الحمل وقد فارقت وزجها منذ فترة طويلة ولم تكن حاملاً ؟؟؟
فأعلمت شقيقها بحقيقة ما حصل بينهما وبين زوجها ووصفت له المكان وأعلمته بكل ما جرى ..

.فقال الأخ سأذهب أنا لزوجك وأتأكد من حقيقة ما حصل فإن لم يكن صحيحاً فليس لك عندي غير السيف
ولم تكن القبيلتان على وفاق فكيف يذهب . .

فكر الأخ واهتدى إلى طريقة . . . فلما جن الليل تنكر وذهب إلى قبيلة زوج أخته ودخل مجلسه وجلس ولم يعرفه أحد . . .

ولما سكت المجلس تناول الربابة وأخذ يغني عليها :

يا ذيـب يللـي تالـي الليـل عويـت
........................ ثلاث عوياتـن على سـاق وصـلاب

سايلـك بالله عقبـها ويـش سويـت
......................... يوم الثـريا راوسـت القمـر غـاب

وغنى هذه الأبيات على الربابة ثم توقف ووضع الربابة مكانها وعاد إلى مكانه . . .

فعرف الزوج أن هذا أخو زوجته وفهم أن زوجته حامل كعادة البدوي سرعة اللمح وشدة الذكاء . . .
فتقدم وتناول الربابة وأجاب

أنا أشهـد إني عقـب جوعي تعشيـت
...................... وأخـذت شاة الذيب من بين الاطنـاب

على النقـا وإلا الـردى ما تهقويـت
....................وادو حلالـي يـا عريبيـن الأنسـاب


فلما فرغ الزوج من أبياته فهم الأخ أن أخته كانت روايتها صحيحة وانسحب بدون كلام . . .

وفي الصباح أعادوا له زوجته ..
والحمد الله عاشو في ثبات وسبات وخلفو صبيان وبنات (( هذا استنتاجي مهوب كلام الراوي :D ))

فوزي المطرفي 09-10-2006 23:35

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 


.
كان الشيخ الأديب طه حسين طالبًا بالجامعة المصرية القديمة, حين كانت متشرفة برياسة حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد رحمه الله. وتقرر إرساله في بعثة إلى أوربة, فأراد حضرة صاحب العظمة السلطان حسين رحمه الله أن يكرمه بعطفه ورعايته, فاستقبله في قصره استقبالاً كريمًا, وحباه هدية قيمة المغزى والمعنى.
وكان من خطباء المساجد التابعين لوزارة الأوقاف, خطيبٌ فصيح متكلمٌ مقتدر, وهو الشيخ/ محمد المهدي خطيب مسجد عزبان. وكان السلطان حين رحمه الله مواظباً على صلاة الجمعة, في حفلٍ فخمٍ جليل يحضره العلماء والوزراء والكبراء.
فصلّى الجمعة يومًا ما, بالمسجد القريب من قصر عابدين العامر. وندبت وزارة الأوقاف ذاكَ الخطيب لذلك اليوم. وأراد الخطيب أن يمدح عظمة السلطان, وأن ينوه بما أكرم ( الشيخ طه حسين ), وحق له أن يفعل. ولكن خانته فصاحته, وغلبه حبّ التغالي في المدح, فزلّ زلة لم تقم له قائمة من بعدها. إذ قال أثناء خطبته:" جاءه الأعمى, فما عبس في وجهه وما تولّى"!
وكان من شهود هذه الصلاة والدي الشيخ/ محمّد شاكر, وكيل الأزهر سابقًا رحمه الله. فقام بعد الصلاة يعلن الناس في المسجد أن صلاتهم باطلة, وأمرهم أن يعيدوا صلاة الظهر, فأعادوها.
ذلك بأن الخطيب كفر بما شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم تعريضًا لا تصريحًا. لأن الله سبحانه عتب على رسوله صلى الله عليه وسلم حين جاءه ابنُ أم مكتوم الأعمى, وهو يحدث صناديد قريش يعوهم إلى الإسلام, فأعرض عن الأعمى قليلاً حتى يفرغ من حديثه, فأنزل الله عتاب رسوله في سورة كريمة. ثمّ جاء هذا الخطيب الأحمق الجاهل, يريد أن يتملق عظمة السلطان رحمه الله, وهو عن تملقه غنيّ والحمد لله. فمدحه بما يوهم للسامع أنه يريد إظهار منقبة لعظمته, بالقياس إلى ما عاتب الله عليه رسوله. وأستغفر الله من حكاية هذا. فكان صنع الخطيب المسكين تعريضًا برسول الله صلى الله عليه وسلم, لا يرضى به مسلم, وفي مقدمة من ينكره السلطان نفسه.
ثمّ ذهب الوالد رحمه الله فورًا إلى قصر عابدين العامر وقابل محمود شكري باشا رحمه الله, وهو له صديق حميم, وكان رئيس الديوان إذ ذاك. وطلب منه أن يرفع الأمر إلى عظمة السلطان, وأن يبلغه حكم الشرع في هذا بوجوب إعادة الصلاة التي بطلت بكفر الخطيب.
ولم يتردد شكري باشا في قبول ما حُمّل من الأمانة, وأعتقد أن عظمة السلطان لم يتردد في قبول حكم الشرع بإعادة الصلاة.
وكاد الأمر أن يقف عند هذا الحد, لأن قوانينكم هذه التي تدينون بها لا تحمي رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفه السفهاء ولا من حمق الحمقى والأدعياء.
ثمّ دخل فيه دخلاء السوء, ممّن يحرصون أشد الحرص ـ فيما زعموا ـ على حقوق الأفراد, ويغلون أشد الغلوّ في هضم العلماء وهدمهم, حتى يشغلوهم بأنفسهم عن نصر دينهم والذبّ عن حوضه. وكان ذلك الخطيب متصلاً ببعض المستشارين الكبار, اتصال التبع بالمتبوع, يؤدي لهم كثيرًا من الخدمات. فأشاروا عليه بأن يرفع دعوى جنحة مباشرة على أبي, لأنه سبّه سبًا علنيًا في المسجد وفي ديوان السلطان. وأشفق من لم يعلم أن ينال أبي من ذلك السوء. وثار البلد,وكثر اللغط, ووقف رجال كرام من رجال القضاء الأهلي في ذلك مواقف مشرّفة, بين مسلم وقبطيّ كانوا يدًا واحدة في الذبّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإنكار أي مساس ولو من بعيد بمقامه الكريم.
ولم يعبأ والدي رحمه الله بقضية الخطيب, ولا بمن وراءه من الكبار. بل وكل عنه صديقه الأستاذ الكبير/ محمّد بك أبو شادي, وكان موقف أ[ي في القضية أنه لن يحتكم في حكم الشرع في جريمة هذا المجرم إلى علماء الأزهر, لأن حكم المساس برسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تعريضًا معروف للدهماء, ولا ينكره جاهل أو متعنت أو غبي. وإنما نقطة البحث الصحيحة فيها عربية لغوية صرفة: آلذي صدر من الرجل الجاني المدعي أنه مجني عليه تعريض بالمقام الكريم مقام الرسولَ الأعظم, بدلالة اللغة والاستعمال أم ليس بتعريض؟ ولا يحتاج الفصل في هذا إلى علماء الأزهر, خشية أن يظن بهم ما هم برءاء منه من العصبية. بل هي نقطة عربية لغوية, يكفي فيها رأي بعض المستشرقين الإفرنج, ممّن لا يظن بهم العصبية لرسول الله صلى الله عليه وسلم, بل هم مظنة الضدّ من ذلك.!
فكان تصميم الوالد رحمه الله وعزمه, على أنه إذا وصلت القضية إلى المحكمة, وعُرضت, أن يطلب ندب خبراء مستشرقين؛ ليحددوا بخبرتهم في لغة العرب دلالة كلام الخطيب من الوجهة العربية: أهو تعريض أم لا؟؟؟ ثمّ يكون الفصل القضائي طبقًا لما يقرره الخبراء.
ثمّ دخلت الحكومة في الأمر, خشية ما يكون من وراء هذه القضية من أحداث وأخطار. وطوى بساطها قبل أن ينظرها القضاء.
ولكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا, قبل أن يجزيه جزاءه في الأُخرى. فأقسم بالله: لقد رأيته بعيني رأسي, بعد بضع سنين,وبعد أن كان متعاليًا منتفخًا, مستعزًا بمن لاذ بهم من العظماء والكبراء, رأيته مهينًا ذليلاً, خادمًا على باب مسجد من مساجد القاهرة, يتلقى نعال المصلين يحفظها, في ذلة وصغار. حتى لقد خجلت أن يراني, وأنا أعرفه وهو يعرفني, لا شفقةً عليه, فما كان موضعًا للشفقة, ولا شماتةً فيه, فالرجل النبيل يسمو على الشماتة, ولكن لما رأيت من عبرة وموعظة.!

*

من كتاب: كلمة الحق, للعلاّمة الشيخ/ أحمد محمّد شاكر( إمام أهل الحديث في عصره رحمه الله ).
.

تركي 10-10-2006 00:37

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 
تراثٌ وشخصيات
شكراً لكم
فكره رائده في هذا القسم المحبب الى نفسي
تقبلو مني هذه المشاركة

يحكى أن بنت عقاب العواجي العنزي وتدعى ( غزيّـه ) فقدت أهلها
ولجأت إلى عمّها , وكان له ابن احبته , فسافر في طلب الرزق مع صاحب
له يدعى ( عيد ) فتغيبا مدّة تقارب ثلاث سنوات ثم رجع صاحبة
( عيد ) وكان في الحي رجل يرغب الزواج من هذه الفتاة لكنه يعلم انها
لن تقبله لحبها لابن عمّها فقابل عيداً وقال له : لك عندي جمل ان
أشعت ان ابن عم غزية قد توفي .. لعلها تتزوجني بعد ان تيأس منه
فلبى عيد طلبه و اشاع أن صاحبة ابن عم ( غزيه ) قد مات فلما
سمعت بالخبر أنشدت تقول :
تعزّزوا للّـي عشيـرهْ تنـوّى
..............يم الشمال وحط ( حوران ) دونه
أقفى وخـلاّ لـه يتيـمٍ يلـوّى
.................وليةْ عمـام ٍ ليتهـم يرحمونـه
فات الربيع وعشب الأجراد لوى
...................واخانة الطرشـان مايذكرونـه
ياعيد اسالك بالولي كيف سوى ؟
..................هو ميّت ٍ والاّ هلـه يرتجونـه

فأجابها عيد :
يا بنت شوقك خابره ويش سوّى
..................بالموس قصّوا لك قصايب قرونه
اتلى الخبر به يوم قبرة يسـوى
................وخام ٍ جديـد بينهـم يذرعونـه
وعلمي بروّاي العرب يوم روّى
.................بايسر ( نوى ) علمى بهم يدفنونه
لما سمعت غزيه شعر عيد ماتت حزنا على ابن عمها
ولما عاد ابن عمها واخبر بما فعله عيد من اشاعته خبر موته وعلم بوفاة غزيه بسببه
حزن عليها , وقتل عيد جزاء عمله
وكانت بآخر ابياتها يوضح وفائهامع هذا الحب اخلاص تضحية
وجميع هذه الكلمات واكثر تجتمع داخل هذه الشاعره

تراثٌ وشخصيات 10-10-2006 20:49

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 



.

تفاصيل القصة المشهورة لـ "زبنة رشيد".!

(3)

رشيد عالي الكيلاني ( 1892 - 1965) رمز من رموز الوطنية العراقية, سياسي عراقي شغل منصب رئيس الوزراء ثلاث مرات أثناء العهد الملكي في العراق حيث كان رئيسا للوزراء في الأعوام 1933, 1940, 1941 .اشتهر الكيلاني لمناصرته لدول المحور أثناء الحرب العالمية الثانية تميز بمناهضته للانجليز ودعوته لتحقيق الوحدة العربية.

الساعة تعود بنا لأكثر من نصف قرن من الزمان:
بغداد 3 أبريل 1941:
ـ الجيش العراقي ينتفض على الوصي عبد الإله الغارق حتى أذنيه في موالاة بريطانيا.
ـ ضباط الجيش ينصّبون رشيد عالي الكيلاني رئيس الوزارة السابق والزعيم السياسي المعروف رئيسا لحكومة الدفاع الوطني.
ـ الوصي وابن أخته الملك الطفل فيصل الثاني يفرّان إلى البصرة.
ـ القوات البريطانية تتحرك من جهة الأردن وتزحف نحو بغداد.
ـ رشيد الكيلاني يهرب إلى تركيا ولا يحلّ شهر نوفمبر حتى يصل إلى ألمانيا النازية حيث الملجأ الآمن لكل مطاردة من قبل البريطانيين.

زبنة رشيد:
تمرّ السنوات, وتلقى ألمانيا هزيمتها الشهيرة, وينتحر هتلر, وتدخل قوات الحلفاء برلين فتضيق الأرض بما رحبت على الكيلاني, ولا يجد مهربًا سوى "أبوتركي" البدويّ الشهم الذي لا تفتر نخوته, ولم يغيّر السلطان شيئًا من أخلاقه العربية الأصيلة.
وهكذا يتخفى رشيد مع مجموعة من السوريين,ويصل إلى الرياض بينما الملك عبد العزيز خارجها, ويطلب "الدخالة" التي لم يكن لها من ردّ لدى الملك سوى الترحيب والوعد بالأمن والعزّة.
المراسلات:
بدأ الملك عبد العزيز بالتراسل مع الوصيّ على العرش العراقي/ عبد الإله بن علي لإنقاذ دخيله من حكم بالإعدام ينتظره في العراق, وفي الرسالة الأولى يقول:
إن المصائب تبتلي الإنسان دون اختبار منه, وقد حدث عند خروج أخيكم من الرياض, أن قدم علينا وفد ادّعوا أنهم سوريون, وبعد ذلك تبيّن أن أحد رجال الوفد رشيد عالي. وبما أن المذكور لجأ بين محارمكم وعبلاتكم, يرجو أن تشفع له عند سموّكم بالعفو. ولهذا فإن أخاكم يرجو عفوكم عنه وشموله بمكارمكم, وهذه من الشيم التي تقتضيها الروح الدينية العربية".
ولكن الوصي عبد الإله لم يكن لينسى أن رشيدًا هو الذي زعزع عرشه قبل سنوات قليلة, فردّ على الملك عبد العزيز ردًا مواربًا حيث قال:" إن من أعظم المزايا التي تعجبني في جلالتكم أخذ المفسدين بالقوة, فكيف بمن أراد أن يفسد كيان القومية العربية والاستقلال العربي اللذين سعى بيتانا في إحيائمها السعي الكبير".
ويتعلل عبد الإله في بقية الرسالة بميثاق الأمم المتحدة فيما يختص بإيواء مجرمي الحرب, وحكم القضاء العراقي على رشيد.
وتدور الرسائل بين الرياض وبغداد بمنطقين مختلفين:
منطق العربي الشهم الذي ابتلي بدخيل يريد خلاصه. ومنطق الشاب الناقم الذي يتحجج بالقوانين الدولية.
الملك عبد العزيز يقول في الرسالة الثانية:" ما وجه أخيكم عند العالم في رجلٍ ضرب البر والبحر,وصار في وسط محارمكم أن يخرجه منهم ويضحّي به؟!
لا شكّ أن هذا أمر عظيم, فماذا تكون العين التي أنظر بها للناس أو الشرف الذي أرجو علوّه؟
لا شك سيلحق عارها بآخر رجل من عائلتنا.!!" ويزداد تعنت الوصي مؤكدًا أنّ:
أولاً: العفو عن الرجل خارج مقدرنا.
ثانيًا: إطلاق سراحه ليضرب الطريق الذي يريده, هو نقض صريح للمادة الثالثة من معاهدة تسليم المجرمين المنعقدة بين مملكتينا".
وتستمر المخاطبات بين الملك عبد العزيز والوصي عبد الإله والأمور تدور في حلقة مفرغة, فينهي الملك عبد العزيز بردٍ حاسم:" علمنا أن الحكومة العراقية قامت فعلاً بتقديم طلب التسليم إلى حكومتنا,وحكومتنا قد أجابت الحكومة العراقية الصديقة بما تراه بهذا الشأن".
وهكذا هدأت الأمور بعد أن علم عبد الإله أن عبد العزيز لن يسلم "دخيله", ولا مجال لمناقشة "أبو تركي" في ثوابته ومبادئه التي نشأ عليها وتشرّبها من أسلافه وورّثها لأبنائه من بعده.
ونجا الكيلاني و"زبن" ..!

.

عنود 10-10-2006 22:12

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 


كان ضمن رجال الملك عبد العزيزجلال الفرم الذين ساهموا في فتوحات جنوب المملكه ويقول
بعد ان عادوا من فتح نجران وهم في طريقهم الى الرياض مروا بوادي الدواسر وكان عددهم كثير جداً
فوزعوا انفسهم على بيوت حيث كان كل اهل عشر ركايب ضيوفا عند صاحب بيت
فقام اهل الوادي بإكرامهم غايه الاكرام وقطعوا عذوق النخيل لهم ولهجنهم لان الارض مجدبه من النبات
والهجن قد بلغ بها الهزال والجوع مبلغه
وبقوا في ضيافه اهل الوادي عده ايام وهم في احسن حال حتى استردت ركابهم احوالها وتجدد نشاطها
ومن الاكرام الذي وجدوه عند اهل الوادي ايضاً ان اهل الوادي بدلوا القريه القديمه بقريه جديده
والمزهب وهو وعاء زاد المسافرالقديم التالف بمزهب جديد وملأوه بالزاد والقهوه البريه والهيل
وعندما رحلوا عن وادي الدواسر قال الشاعر جلال هذه الابيات :


يااهل النضا اللي عليهن كيف
***************** اللي مواركهـن جـدادي
اثنوا على مكرمين الضيف
*************** على ((الدواسر)) هل الوادي
عسى الحيا في ليال الصيف
**************** يمطر علـى دار الاجـوادي
دواسـر ماتبـي تعـريـف
*************** بالمرجـلـه فعلـهـم زادي

وهذه القصة تدل على كرم الدواسر :)
انتظر نوره تجيب قصة عن العجمان :)


تراثٌ وشخصيات 11-10-2006 22:14

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 


.
(4)

أعوذ بعدلك يا أمير المؤمنين من جور مروان
ذكر أنّ معاوية بن أبي سفيان جلس ذات يومٍ بمجلسٍ كان له بدمشق على قارعة الطّريق، وكان المجلس مفتّح الجوانب لدخول النّسيم، فبينما هو على فراشه وأهل مملكته بين يديه، إذ نظر إلى رجلٍ يمشي نحوه وهو يسرع في مشيته راجلاً حافياً، وكان ذلك اليوم شديد الحرّ، فتأمّله معاوية ثمّ قال لجلسائه: لم يخلق الله ممّن أحتاج إلى نفسه في مثل هذا اليوم. ثمّ قال: يا غلام سر إليه واكشف عن حاله وقصّته فوالله لئن كان فقيراً لأغنينّه، ولئن كان شاكياً لأنصفنّه، ولئن كان مظلوماً لأنصرنّه، ولئن كان غنياً لأفقرنّه. فخرج إليه الرسول متلقياً فسلّم عليه فردّ عليه السّلام. ثمّ قال له: ممّن الرّجل؟ قال: سيّدي أنا رجلٌ أعرابيٌّ من بني عذرة، أقبلت إلى أمير المؤمنين مشتكياً إليه بظلامةٍ نزلت بي من بعض عمّاله. فقال
له الرّسول: أصبحت يا أعرابي؟ ثمّ سار به حتّى وقف بين يديه فسلّم عليه بالخلافة ثمّ أنشأ يقول:
معاوي يا ذا العلم والحلم والفضل
ويا ذا النّدى والجود والنّابل الجزل
أتيتك لمّا ضاق في الأرض مذهبي
فيا غيث لا تقطع رجائي من العدل
وجد لي بإنصافٍ من الجّائر الذي
شواني شيّاً كان أيسره قتلي
سباني سعدى وانبرى لخصومتي
وجار ولم يعدل، وأغصبني أهلي
قصدت لأرجو نفعه فأثابني
بسجنٍ وأنواع العذاب مع الكبل
وهمّ بقتلي غير أن منيّتي
تأبّت، ولم أستكمل الرّزق من أجلي
أغثني جزاك الله عنّي جنّةً
فقد طار من وجدٍ بسعدى لها عقلي

فلمّا فرغ من شعره قال له معاوية: يا إعرابي إنّي أراك تشتكي عاملاً من عمّالنا ولم تسمعه لنا! قال: أصلح الله أمير المؤمنين، وهو والله ابن عمّك مروان بن الحكم عامل المدينة. قال معاوية: وما قصّتك معه يا أعرابي. قال: أصلح الله الأمير، كانت لي بنت عمٍّ خطبتها إلى أبيها فزوّجني منها. وكنت كلفاً بها لما كانت فيه من كمال جمالها وعقلها والقرابة. فبقيت معها يا أمير المؤمنين، في أصلح حالٍ وأنعم بالٍ، مسروراً زماناً، قرير العين. وكانت لي صرمةً من إبلٍ وشويهات، فكنت أعولها ونفسي بها. فدارت عليها أقضية الله وحوادث الدّهر، فوقع فيها داءٌ فذهبت بقدرة الله. فبقيت لا أملك شيئاً، وصرت مهيناً مفكّراً، قد ذهب عقلي، وساءت حالي، وصرت ثقلاً على وجه الأرض. فلمّا بلغ ذلك أباها حال بيني
وبينها، وأنكرني، وجحدني، وطردني، ودفعها عنّي. فلم أدر لنفسي بحيلةٍ ولا نصرةٍ. فأتيت إلى عاملك مروان بن الحكم مشتكياً بعمّي، فبعث إليه، فلمّا وقف بين يديه، قال له مروان: يا أيّها الرّجل لم حلت بين ابن أخيك وزوجته؟ قال: أصلح الله الأمير، ليس له عندي زوجة ولا زوجته من ابنتي قط. قلت أنا: أصلح الله الأمير، أنا راضٍ بالجّارية، فإن
رأى الأمير أن يبعث إليها ويسمع منها ما تقول؟ فبعث إليها فأتت الجّارية مسرعةً، فلمّا وقفت بين يديه ونظر إليها وإلى حسنها وقعت منه موقع الإعجاب والاستحسان، فصار لي، يا أمير المؤمنين خصماً وانتهرني، وأمر بي إلى السّجن. فبقيت كأني خررت من السّماء في مكانٍ سحيقٍ، ثمّ قال لأبي بعدي: هل لك أن تزوّجها منّي، وأنقدك ألف دينارٍ، وأزيدك
أنت عشرة آلاف درهمٍ تنتفع بها، وأنا أضمن طلاقها؟ قال له أبوها: إن أنت فعلت ذلك زوّجتها منك.
فلمّا كان من الغد بعث إليّ، فلمّا أدخلت عليه نظر إليّ كالأسد الغضبان، فقال لي: يا أعرابي طلّق سعدى. قلت: لا أفعل. فأمر بضربي ثم ردّني إلى السّجن، فلمّا كان في اليوم الثّاني قال: عليّ بالأعرابي. فلمّا وقفت بين يديه، قال: طلّق سعدى. فقلت: لا أفعل. فسلّط عليّ يا أمير المؤمنين خدّامه فضربوني ضرباً لا يقدر أحدٌ على وصفه، ثمّ أمر بي إلى السّجن؛ فلمّا كان في اليوم الثّالث قال: عليّ بالإعرابي، فلمّا وقفت بين يديه قال: عليّ بالسّيف والنّطع وأحضر السيّاف، ثمّ قال: يا أعرابي، وجلالة ربّي، وكرامة والدي، لئن لم تطلّق سعدى لأفرّقنّ بين جسدك وموضع لسانك. فخشيت على نفسي القتل فطلّقتها طلقةً واحدةً على طلاق السّنّة، ثمّ أمر بي إلى السّجن فحبسني فيه حتّى تمّت عدّتها ثمّ تزوّجها، فبنى بها، ثمّ أطلقني. فأتيتك مستغيثاً قد رجوت عدلك وإنصافك، فارحمني يا أمير المؤمنين. فوالله يا أمير المؤمنين لقد أجهدني الأرق، وأذابني القلق، وبقيت في حبّها بلا عقلٍ، ثمّ انتحب حتىّ كادت نفسه تفيض. ثمّ أنشأ يقول:
في القلب منّي نارٌ
والنّار فيه الدّمار
والجّسم منّي سقيمٌ
فيه الطّبيب يحار
والعين تهطل دمعاً
فدمعها مدرار
حملت منه عظيماً
فما عليه اصطبار
فليس ليلي ليلٌ
ولا نهاري نهار
فارحم كئيباً حزيناً
فؤاده مستطار
اردد عليّ سعادي
يثيبك الجبّار

ثمّ خرّ مغشيّاً عليه بين يدي أمير المؤمنين كأنّه قد صعق به قال: وكان في ذلك الوقت معاوية متكّئاً، فلمّا نظر إليه قد خرّ بين يديه قام ثمّ جلس، وقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون. اعتدى والله مروان بن الحكم ضراراً في حدود الدّين، وإحساراً في حرم المسلمين: ثمّ قال: والله يا أعرابي لقد أتيتني بحديثٍ ما سمعت بمثله. ثمّ قال: يا غلام عليّ بداوةٍ وقرطاسٍ فكتب إلى مروان: أمّا بعد، فإنّه بلغني عنك أنّك اعتديت على رعيّتك في بعض حدود الدّين، وانتهكت حرمةً لرجلٍ من المسلمين. وإنّما ينبغي لمن كان والياً على كورةٍ أو إقليمٍ أن يغضّ بصره وشهواته، ويزجر نفسه عن لذّاته. وإنّما الوالي كالرّاعي لغنمةٍ، فإذا رفق به بقيت معه، وإذا كان لها ذئباً فمن يحوطها بعده. ثمّ كتب بهذه الأبيات:
ولّيت، ويحك أمراً لست تحكمه
فاستغفر الله من فعل امرئٍ زاني
قد كنت عندي ذا عقلٍ وذا أدبٍ
مع القراطيس تمثالاً وفرقان
حتّى أتانا الفتى العذريّ منتحباً
يشكو إلينا ببثٍّ ثمّ أحزان
أعطي الإله يميناً لا أكفّرها
حقّاً وأبرأ من ديني ودياني
إن أنت خالفتني فيما كتبت به
لأجعلنّك لحماً بين عقباني
طلّق سعاد وعجّلها مجهّزةً
مع الكميت، ومع نصر بن ذبيان
فما سمعت كما بلّغت في بشرٍ
ولا كفعلك حقاً فعل إنسان
فاختر لنفسك إمّا أن تجود بها
أو أن تلاقي المنايا بين أكفان

ثمّ ختم الكتاب. وقال: عليّ بنصر بن ذبيان والكميت صاحبيّ البريد. فلمّا وقفا بين يده قال: اخرجا بهذا الكتاب إلى مروان بن الحكم ولا تضعاه إلاّّ بيده. قال فخرجا بالكتاب حتّى وردا به عليه، فسلّما ثمّ ناولاه الكتاب. فجعل مروان يقرأه ويردّده، ثمّ قام ودخل على سعدى وهو باكٍ، فلمّا نظرت إليه قالت له: سيّدي ما الذي يبكيك؟ قال كتاب أمير المؤمنين، ورد عليّ في أمرك يأمرني فيه أن أطلّقك وأجهّزك وأبعث بك إليه. وكنت أودّ أن يتركني معك حولين ثمّ يقتلني، فكان ذلك أحبّ إليّ. فطلّقها وجهّزها ثمّ كتب إلى معاوية بهذه الأبيات:
لا تعجلنّ أمير المؤمنين فقد
أوفي بنذرك في رفقٍ وإحسان
وما ركبت حراماً حين أعجبني
فكيف أدعى باسم الخائن الزاني
أعذر فإنّك لو أبصرتها لجرت
منك الأماقي على أمثال إنسان
فسوف يأتيك شمسٌ لا يعادلها
عند الخليفة إنسٌ لا ولا جان
لولا الخليفة ما طلّقتها أبداً
حتّى أضمّنّ في لحدٍ وأكفان
على سعادٍ سلامٌ من فتىً قلقٍ
حتّى خلّفته بأوصابٍ وأحزان

ثمّ دفعه إليهما، ودفع الجّارية على الصّفة التي حدّث له. فلمّا وردا على معاوية فكّ كتابه وقرأ أبياته ثمّ قال: والله لقد أحسن في هذه الأبيات، ولقد أساء إلى نفسه. ثمّ أمر بالجّارية فأدخلت إليه، فإذا بجاريةٍ رعبوبةٍ لا تبقي لناظرها عقلاً من حسنها وكمالها. فعجب معاوية من حسنها ثمّ تحوّل إلى جلسائه وقال: والله إنّ هذه الجّارية لكاملة الخلق فلئن كملت لها النّعمة مع حسن الصّفة، لقد كملت النّعمة لمالكها. فاستنطقها، فإذا هي أفصح نساء العرب. ثمّ قال: عليّ بالأعرابي.
فلمّا وقف بين يديه، قال له معاوية: هل لك عنها من سلوٍ، وأعوّضك عنها ثلاث جوارٍ أبكارٍ مع كلّ جاريةٍ منهنٍ ألف درهمٍ، على كلّ واحدةٍ منهنّ عشر خلعٍ من الخزّ والدّيباج والحرير والكتّان، وأجري عليك وعليهنّ ما يجري على المسلمين، وأجعل لك ولهنّ حظاً من الصّلات والنّفقات؟ فلما أتمّ معاوية كلامه غشي على الأعرابيّ وشهق شهقةً ظنّ معاوية أنّه قد مات منها. فلّما أفاق قال له معاوية: ما بالك يا أعرابي؟ قال: شرّ بالٍ، وأسوأ حالٍ، أعوذ بعد لك يا أمير المؤمنين من جور مروان. ثمّ أنشأ يقول:
لا تجعلني هداك الله من ملكٍ
كالمستجير من الرّمضاء بالنّار
أردد سعاد على حرّان مكتئبٍ
يمسي ويصبح في همٍّ وتذكار
قد شفّته قلقٌ ما مثله قلقٌ
وأسعر القلب منه أيّ إسعار
والله والله لا أنسى محبّتها
حتّى أغيّب في قبري وأحجاري
كيف السّلوّ وقد هام الفؤاد بها
فإن فعلت فإني غير كفّار
فأجمل بفضلك وافعل فعل ذي كرمٍ
لا فعل غيرك، فعل اللؤم والعار

ثمّ قال: والله يا أمير المؤمنين لو أعطيتني كلّ ما احتوته الخلافة ما رضيت به دون سعدى. ولقد صدق مجنون بني عامر حيث يقول:
أبى القلب إلاّ حبّ ليل وبغّضت
إليّ نساءٌ ما لهن ذنوب
وما هي إلاّ أن أراها فجاءةً
فأبهت حتّى لا أكاد أجيب

فلمّا فرغ من شعره، قال له معاوية: يا أعرابي؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: إنك مقرٌّ عندنا أنّك قد طلّقتها، وقد بانت منك ومن مروان، ولكن نخيّرها بيننا. قال: ذاك إليك، يا أمير المؤمنين. فتحوّل معاوية نحوها ثمّ قال لها: يا سعدى أيّنا أحبّ إليك: أمير المؤمنين في عزّه وشرفه وقصوره، أو مروان في غصبه واعتدائه، أو هذا الأعرابي في جوعه وأطماره؟ فأشارت الجّارية نحو ابن عمّها الأعرابي، ثمّ أنشأت تقول:
هذا وإن كان في جوعٍ وأطمار
أعزّ عندي من أهلي ومن جاري
وصاحب التّاج أو مروان عامله
وكلّ ذي درهمٍ منهم ودينار

ثمّ قالت: لست، والله، يا أمير المؤمنين لحدثان الزمان بخاذلته، ولقد كانت لي معه صحبة جميلة، وأنا أحقّ من صبر معه على السّرّاء والضّرّاء، وعلى الشّدّة والرّخاء، وعلى العافية والبلاء، وعلى القسم الذي كتب الله لي معه. فعجب معاوية ومن معه من جلسائه منعقلها وكمالها ومروءتها وأمر لها بعشرة آلاف درهمٍ وألحقها في صدقات بيت المسلمين.
.

الجازي 12-10-2006 20:31

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 

بما أن التراث يجمع كل الشخصيات التي عرفناها عبرالتاريخ ..
هنالك شخصيات عشت معهما فتره من الزمن بقصصهم ورسائلهم .. وهما جبران خليل جبران وميّ زيادة ..
تلخيص بل مختصر تلك العلاقة تستحق أضافتها إلى حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة ..

بدأ حب جبران خليل جبران ومي زياده .. عن طريق الفكر والنشر .. في اوائل القرن العشرين ..

بعد أن اصاب كل منهما شهرة واسعة..

كانت مي معجبة بمقالات جبران وأفكاره .. فبدأت بمراسلته عقب أطلاعها على قصته " الأجنحه المتكسره "

التي نشرها في المهجر عام 1912 .. فكتبت له تعرب عن اعجابها بفكره وأسلوبه .. وتناقشه في ارائة بالزواج وقيوده .. والحب وأطواره ..

كانت الرسائل متقطعه في البداية .. الى أن أخذت تزداد حين توثقت العلاقة بينهما ..

واصبحت لهجته .. تتدرج من التحفظ إلى التبسط والتودد .. ومن الأعجاب .. إلى الصداقة الحميمة .. والتي تحولت الى حب عاصف .. في 1913 برغم حدوث سلسلة من الخلافات .. تحول عسل القلب إلى مرارة ..


كان يرى فيها طفولته واحلامه ومؤلفاته ومشاريعه الأدبيه .. وميوله وذكرياته .. وارائه في الأدب والروح والفن والفلسفه ..

وبرغم كل هذا .. لم يلتق جبران ومي .. ولو مره واحده !!

وكان من الممكن أن يحدث لقاء يؤدي إلى زواج يتوج هذا الحب .. وكان اللقاء ممكن أن يحدث في مصر أو لبنان .. أو امريكا .. ولكن جبران لم يحرّك ساكناً برغم تعبيره عن هذه الرغبة ..

علماً بأن مي .. زارت اوربا اكثر من مره خلال فترة هذا الحب .. ولكن يبدو أنه على تحرر مي فكرياً .. لكنها حريصه كل الحرص على سمعتها في المجتمع أن تخدش .. فلم تسعى هي للقاءه ..

دامت تلك العاطفه بينهما زهاء عشرين عاماً

توفي جبران قبل ميّ بعشر سنوات .. فتره كافيه أن تلتفت لحياتها مع العقاد الذي أحبها حباً صادقاً لولا اخلاصها لحب جبران ..

ربما يكو ن أهل مي وبعض المقربين منها قد أطلعوا على صلتها بجبران في حياتها ومنهم العقاد ,ولكن كانت حريصه على اخفائها عن الناس , وأبقتها سراً دفيناً في نفسها حتى ذلك اليوم الذي فجعت بموته عام 1931م , فبعد انقضاء شهر على وفاته اعترفت ميّ لقرائها بوجود مراسله طويله بينها وبين جبران وذلك في مقاله (جبران خليل جبران يصف نفسه في رسائله) ضمتها فقرات قصيره من رسائله اليها , وعبرت عن حزنها العميق عليه مصّوره غربتها وغربته في الوجود بعبارات موجعه قالت فيها

"حسناً فعلت بأن رحلت ! فاذا كان لديك كلمه أخرى فخير لك أن تصهرها وتثقفّها , وتطهرها لتستوفيها في عالم ربما يفضل عالمنا هذا في أمور شتى..."


نوف الثنيان 13-10-2006 00:19

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 


ولاده بنت المستكفي وابن زيدون .. عاشا في قرطبه .. في القرن الحادي عشر ميلادي ..

كانا أشهر العشاق في تاريخ الأدب العربي الأندلسي ..


عرفت ولاده ابن زيدون في فترة توليه منصب وزير في قرطبة ..وكان شاباً دون الثلاثين .. دعا اصدقاؤءه الى ندوتها فأستقبلته أحس استقبال .. ووضعته في الصداره .. لما كان من علو شأن في الأدب وفي السياسه . .

كان رجلاً حلو الحديث .. شجاعاً متدفق الحيويه .. فأعجبت به ولاده اعجاباً كبيراً ..

اما هو فقد وجد فيها .. جمال صارخ .. وتجسيداً للأدب الرفيع والفن الأصيل ..فأحبها حباً جماً ..

اما ولاّده فتحول إعجابها إلى ميل شديد مالبث أن تحول حباً كبيراً ..

حتى أصبح الشاعران العاشقان .. حديث الناس .. مما جلب لهما الألم والمتاعب .. فقد زاد هذا الحب من خصومة ابن زيدون .. وفي ومقدمتهم الوزير .. ابو عامر ابن عبدوي .. وابن عبدالله ابن القلاس ..

برغم حرص العاشقين على تكتم حبهما .. ويبدوا لنا جلياً واضحاً في قول ابن زيدون ..

اصونكِ من لحظات الظنونِ ...... وُأعليكِ من خطرات الفِكَر

وأَحذر من لحظات ِ الرقيبِ ...... وقد يُستدامُ الهوى بالحذرْ


أحب " ابن زيدون " " ولاده " بنت الخليفه المستكفي حباً ملك عليه مشاعره وعواطفه ..

وقد بادلته حباً بحب .. وسعدا بهذا الحب حينا من الدهر ثم كانت بينهما جفوة أذاقته مرارة الياًس والحرمان ..

ومن أروع قصائده في هذه المرحله " نونيته المشهوره " التي تصوّر شجونه وحنينه ولحهفته .. وسعادته المفقوده ..

وشقاءه وتعاسته إذ يقول فيها ..


أضحى التنائي بديلاً من تدانينا
...... وناب عن طيب لقيانا تجافينا
بنتُم وبنا فما ابتلت جوانحنا
...... شوقا إليكم ولا جفت مآقينا
نكاد حين تُناجيكم ضمائرنا
....يقضي علينا الأسى , لولا تأسينا
حالت لفقدكم أيامنا , فغدت
..... سوداً , وكانت بكم بيضاً لَيالينا

وللقصيدة تتمه طويله ..
.
.
.
.
.

أوقع خصوم ابن زيدون وحسّاده بينه وبين ولاّده من جهة وبين حاكم قرطبه من جهة ثانيه , وتمكنوا من اتهامه بالأختلاس زوراً وبهتاناً مما أدّى إلى زجّه بالسجن .. حيث ذاق الواناً من الظلم .. والعذاب عبّر عنها في قصائدة الأنسانية ..

.
.

متصفح يغري بالعودة مراراً وتكراراً للمتابعة وربما الإضافة ..
شكراً لـ منتدى تراثٌ وشخصيات .. ورمضان كريم ..


عنود 13-10-2006 22:37

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 
شيبان بن قويد
من الشخصيات التي لها باع في الشجاعه والمعرفه هو الشخص الذي فقد بصره في أوأخر عمره والذي أصيب بالبرص هو الفارس الشجاع المولود في 1313هـ تقريبا وهو الذي أنضم مع الملك عبدالعزيز ملبياً دعوته حين دعاه وهو الذي شارك في أكثر من فتح ومنها فتح الجنوب والطائف وغيرها .
هو شيبان بن قويد الدوسري من فخذ المساعره من صهيب من آل زايد ولد شيبان كما ذكرت في عام 1313هـ تقريباً في وقتا كانت الحروب مشتعله بين عمامه وأخواله ولقد كان أسمه عند ولادته بمترك ( بادي ) ولكن لخلقة وفروسيته أصر على كتابة اسمه بشيبان وهذا لانه يفتخر بأسم شيبان ولقد كان ابرصا ولكن البرص لم يعيقه من أكتساب الشجاعه مع أفراد قبيلته وخصوصا بعد ان عاش وحيداً بعد وفاة أبيه وأخيه علوش .
ولقد كانت أولى بطولاته والتي أثبت فيها بظهور فارساً جديد في القبيلة هو شيبان حيث قام هو ومن معه من أبناء قبيلته بغزو احدى القبائل المجاورة والتي كانت الغلبة لهم وغنم شيبان الكثير من الغنائم وبعد ورجوعهم الى الديار ذهب بهذه الغنائم الى عمته التي كانت تنزل من شأنه فأهداها أياها فقالت : ( الولد والقعود يخلفون العهود )
فقال هذه الابيات :

قصيـدة قلتهـا منظومـةٍ لـيـه
..............قولٍ مليحٍ علـى أولهـا وتاليهـا
المرجله ما تجي بيـعٍ ومشريـه
.............يكون من يضرب الداني وقاصيها
المرجله من على الجـدان مبنيـه
.............فعلٍ ووجودٍ وعاصم شورهم فيها
غير الثلاثه تـرا الباقيـن كوليـه
.................سركالي الناس قاصـرةٍ يمانيهـا
اللي يتعمل وهي من أصل جديـه
.................الله يعيبـه عليهـا ولا يخليـهـا
ورث الجده وبوه تسيـر عاديـه
..................وهومحل لهـا ويصيـر راعيهـا
الله يعينه عليهـا فـي المعسريـه
..............الظو تاكل حطبها اللـي يواليهـا
بيتٍ تجي فيه يظهر فيـه ماريـه
.....................اللـي لهلهـا مزينهـا مبانيـهـا
من جن عنده تجي لتباعته خيـه
...................قليب بدوٍ وتورد فـي مظاميهـا
يقبل على بيته ويقفـون رجليـه
................كنهم سباعٍ علـى رسٍ بيسقيهـا
لاجا المسير لقـى هيـلٍ وبريـه
...............معها صحنها قدوعٍ لـه يباريهـا
ون جات هجنٍ من الفرجه خلاويه
...............ثم نوخت عنده يرحـب يعشيهـا
هذي سلوم العرب ياللي لكم نيـه
......................لاشبها نشمـي يفطـن القافيهـا
وإذا تملـل يعرضهـا الشريطيـه
......................ياخذ ثمنها يبيع أو يشتـري فيهـا
الزين ما يرفع الرجـال عاريـهم
.........................ثل الفزازة اليا من ينتظر فيهـا
لاشفت مبناه وبلـه قلـت ماليـه
......................علامة الماء وهـي بـلا ثلاليهـا
سراب قاعٍ إذا جيتـه تبـي ريـه
..................يقفي بعيدٍ على الحزمان ماشيهـا
الديك يذن على طربوشتـه ذيـه
..................يدري بوقت الصلاة ولا يصليهـا
من غاضته ذا القصيده جعله الحيه
...................يصلي على محمد من كان يوحيها
أحب منها صلاة العيـد مرضيـه
................صلاة وسط يرغب ربنـا فيهـا

ولقد كان شيبان كثير الولع بالابل وكان يحبها حبا ملحوظ ويقال أنه في ذات يوم مر عليه راع تمر وقال له وقال له ماتبعيني شيئا من الابل فرد عليه شيبان بالرفض وقال هذه القصيده :

الهجن ما هي بلك يا البايع الشاري
الهجن للي يروس العلـم ويجيبـه
حرم عليها الخبل والشايب الهاري
يكود من قالت الماضي تجاريبـه
يا زين دعوامها او فيه مدهالـي
مع فضفض خالي جر العواذيبـه
اخذ الفرايس عليها دايما ضـاري
وان هجين الحرب جيناها مشاهيبه
كم ليلة بت انا في ظهرها ساري
لاعود اللاش يبغي حرمة اصحيبه

وكذلك في أحد الايام تأخرت أحدى الذلل من أبله وقدر أن تضيع فأرسل أبنه يدور عنها بعد أن كسبها في أحدى غزواته ومرت على الغدير لتشرب وتأخرت هذه الذلول من الابل فأرسل أبنه الذي أخذ مايقارب اليومين وهو يبحث عنها الى ان وجدها وعاد بها فبشروا شيبان بعودة أبنه والناقه معه فقال هذه القصيدة التي نورد منها بعض الابيات :

يامرحبا جاتنا (الظالع ) وراعيها
.............بالغايب اللي لفانا عند مظنونـه
يحلب لبنها لمنهو مشفـي فيهـا
...............للضيف والارفيق جا بما عونـه
كسب لنا من العدو ماني بشاريها
...............يوم الردى ما يشوف القوم بعيونه
لا ما التوينا على البال ما نخليها
.................عسر فككها يكود أحد يصيبونـه


ولقد أنضم الفارس شيبان بن قويد رحمه الله الى جيش الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه , فشارك في فتح الطائف ومكه وحصار جدة ولقد ارسل الملك عبدالعزيز بعد فتره رساله من الملك عبدالعزيز يطلب منه الانضمام الى الجيش ولبى شيبان هذه الدعوه هو ومن معه من القبيلة , وشارك بفاطره التي لاحظ عليها التعب والهزل قبل الحرب وتذكر فعلها سابقا فقال هذه القصيدة :

لي فاطر نيهـا فيـة الشحـم واري............ركابهـا لا بغافـج يـنـوي بــه
سرنا عليها سمين وانكفـت عـارى.............في لازم الحاكم اللي جـت مناديـه
كم ليل غدرا عليها فالخـلا سـاري...............لاخلف اللاش يبغي حرمة صحيبـه
كم وردت منهل عقب العرب صاري................عـاف جنابـه ويبـاس مغاريبـه
يا زينها لا عفـا داهومهـا الـذاري................مع مربـع خالـي جـر العواذيبـه
معنا من الكشف صنعت كافر الناري.................تشلا المظابير ما تبـرا مضاريبـه

وفي أحدى قصائده يقول أيضا :

إنا هل الهجن لا من شاننا شانـي............اللي نسوق النظا لا جت مواجبهـا
عاداتنا من على العصر ابن بدراني..............لا من ركبنا عليها ما نروف بهـا
سقنا الركايب وجينا المركز الثاني..............وصلت بنا الطور تومي في جنايبها
نعشي الطير هو والذيب سرحانـي.................وما زاد منهـا تعشاهـا ثعالبهـا
كله لعيناك يا سحـاب الاردانـي..................اللي تحط المزعفر فـي ذوايبهـا
كم نشر قوم علية نجـر الاكوانـي.................لامن خذينا ابلهم غصب نروح بها
يكون من هو يجينا يأخـذ العانـي.................هـذاك لا وافقـت ابلـة نجنبهـا
لا من لحقنا الطلب منـا بذلانـي...................زكم سباق من خيار القوم نعطبهـا
الادمسعر إلا مـن ثـار دخانـي........................هذا طريح وذيك تعـض غاربهـا

وفي يوماً من الايام طلب منه أحد الاشخاص ان يترك الابل وتربيتها وأن يستقر في البيت ويضعون له التلفزيون والراديو فقال :
انا هل الهجـن ماحنـا باهـل رادي............ولا باهـل تلفـزون ننتظـر فيهـا
انا هل الحرب يوم الجيـش ينقـادي..............نبغى جهـاد الكفـر بالقتـل نبغيهـا
النار شبت ونـار الحـرب وقـادي................وانـا علـى جالهـا وانـا نبغيهـا
لامن ركزنا الوعد في يوم ميعـادي...................جاتك طـرار ترافـا يـوم داعيهـا
من فوق حيل عليها غـازي عـادي....................ندرس عليهـا السبـب والله يقديهـا
لا من ظهرنا على البل قمت أنا انادي.....................يا هل المراجل ترانا اليـوم بنفيهـا
غرنا عليهم وجا يـوم بـه طـرادي.....................ورحنا بهم والجنب وافراسهـم فيهـا
كم طاح من ضربهم من ميت غادي.........................على ثر البـل تخلـي جثتـة فيهـا
الضبع يشبع ومادي الذيـب جـلادي...........................على الجنايز وحـط المرجلـة فيهـا
نقسم على القوم ضمد أوهي فـرادي..........................على النشامى وقسمـي وافـي فيهـا


ولقد توفي شيبان في أواخر الثمانينات بعد أن فقد بصره ولقد تفرغ للعلم وحفظ القرآن رحمه الله .

منقول

فوزي المطرفي 15-10-2006 08:19

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 



.
قيل أن ليلى الأخيلية قدمت على الحجاج بن يوسف وعنده وجوه أصحابه وأشرافهم إذ أقبلت جارية فأشارت إلى الحجاج وأشار إليها بيده، فذهبت فما تلبث أن جاءت امرأة من أجل النساء وأكمله وأتمه خلفاً وأحسنه محاورة، فلما دنت منه سلمت عليه وقالت: أتأذن أيها الأمير? قال: نعم. فأنشأت تقول:
أحجَّاج إن اللَّهَ أعطاكَ غايةً
يقصر عنْها منْ أرادَ مداها
أحجَّاج لا يفْللْ سِلاحك إنَّما
المنايا بكف اللَّه حيث يراها

حتى أتت على آخرها.
فقال الحجاج لمن عنده: أتدرون من هذه? قالوا: ما نعرفها ولكنا ما رأينا قط امرأة أطلق لساناً منها، ولا أجمل وجهاً، ولا أحسن لفظاً فمن هي أصلح الله الأمير?? قال: هذه ليلى الأخيلية صاحبة توبة بن الحمير العقيلي التي يقول فيها:
فلو أنَّ ليلى الأخيلية سـلـمَـت
عليّ وفوقي تـرْبَةٌ وصَـفـائحُ
لَسَلمْتُ تسليم البـشـاشَةِ أو زَقـا
إليها صدىً من جانبِ القبر صائحُ

ثم قال: يا ليلى أنشدينا بعض ما قال توبة فيك، فأنشدته:
نأتْكَ بليلى دارها لا تـزورهـا
وشطَّتٌ نواها واستمرَّ مريرها
وكنت إذا ما زرْت ليلى تَبَرْقَعَت
فقد رابني منها الغداة سُفورها

حتى فرغت من القصيدة.
فقال لها: يا ليلى وماذا رابه من سفورك? قالت: اصلح الله الأمير! لم يرني قط إلا متبرقعة فأرسل إلي رسولاً إنه ملم بنا، وفطن الحي لرسوله، فأخذوا له واستعدوا وكمنوا، ففطنت لذلك من أمرهم، فلما رأى ذلك أنكره، فلم يزد على أن سلم وانصرف. فقال الحجاج لله درك يا ليلى فهل كان بينكما ريبة قط? قالت: لا والذي"أسأله أن يصلحك" إلا أنه مرة قال قولاً، فأضنه أنه خضع لبعض الأمر فقلت:
وذي حاجةٍ قلنا له لا تبح بها
فليس إليها ما حييت سبـيل
لنا صاحبٌ لا ينبغي أن نخونه
وأنت لأخرى صاحبٌ وخليل

فما كلمني بعد ذلك بشيء حتى فرق بيني وبينه الموت.
.

تراثٌ وشخصيات 16-10-2006 14:44

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 


.
(5)
حديث المرأة التي سكنت البادية قريباً من قبور أهلها
قال أبو علي: وحدثنا ابو بكر بن دريد رحمه الله قال أخبرنا عبد الرحمن عن عمه قال: دُفعت يوماً في تلمسي بالبادية إلى وادٍ خلاء لا أنيس به إلا بيتٌ معتنزٌ بفنائه أعنزٌ وقد ظمئت فيممته فسلمت، فإذا عجوز قد برزت كأنها نعامةٌ راخم، فقلت: هل من ماء؟
فقالت: أو لبن؟ فقلت: ما كانت بغيتي إلا الماء، فإذا يسر الله اللبن فإني إليه فقير، فقامت إلى قعب فأفرغت فيه ماء ونظفت غسله ثم جاءت إلى الأعنز فتغبّرتهن حتى احتلبت قراب ملء القعب، ثم أفرغت عليه ماء حتى رغا وطفت ثُمالته كأنها غمامة بيضاء، ثم ناولتني إياه فشربت حتى تحببت رياً، واطمأننت فقلت: إني أراك معتنزة في هذا الوادي الموحش والحلة منك قريب، فلو انضممت إلى جنابهم فأنست بهم! فقالت: يابن اخي، إني لآنس بالوحشة، وأستريح إلى الوحدة، ويطمئن قلبي إلى هذا الوادي الموحش، فأتذكر من عهدت، فكأني أخاطب أعيانهم، وأتراءى أشباحهم، وتتخيل لي أندية رجالهم، وملاعب ولدانهم، ومندى أموالهم؛ والله يابن أخي، لقد رأيت هذا الوادي بشع اللديدين، بأهل أدواح وقباب، ونعمٍ كالهضاب، وخيل كالذئاب، وفتيان كالرماح، يبارون الرياح، ويحمون الصباح؛ فأحال عليهم الجلاء قماً بغرفةٍ، فأصبحت الآثار دارسة، والمحال طامسة، وكذلك سيرة الدهر فيمن وثق به. ثم قالت: ارم بعينك في هذا الملا المتباطن؛ فنظرت، فإذا قبورٌ
نحو أربعين أو خمسين، فقالت: ألا ترى تلك الأجداث؟ قلت: نعم! قالت: ما انطوت إلا على أخ أو ابن أخ، أو عم أو ابن عم، فأصبحوا قد ألمأت عليهم الأرض، وأنا أترقب ما غالهم؛ انصرف راشداً رحمك الله.

.

ثامر الشعيفان 18-10-2006 20:32

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 



أكد المحققون والباحثون العرب بأن منهج الرومان في الشعر هو " أعذب الشعر أكذبه " أما منهج العرب فـ " أعذبه أصدقه " اخترتُ لـ نفسي ولكم من أصدق الشعر أعذبه

من روائع المراثي
جزءٌ من محاضرة ( من أعذب الشعر ) للشيخ : ( عائض القرني )

التهامي شاعر عجيب، مات ابنه وهو في الرابعة عشرة من عمره، وهذا السن عجيب الرابعة عشرة والعاشرة وما حولها، أحسن سن للشباب، ولذلك تجد أهل المصائب إذا أصيب بابن في هذا السن، يبلغ ببعضهم -إن لم يمده الله بالصبر- أن ينهار.

رثاء التهامي لابنه

هذا لما مات ابنه نظم قصيدة رائعة من أروع القصائد، بديعة، يقول فيها:

حكم المنية في البرية جاري......ما هذه الدنيا بدار قرار
إني وترت بصارم في رونق.......أعددته لصلابة الأوتار
جاورت أعدائي وجاور ربه.......شتان بين جواره وجواري



يقول: أما أنا فبقيت مع أهل الدنيا وأهل النكد، وأما هو فأخذه الله إلى جواره:
جاورت أعدائي وجاور ربه.......شتان بين جواره وجواري
يقولون: رئي التهامي في المنام فقالوا: ما فعل الله بك؟ قال غفر لي، فقالوا: بماذا؟ قال: بقولي:
جاورت أعدائي وجاور ربه.......شتان بين جواره وجواري

يقول ابن القيم : لله در آسية عليها السلام امرأة فرعون يوم قالت: إِذْ قَاَلت رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ [التحريم:11] قال: فقدمت الجار قبل الدار؛ إِذْ قَاَلت رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ [التحريم:11] لم تقل: ابن لي بيتاً في الجنة عندك، وإنما قالت: رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ [التحريم:11] فقدمت الجار قبل الدار، وهو جوار الله عز وجل، ونسأل الله عز وجل أن نكون من جيرانه في دار النعيم.


رثاء زوجة لـ جرير

رثاء الزوجات وارد، وهذا لمن يكون بينه وبين أهله ألفة، توفيت زوجة جرير فرثاها بمرثية، يقول:
لولا الحياء لهاجني استعبـار.......ولزرت قبرك والحبيب يزار
ولقد نظرت وما تمتع نظرة.......في القبر حيث تمكن المحسار
صلى عليك الله ما سنح الدجى.......والصالحون عليك والأبرار
أبيات طويلة، لكنها من أعظم ما قيل في رثاء الزوجات.



متمم بن نويرة

دخل متمم بن نويرة على عمر رضي الله عنه، ومتمم شاعر من شعراء العرب، فقال عمر : يا ليتني يا متمم كنت شاعراً، فأرثي أخي زيداً ، وزيد أسلم قبل عمر واسمه زيد بن الخطاب ، أسلم قبل عمر ، وهاجر قبل عمر ، واستشهد قبل عمر في اليمامة ، وكان عمر كلما ذكر زيداً يقول: [[والله ما هبت الصبا من نجد إلا جاءتني بريح زيد ]] والصبا الريح، التي تهب من المشرق وزيد قتل في اليمامة في جهة نجد ، فكان عمر يبكي دائماً يقول: يا ليتني كنت شاعراً، فأرثي زيداً .

ومتمم هذا قتل أخوه مالك بن نويرة ، قتله خالد بن الوليد ، فلما قتله بكى متمم على أخيه حتى ذهبت إحدى عينيه، يقول:

وكنا كندماني جذيمة برهةً.......من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
وعشنا بخير في الحياة وقبلنا.......أصاب المنايا رهط كسرى وتبعا
فلما تفرقنا كأني ومالكاً.......لطول اجتماع لم نبت ليلة معا


يقول: ما كأنا عشنا ليلة.

الفراق عند العرب من أعظم ما يكون، وأشد شيء على النفس الفراق، قيل لـجعفر الصادق رضي الله عنه وأرضاه: لماذا لا تصاحب إخوانك؟ قال: خوف الفراق؛ كأنه يقول: أستوحش إذا فارقتهم، ولذلك أتركهم من أول الطريق، وكان الحسن البصري إذا ودع إخوانه يبكى حتى يخاف عليه.

ويقول:
وخفف وجدي أن فرقة واحد.......فراق حياة لا فراق ممات

وكان المتنبي يوم فارق سيف الدولة وهو غضبان عليه يقول:
فراق ومن فارقت غير مذمم....... وأم ومن يممت خير ميمم
رمى واتقى رميي ومن دون ما اتقى.......هوى كاسر كفى وقوسي وأسهمي



يقول متمم في أخيه مالك وكان إذا رأى قبراً بكى:
لقد لامني عند القبور على البكا ....... رفيقي لتذراف الدموع السوافك
فقال أتبكي كل قبر رأيته ....... لقبر ثوى بين اللوى بالدكادك


كلما مر بقبر بكى لتذكره قبر أخيه، والله المستعان، أخوه قبره كان بعيداً في بادية من بوادي العرب، لكن إذا رأى أي قبر بكى، قال:
فقال أتبكي كل قبر رأيته....... لقبر ثوى بين اللوى بالدكادك
فقلت له إن الشجى يبعث الشجى.......فدعني فهذا كله قبر مالك



رثاء أبي تمام لمحمد بن حميد الطوسي

والرثاء عند العرب جميل، كان أحد قواد العرب واسمه محمد بن حميد الطوسي في عهد المعتصم العباسي يقاتل الكفار من صلاة الصبح حتى غربت الشمس ثم قتل، أتدرون كم كان عمره؟ يقولون: ما يقارب السادسة والثلاثين، فكان شاباً قوياً، وكان مؤمناً بالله، لبس أكفانه من الصباح، وأخذ يقاتل بالسيف حتى تكسرت سيوفه، فقتل مع الغروب، فلما قتل قال فيه أبو تمام الشاعر قصيدة يرثيه بها، فلما سمعها الخليفة قال: والله الذي لا إله إلا هو لوددت أني قتلت وأنها قيلت في.

وكان كلما كسروا سيفه أخذ سيفاً آخر، فيكسرونه، فيأخذ ثالثاً حتى وصل الغروب، وقد كسرت يده فقتلوه، يقول أبو تمام :

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر....... فليس لعين لم يفض ماؤها عذر
توفيت الآمال بعد محمد ....... وأصبح في شغل عن السفر السفر
فتى كلما فاضت عيون قبيلة ....... دماً ضحكت عنه الأحاديث والذكر
تردى ثياب الموت حمراً فما دجا ....... لها الليل إلا وهي من سندس خضر
ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعة ........ غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر


يقول: حتى الأرض كانت تتمنى أنها كلها قبر لك
وما مات حتى مات مضرب سيفه ....... من الضرب واعتلت عليه القنا السمر

يقول: لم تمت حتى تكسرت السيوف وتقصفت عليك الرماح:
وقد كان فوت الموت صعباً فرده.......عليه الحفاظ المر والخلق الوعر
ونفس تعاف الذل حتى كأنه ....... هو الكفر يوم الروع أو دونه الكفر
عليك سلام الله وقفاً فإنني ....... رأيت الكريم الحر ليس له عمر


إلى آخر ما قال، وهي من أبدع ما قيل.



جرير يرثي بشر بن مروان

يقول الحسن البصري : دخلت على بشر بن مروان أخي عبد الملك بن مروان ، والي العراق ، يقول الشاعر:
قد استوى بشر على العراق........من غير سيف ودم مهراق


قال: فدخلت عليه فوجدته غضاً سميناً، عنده الأطباء، وعنده الحشم، وعنده المغنون، وعنده الشعراء، قال: ثم خرجت وجئته في اليوم الثاني، وإذا هو مريض في سكرات الموت، قد نزل من سريره، وكشف فراشه، وهو يتقلب على التراب، ويبكي ويقول: مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ [الحاقة:28-29].

انظر بالأمس كيف كان، وكيف هو اليوم، أمس على سريره وعنده الوزراء والأمراء والشعراء والأدباء والمغنون، والآن على التراب يقول: ما أغني عني ماليه هلك عني سلطانيه، قال: والله ماخرجت من قصره حتى مات، قال: فحملناه إلى المقبرة، فأتى الفرزدق الشاعر فقال:
أعيناي إن لم تسعفاني ألمكما.......فما بعد بشر من عزاء ولا صبر
ألم تر أن الأرض بعدك أظلمت ........ وأن نجوم الليل بعدك لا تسري



ذكر الذهبي أن محدثاً من المحدثين رحمه الله كان في سكرات الموت، فسمع أحد طلاب الحديث يقول: حدثنا فلان، عن فلان، وهذا المحدث على حافة عالم الآخرة، ولكن تذكر مجالس الحديث ومجالس العلم، فبكى كثيراً ثم قال: أجلسوني، قالوا: أنت في وضع خطير، قال: أجلسوني، فأجلسوه، قال للطالب: أعد قول حدثنا، فأعاد فقال:

سقوني وقالوا لا تغن ولو سقوا ........ جبال سلمى ما سقيت لغنت


البيت هذا لرجل من العرب أسروه، ثم شرب الخمر فغنى ورفع صوته، قالوا: لا تغن تسمع الأعداء، قال: تسقوني الخمر ولا أغني، ولذلك الخمر والغناء شريكان، وهما طريقان إلى النار، وإنما ذاك يقول: أسمع الحديث ولا أجلس، وأنا روحي في الحديث.
أحد المحدثين يقول في الرسول صلى الله عليه وسلم:
من زار بابك لم تبرح جوارحه........ تروي أحاديث ما أوليت من منن
فالعين عن قرة والكف عن صلة ........ والقلب عن جابر والسمع عن حسن


هؤلاء الرواة ولكن هو حولها إلى أسماء، يقول:
يا رسول الله من أتى إلى بابك أصبحت جوارحه تروي ما أمليت من هذا العلم، وقرة العين توافق اسم قرة بن شريك من المحدثين، والصلة توافق اسم صلة بن أشيم المحدث، وجابر القلب توافق اسم جابر بن عبد الله ، وحسن السمع يوافق اسم الحسن البصري ففي البيت تورية، فالكلمات كأنها أسماء الرواة وهو يقصد معاني أخرى.



المصدر : تسجيلات الشبكة الإسلامية
http://audio.islamweb.net

فوزي المطرفي 20-10-2006 03:14

ربما تابع.
 


.

ومن عظيم صبر النساء وعجيبه:
ما كان من أمر أم سليم امرأة أبي طلحة الأنصاري: مرض ابنها منه فمات، فسجته في المخدع ثم قامت فهيأت لأبي طلحة إفطاره، كما كانت تهيئ له كل ليلة، فدخل أبو طلحة وقال لها: كيف الصبي؟ قالت: بأحسن حال بحمد الله، ثم قامت فقربت إلى أبي طلحة إفطاره، ثم قامت إلى ما تقوم إليه النساء، فأصاب أبو طلحة من أهله، فلما كان في السحر قالت: يا أبا طلحة ألم تر آل فلانٍ استعاروا عارية فلما طلبت منهم شق عليهم، فقال: ما أنصفوا، قالت: فإن ابنك كان عاريةً من الله وإن الله قد
قبضه إليه، فحمد الله واسترجع، ثم غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا أبا طلحة بارك الله لكما في ليلتكما.
*
ومن التأسي العجيب والاحتساب الجميل:
ما فعلته أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما في حرب ابنها عبد الله بن الزبير: دخل عليها في اليوم الذي قتل فيه فقال: يا أمه، خذلني الناس حتى أهلي وولدي ولم يبق إلا اليسير ومن لا دفع عنده أكثر من صبر ساعة من النهار، وقد أعطاني القوم ما أردت من الدنيا فما رأيك؟ قالت: إن كنت على الحق وتدعو إليه فامض عليه فقد قتل عليه أصحابك، ولا تمكن من رقبتك غلمان بني أمية فيتلعبوا بك، وإن قلت إني كنت على حق فلما وهن أصحابي ضعفت نيتي ليس هذا فعل الأحرار، ولا فعل من فيه خير. كم خلودك في الدنيا؟ القتل أحسن ما نقع به يا ابن الزبير. والله لضربة بالسيف في عز أحب إلي من ضربة بسوط في ذل. قال لها: هذا والله رأيي الذي قمت به داعياً إلى الله، والله ما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله تعالى، أن تهتك محارمه. ولكني أحببت أن أطلع رأيك فزدتني قوة وبصيرة مع قوتي وبصيرتي. والله ما
تعمدت إتيان منكر، ولا عملاً بفاحشة، ولم أجر في حكم، ولم أغدر في أمان، ولم يبلغني عن عمالي ظلم فرضيت به، بل أنكرت ذلك، ولم أغدر في أمان، ولم يبلغني عن عمالي ظلم فرضيت به، بل أنكرت ذلك، ولم يكن شيء عندي آثر من رضى ربي سبحانه وتعالى، اللهم إني لا أقول ذلك تزكية لنفسي ولكن أقوله تعزية لأمي لتسلو عني. قالت له: والله إني
لأرجو أن يكون عزائي فيك حسناً بعد أن تقدمتني، فإن في نفسي منك حوجاء حتى أنظر إلى ما يصير أمرك. ثم قالت: اللهم ارحم طول ذلك النحيب والظمأ في هواجر المدينة ومكة وبره بأمه. اللهم إني قد سلمت فيه لأمرك، ورضيت منك بقضائك، فأثبني في عبد الله ثواب الشاكرين. فودعها فوجدت مس الدرع تحت ثوبه. فقالت: ما هذا فعل من يريد
ما تريد. فقال: إنما لبسته لأشد منك. قالت: فإنه لا يشد مني. وقال لها فيما خاطبها به: إني ما أخاف القتل وإنما أخاف المثلة، فقالت: يا بني إن الشاة لا تبالي بالسلخ بعد الموت.

*

ولما حَضرت الإسكندرَ الوفاةُ كَتب إلى أمِّه:
أن اصنَعي طعاماً يحضُره الناسُ، ثم تَقدّمي إليهم أن لا يَأكل منه مَحْزون، ففَعلت. فلم يبْسُط إليه أحدٌ يده، فقالت: ما لكم لا تَأكلون؟ فقالوا: إنك تقَدّمت إلينا أن لا يأكلَ منه مَحْزون، وليس منَّا إلا من قد أصيب بِحَميم أو قرِيب؛ فقالت: مات واللّه ابني وما أَوْصى إِليّ بهذا إلا ليُعَزِّينَى به.


.

تراثٌ وشخصيات 21-10-2006 00:54

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 

.
"دعاء أعرابي عشية عرفة بالموقف"
قال أبو علي رحمه اللّه وحدثنا أبو بكر بن البستنبان قال حدّثنا أبو يعلى عن الأصمعي قال: شهدت أعرابياً عشية عرفة بالموقف فسمعته يقول: اللهم إن هذه العشّية من عشايا منحتك، وأحد أيام زلفتك؛ فيها يقضّ إليك بالهمم، بكل لسان تدعى، وكلُّ خيرك فيها يبغى؛ أتتك الضّوامر من الفجّ العميق، وجابت إليك المهارق من شعب المضيق؛ ترجو ما لا خلف له من وعدك، ولا متّرك له من عظيم أجرك، أبرزت إليك وجوهها المصونة صابرةً على لفح السّمائم، وبرد ليل التمائم، ليدركوا بذلك رضوانك؛ ثم انتخب وبكى ورفع يدبه وطرفه إلى السماء، ثم أنشأ يقول: إلهي إن كنت مددت يدي إليك داعياً، فطالما كفيتني ساهياً، نعمتك تظاهرها علىّ عند القفلة، فكيف أياس منها عند الرّجعة؛ ولا أترك رجاءك لما قدّمت من اقتراف آثامك، وإن كنت لا أصل إليك إلا بك؛ فهب لي يا ربّ الصّلاح في الولد، والأمن في البلد، وعافني من شرّ الحسد، ومن شرّ الدّهر النّكد.
.

فوزي المطرفي 27-10-2006 19:38

رد : حَـكَـايـا رمَـضَـانِـيِّة
 


.

مِنْ صَمِيم الحَيَاة

هذه قصة شاب مدرس في ثانوية البنات حديث السن لم يجاوز الرابعة والعشرين حتى الآن، معتزل متفرّد عاكف على كتبه ودفاتره، لا يخالف الناس، وليس ممن يبتغي الظهور فيهم والحظوة لديهم، فلا يحاول أحد من القراء أن يبحث عنه أو يسعى إلى معرفته، وليكتفوا من قصته التي قصها عليّ بمكان العبرة منها، إذا كان قد بقي في القارئين من يحرص على العبرة أو يسعى إلى الاعتبار…
وهذا الشاب ابن صديق من أدنى أصدقائي إلى قلبي، وكان في صباه تلميذا لي، وكان من أذكى الطلاب قلبا وأطهرهم نفسا، وأمتنهم خلقا، وأتقاهم لله في سر وفي علن، وكان في صغره جادا بعيدا عن المزاح، مجتنبا للهزل، بارا بأمه وأبيه، لا يعرف إلا مدرسته وبيته، لم ير قد واقفا في طريق، أو ماشيا إلى لهو، وثبت على ذلك حتى شب وأكمل الدراسة، وفارق المدرس، وهو لم يدخل قهوة ولا سينما، ولم يصاحب أحدا أبدا، ولم يجالس امرأة غير أمه ولم يكلمها..
وكان لذلك بمنزلة الأخ الأصغر مني، أحبه محبة الابن، ويُجلّني إجلال الوالد، وكان ينفض إلي دخيلته، ويكشف لي سريرته، وكان من مزاياه أنه صادق اللهجة، لم أجرب عليه في هذه المدة الطويلة كذبا قط…
وانقطع عني مدة طويلة، ثم رأيته فأخبرني أن والديه قد توفيا بالتيفوئيد في شهر واحد، وأنه غدا وحيدا فاحترف التعليم، وبعثت به الوزارة لما تعلم من عظم أخلاقه إلى مدرسة ثانوية للبنات، فثار وأبى وطلب نقله إلى غيرها من مدارس البنين، فما زالوا به يداورونه ويقنعونه بأنه إن كان معلم البنات رجل مثله، فذلك خير لهن من أن يدخل عليهن فاسق خبيث، وإن قبوله التدريس في هذه المدرسة قربة إلى الله فخدع المسكين وقبل!
قال: وبتّ ليلة افتتاح المدرسة بليلة نابغيّة لم ينطبق فيها جفناي، من الفكر والوساوس والمخاوف، فلما أصبح الصباح ذهبت أقدم رجلا وأؤخر أخرى، حتى دخلت المدرسة، فما راعني عند الباب إلا أن فتاتين كاملتي الأنوثة ليستا بالصغيرتين ولا القاصرتين قد دخلتا أمامي، فلما صارتا من داخل ألقتا عنهما الخمار، فعادتا كأنهما في دارهما، وتلفت حولي فإذا ملء الساحة فتيات نواهد نواضج الأجساد، قد حسرن ورحن يلعبن ويمشين، شعورهن مهدلات على الأكتاف، فأحسست كأنما قد صبّ عليّ دلو من الماء الحامي، فاحترقت منه أعصابي، فاستدرت راجعا ونفضت يدي من الوظيفة، وقلت: الرزق على الله!
وقصدت بيتي فما وسعني والله البيت، ووسوس إليّ (لا أكتمك) الشيطان، وزيّن لي تلك المتعة بمعاشرة أولئك الفتيات، والحياة بينهن، فاستعذت بالله، وأعرضت عنه، وذهبت أفتش عن عمل غير هذا، فسدّت في وجهي الأبواب إلا هذا الباب، ولاحقتني الوزارة وإدارة المدرسة حتى عدت مكرها..
وأنا رجل رُضْت نفسي على العفاف، وأخذتها بضروب الرياضات حتى سكنت شرّتها، ولكنها مع ذلك كانت تثور بي كلما سبقت عيني وأنا غافل إلى فتاة في الشارع كاشفة، أو سمعت أذني حديثا من أحاديث الشبان سقط إليّ وأنا لا أطلبه، أو قرأت (وقلما أقرأ) قصة خليعة، أو نظرت (ونادر أن أنظر) مجلة من المجلات الداعرة الخبيثة وما المرأة التي يفتش عنها الشبان ويتحدثون عنها إلا هذه النَّصَف التي تصلح ما أبلى الدهر منها بالثياب والأصباغ وما عند العطار، والتي تقاذفتها الأيدي حتى صارت كالغصن الذاوي وكالثوب الخرق، فما بالك بشاب كتب عليه أن يعاشر النهار كله فتيات كزهرة الفلّ، أو كالغلالة الجديدة، لم تمسسهن يد بشر، ولم يعرفن من تجارب الحياة ما يتّقين به شباكها، ويطلب منه أن يكون عفيفا شريفا، وأن يكنّ هن أيضا عفيفات شريفات، وله في نفوسهن مثل الذي لهن في نفسه؟
يا أستاذ! إن الخطر أشد مما تتوهمون أنتم معشر الكتاب المعتزلين في بيوتهم أو في أبراجهم العاجيّة –كما يقولون عن أنفسهم- الخطر أشد بكثير… شباب وشابات، يُصبي كلاً منهما أن يشم ريح الآخر من مسيرة فرسخ، يجتمعون على دروس الأدب وقراءة أشعار الغزل… تصور (يا أستاذ) المدرس يلقي على طالباته حديث ولادة وابن زيدون، وأنها كتبت كما رووا (كذبا أو صدقا) على حاشية ثوبها
أمكن عاشقي من صحن خدي
وأمنح قبلتي من يشتهيها

ويمضي يشرح لهن ذلك ويفسره لهن.. حالة فظيعة جدا يا أستاذ… ولو كنّ كبيرات مسنات، أو كنّ مستورات محجبات، أو لو كن صائمات مصليات يخفن الله، لهان الأمر، ولكنهم يجتمعون بهن على سفور وحسور وتكشف، وتنطلق البنت حرّة تزور معلمها في داره، وتمشي معه إن دعاها للسينما، أو المنتزّه، كذلك يرى الآباء اليوم بناتهم فلا ينكرون ذلك عليهم!
أنا لا أقول أن الآباء كلهم لا يهمهم أعراض بناتهم، وأن كل أب قَرْنان، معاذ الله أن أقول ذلك، ولكن في الآباء قوما مغفلين، أعمى أبصارهم بريق الحضارة الغربية فحسبوا كل شيء يجيء من الغرب هو خير وأعظم أجرا، ولو كان ذهاب الأعراض والأديان والأبدان! إن هؤلاء كالنعامة يلحقها الصياد فتفر منه حتى إذا عجزت أغمضت عينيها ودسّت رأسها في التراب لظنها أنها لم تبصر الصياد، فإن الصياد لا يراها! إن هذا الأب يحسب أن كل رجل ينظر إلى ابنته بعينه هو، وطبيعي منه ألا ينظر هو إليها بعين الشهوة، فلذلك يطلقها في الشارع، ويبعث بها إلى المدرسة على شكل يفتن العابد، ويحرّك الشيخ الفاني!
دخلت يا سيدي ودرّست، وكنت أغض بصري ما استطعت وأحافظ على وقاري، ولا أنظر في وجوه الطالبات إلا عابسا، وكنت مع ذلك أداري من أثرهن في أعصابي مثل شفرة السيف الحديد، وإذا قرع الجرس خرجت قبلهن مهرولا حتى لا أماشيهن ولا أدنو منهن، فذهبت مسرعا إلى داري أصلي وأسأل الله أن يصرف عني هذه المحنة، وان يجعل رزقي في غير هذا المكان، وكنت أصوم وأقلل الطعام لأطفئ هذه النار، فإذا مشيت إلى الفصل وسمعت كلامهن، وسبقت عيني إلى بعض ما يبدين من أعضائهن وزينتهن زادت ضراما واشتعالا!
وكان فيهن طالبة هي… لا.. لست أصفها ولا ينفعك وصفها، وحسبك أن تعلم أنها ذكية ومتقدمة في رفيقاتها، وأنها من أسرة من أنبل الأسر، وأنها فوق ذلك جميلة جدا.. جدا.. إنها تمثال، وهل رأيت مرة تماثيل الجمال والفتنة…؟ وكانت كلما نظرتْ إليّ قرأت في عينيها كتابا مفتوحا، رسالة صريحة لي أنا وحدي، وأحسست منها بمثل شرارات الكهرباء تخرق قلبي… فكنت أزداد عبوسا وإعراضا، فلا يردها عبوسي ولا يثنيها إعراضي، وأسرعت مرة ورائي وأنا خارج وهي تناديني: ((سؤال يا أستاذ))… ولها في صوتها رنّة… يا لطيف..! فوقفت لها فجعلتْ تدنو مني حتى شعرت كأني ألامس… ألامس ماذا؟ لا أجد والله شيئا أشبهها به، لأنه ليس في الدنيا شيء آخر له مثل هذا التأثير… فهربت منها وأسرعت إلى الدار، وحرصت على ألا أدعها أو أدع غيرها تفعل مثل هذا!
وعقدت العزم عقدا مبرما على ترك التدريس، وخرجت من الفصل بهذه العزيمة، وكان في الساحة تلميذات فرقة أخرى في درس الرياضة، وقد اصطففن بالشّلْحات، كاشفات الأفخاذ والأذرع، راسخات النهود، يقفن كذلك بين الرجال (والمعلمون كلهم رجال)… فكبر رأسي وأسرعت إلى الشارع، وقد حلفت ألا أعود ولو متّ جوعا، وبعثت بكتاب الاستقالة!
ومرت أيام وكنت وحدي في الدار –وأنا وحدي دائما ليس لي زوجة ولا قريب- فإذا بالباب يقرع، فقمت ففتحت وإذا بها تدخل عليّ، وتغلق الباب وراءها، وترفع الغشاء عن وجهها، وتلقي المعطف عن منكبيها، تحدثني تطلب درسا خصوصيا، وعيناها تحدثانني تطلبان أو لقد خيّلت لي أعصابي أنهما تطلبان غير الدرس… ولست يا أستاذي رجل سوء ولا أليف دعارة، ولكني رجل على كل حال… فلما رأيتها في داري… وتحت يدي… والباب مغلق… وهي تريد… ملكني الشيطان… ورأيت الدنيا تدور بي، ولما حاولت أن أتكلم اختنق صوتي ثم خرج وفيه بحّة غريبة كأني أسمع معها صوت إنسان آخر غيري، وهممت يا أستاذ… ولكن صوت الدين رنّ في أذني، ينادي لآخر مرة كما يصرخ الغريق آخر صرخاته… فاستجبت له… ولو أعرضت عنه لحظة لضاعت هذه الفرصة إلى الأبد، ولخسرت أنا والبنت الدنيا والآخرة من أجل لذة لحظة واحدة… ولم أتردد بل قلت لها بصوت بارد كالثلج، قاطع كالسيف، خشن كالمبرد: ((يا آنسة، أنا آسف، إن هذه الزيارة لا تليق بطالبة شريفة، فاخرجي حالا!))… وفتحت لها الباب وأغلقته خلفها، وتم ذلك كله في دقيقة!
ولما خرجتْ ندمت… نعم ندمت… وعاد الشيطان يوسوس لي، وضاق بي المنزل حتى كأني فيه محبوس في صندوق مقفل، ولم أعد أدري ماذا أصنع، وأحسست أني أضعت كنزا وقع إليّ، وتغلّبت غريزتي، فأخفت صوت الدين والعقل، وأحسست توترا في أعصابي، حتى وجدت الرغبة في أن أعضّ يدي بأسناني، أو أضرب رأسي بالجدار، وعدت أتمثل حركاتها ونظراتها… فأراها أجمل مما هي عليه، وأحس بها في نفسي، فكأني لا أزال أشم عطرها، وأرى جمالها، بل لقد مددت يدي لأمسك بها، فإذا أنا أقبض على الهواء، وخيّل لي الشيطان أن هذه البنت لم تعد تستطيع الصبر بعد أن أذكى هذا النظام المدرسي نار غريزتها، وأنها ستمنح هذه الـ … هذه النعمة رجلا غيري… فصرت كالمجنون حقا، وحاولت أن أقرأ ففتحت كتابا فلم أبصر فيه شيئا إلا صورتها، وأردت الخروج فرأيتني أنفر من لقاء أيّ من أصحابي كان ولا أريد إلا إياها، وحسدت إخوتي المدرسين الذين لم يتربوا مثل تربيتي الصالحة، فتمنعهم من الانطلاق في هذه اللذائذ انطلاق الذئب في لحم القطيع الطريّ!
والعفو يا أستاذ إذا صدقت في تصوير ما وجدت، فأنت أستاذي أشكو إليك، وأنت الرجل الأديب قبل أن تكون الشيخ القاضي، فقل الآن ماذا أصنع؟ إني تركت التدريس واشتغلت بغيره، ولكني لم أستطع أن أنساها، ولو أنا أردت وصالها لقدرت عليه ولكني لا أريد، فماذا أصنع يا أستاذ؟ لقد حاولت الزواج، فرأيت الأب الذي لا يكاد يمنع ابنته حراما لا يمنحها حلالا إلا بمهر وتكاليف يستحيل دفعها على مثلي، فأيِسْتُ من الزواج، فماذا أصنع؟

*
ماذا يصنع يا أيها القراء؟ قولوا، فإني لم أجد والله ما أقول!


ـــ
بقلم فقيد الأدب الشيخ / علي الطنطاوي رحمه الله.



فوزي المطرفي 16-11-2006 17:28

رد : حَـكَـايـا
 




.

المُوْسِيْقِي العَاشِقْ
قال لي أمس صديقي حسني: إني لأعلم شغفك بالموسيقى، وحبك الفن القديم، فهل لك في سماع رجل وهو أحد أعمدة هذا الفن في دمشق ومن أساطينه، وهو هامة اليوم أو غد، فإذا انهار أوشك ألا يقوم مثله أبدا؟
قلت ما أحوجني إلى ذلك، فمن هو هذا الموسيقي الذي لا أعرفه إلى اليوم؟
قال: هو شوقي بك رجل تركي، كان من موسيقيي القسطنطينية أيام السلطان عبد الحميد، وانتهت إليه رياسة (العود) فيها، وله أسطوانات هي عند الموسيقيين، كرسائل الجاحظ عند جماعة الأدباء، واسمع فعندي واحدة منها.
وقام إلى (الحاكي) فأداره، ووضع أسطوانة عتيقة، فسمعت شيئا ما حسبت مثله يكون، وبدا لي كل ما سمعت إلى اليوم من ضرب الموسيقيين كأنه إلى جانبه لعب أطفال، وخربشة مبتدئين.
قلت: ويحك قم بنا إليه الآن.
فقمنا وأخذنا معنا شيخ الموشحات في دمشق الشيخ صبحي واثنين من مجودي المغنين، وذهبنا إليه.
**********
ضربنا في الجبل حتى جاوزنا الدور الفخمة والقصور العامرة، ووصلنا إلى طائفة من المساكن هي أشبه بأكواخ، قد بنيت من الطين وقامت دوين الصخر، فوقفنا عند واحد منها، وقرع الباب دليلنا الأستاذ حسني كنعان، ففتح لنا رجل طويل، عريض الألواح، حليق الوجه محمره، ولكن الكبر ظاهر عليه، قد جعد وجهه وإن لم يحن ظهره، ولم يهصر عوده، ورحب بنا على الطريقة التركية، وبالغ في الترحيب بنا ودعانا إلى الدخول فدخلنا، فإذا رحبة نظيفة خالية من الأثاث، ما فيها إلا أشباه كراسي، وسدة من الخشب مفروشة ببساط هي السرير وهي المجلس، وإذا الفقر باد، ولكن مع الفقر ذوقا ونظافة… فقعدنا، وحلفنا عليه أن لا يصنع لنا شيئا، فما نريد إكراما منه إلا بإسماعنا ضربه.
أخذ قيثارته (كمانه) وقسم (تقاسيم) هزت حبة قلبي، فأحسست بلذة ما عرفتها من قبل، ومع اللذة شيء من السحر، يجعلك تتطلع إلى المجهول، وتسمو إلى عالم الروح، ويوقظ فيك ذكرياتك وآمالك كلها دفعة واحدة.
فلما انتهى، عرض عليه حسني العود، فأبى واعتذر وقال: إنه لا يضرب عليه.
قال حسني: كيف وأنت إمام الضاربين.
قال: إنني لا أستطيع.
فلما حلفنا عليه وألححنا قال: إن لذلك قصة ما قصصتها على أحد، فاسمعوها، ولو أني وجدت ما أكرمكم به لما قصصتها عليكم، ولكني لا أملك شيئا، ولن أجمع عليكم حرمان السماع وكتمان السبب.
**********
وهذه هي القصة مترجمة إلى لغة القلم:
قال: كان ذلك منذ أمد بعيد نسيه الناس وأدخلوه في منطقة التاريخ المظلمة، فلا يرون منه إلا نقطا مضيئة مثلما يرى راكب الطيارة من مدينة يمر بها ليلا. أما أنا فلا أزال أحس به بجوارحي كلها، ولا يزال حيا في نفسي، بل أنا لا أزال أحيا فيه، وما عشت بعده قد إلا بذكراه. ولقد مر على قصتي زمن طويل عندكم لأنكم تقدرونه بعدد السنين، نصف قرن… أما أنا فأقدره بذكراه الحية في نفسي فأجده ساعة واحدة… لحظة… إني أنظر الآن إلى عينيها، وأشم عطرها، وأجلس في مجلسها. إن ما أراه حولي ظلال، وتلك المشاهد هي الحقيقة. أفعلمتم من قبل أن ذكرى قد تضح وتظهر حتى تطمس المرئيات، وتغطي على الحقائق، هذه هي ذكرياتي.
كان أبي من الباشوات الكبار المقربين من السلطان، فلما علم أني اشتغلت بالموسيقى، كره ذلك مني، وصرفني عنه، وعاقبني عليه، فلما أصررت عليه، أهملني واطرحني، وطردني من داره، فلبثت أتنقل في بيوت أقربائي وأصدقاء أبي، أمارس تعليم الموسيقى لأبناء الأسر الكبيرة، وكان (فلان) باشا من الآخذين بأسباب الحياة الجديدة، يحب أن يقبس عن أوروبا طرائقها في معيشتها ويقلدها في السير عليها لا يدري أنه لا يأخذ عاداتها لحياته، بل سمومها لدينه وخلقه، فدعاني لأعلم ابنته، وكنت يومئذ في الثلاثين، ولكنهم كانوا يقولون عني: ((إنه أجمل شاب في حاضرة الخلافة))… وأحسب أني كنت كذلك، ولكني -ولست أكذبكم- ما عرفت طريق الحرام، والحلال ما استطعت سلوك طريقه.
قابلت الباشا، فأدخلني على ابنته لأعلمها، فنظرت إليها، فإذا هي ملتفة بـ (يمشق) من الحرير الأبيض، لا يبدو منه إلا وجهها، وإنه لأشد بياضا ولينا من هذا الحرير، لا البياض الذي تعرفونه من النساء، بل بياض النور، لا، لم أستطع الإبانة عما في نفسي، إنه ليس كذلك، هو شيء ثمين عذب مقدس، يملأ نفسك عاطفة لا شهوة، وإكبارا لا ميلا، وتقديسا لا رغبة، وكانت عيناها مسبلتين حياء وخفرا، تظهر على خديها ظلال أهدابها الطويلة فلم أر لونها، وكانت في نحو السادسة عشرة من عمرها، مثل الفلة الأرجة إبان تفتحها.
وانصرف أبوها بعدما عرفني بها وعرفها بي، وبدأ الدرس على استحياء مني ومنها. ورفعت عينيها مرة، فمشى بي منهما مثل الكهرباء إن لمست سلكتها… عينين واسعتين، فيهما شيء لا يوصف أبدا، ولكنك تنسى إن رأيتهما أن وراءك دنيا… إنها تصغر دنياك حتى تنحصر فيهما، فلا تأمل إن رأيتهما في شيء بعدهما… العفو يا سادة* أنا لست أديبا، ولا أحسن رصف الكلام، ففسروا أنتم كلامي، وترجموه إلى لسان الأدب، وأين الأديب الذي يملك من الكلام ما يحيط بأسرار العيون؟ إنه العلم أوسع وأعمق من الفلسفة والكيمياء والفلك… أعندكم في وصفها إلا أن تقولوا: عينان سوداوان أو زرقاوان، واسعتان أو ضيقتان، حوراوان دعجاوان، وتخلطوا ذلك بشيء من تشبيهاتكم؟ اعرضوا عيون الفتيات تروا أنكم لم تصفوا شيئا، هاتان عينان متشابهتان في سعتهما ولونهما وأهدابهما، ولكن في هذه، الجمال الوادع الحالم، وفي تلك الجمال الشرس الأخاذ، وفي أخرى العمق والرهبة، وفي هذه الأمل، وعين فيها فتنة، وعين فيها خشوع، وعيون فيها شيء لا تعرف ما هو على التحقيق، ولكنه يبدل حياتك، ويقلب عليك دنياك باللمحة الخاطفة.
ولما تكلمت سمعت صوتها كأنما هو… مالي وللتشبيهات التي لا أحسنها؟ وأين ما يشبه به صوتها، وفيه الخفر وفيه الرقة وفيه فتنة وفيه رفاهية؟ لا تعجبوا فإن من الأصوات الصوت المهذب والصوت الوقح، والصوت المرفه، والصوت البائس، وصوتا خليعا وآخر صينا. إن الصوت لينطلق من غير حروف. ورب ناطقة بلا إله إلا الله، وصوتها يدعو إلى الفحشاء*، وقائلة كلمة الفجور وصوتها ينهى عنه، وإنك لتستطيع أن تتخيل المرأة من صوتها. ولم يكن في زماننا هذا الهاتف (التلفون) ولكني أعذر من أسمع عنهم أنهم يعشقون بالتلفون. فالأذن تعشق قبل العين أحيانا.
لم أجاوز الدرس ولم أقل فوقه كلمة واحدة. وكنت أشد منها حياء وخجلا، ولم يكن أبناء زماننا أولي وقاحة وجرأة كهذه الجرأة التي نراها اليوم، وندر فيهم من كان مثل (الباشا) يسمح لابنته الناهد أن تتلقى العلم عن الرجال - وهو يعلم أن الشاب والشابة في الطريق أو المدرسة يتخاطبان بلغة العيون خطاب الرجل والمرأة، قبل أن يتحرك اللسانان بحديث المعلم والتلميذة. وانقضى الدرس بسلام، ولكني لما فارقتها رأيت كل شيء قد تبدل، فقد تعلقت بالحياة وكنت بها زاهدا، ورأيت ضوء الشمس أشد نورا وأحسست بالوجود من حولي وقد كنت أنظر إليه غافلا، وكان لي أصحاب لم أكن أعدل بمجلسهم وصحبتهم شيئا ففارقتهم تلك الليلة وهربت منهم، وذهبت إلى غرفتي لم أطق فيها قرارا، ولا اشتهيت طعاما ولا شرابا، ووجدتني أخرج على الرغم مني، فأؤم دارها، فيردني بابها فأهيم حولها، أوغل السير في التلال الشجراء عند (بيوغلي) لا أستطيع النأي عن دارها.
صارت هي كوني ودنياي، قد تبدلت قيم الأشياء في نظري، فعز ما كان منها يمت بصلة إليها، وهان كل شيء سواه، وانطويت على نفسي أفكر فيها وأتصور أدق حركة أو سكنة منها. وكلما ذكرتها يهز شيء قلبي فيخفق كجناح طائر علقت رجله بالفخ، ثم يندفع الشيء إلى عيني فيفيضان بالدمع. ولا أدري كيف أمضيت ليلتي، حتى أزف موعد الدرس الثاني شعرت كأني عدت إلى جنتي التي خرجت منها، وعشت ساعة في لذة لو جمعت لذاذات الأرض كلها ما بلغت نقطة من بحرها. وعندما ودعتها نظرت إلي نظرة شكت كبدي وزلزلتني زلزالا، وكدت من سروري بها أطير فوق رؤوس الناس خفة وفرحا، فقد علمت أن لي عندها مثل الذي لها عندي، على أني ما كلمتها في غير موضوع الدرس كلمة ولا لمست لها طرف ثوبها، وما هي إلا نظرة واحدة ولكنها قالت فأبلغت، وحدثت فأفهمت.
**********
وسكت الموسيقي وجال الدمع في عينيه، ثم قال وهو يكاد يشرق بدمعه وقد ضاع في رنة البكاء صوته:
أتدرون ما عمري اليوم؟ أنا فوق الثمانين، وقد مر على هذا الحب دهر، ولكني أراه كأنه كان أمس، وكأني لا أزال شابا ينطوي صدره على قلب صبي. ولقد حسبت أني أستطيع أن أتحدث عنه كما يتحدث الشيوخ عن ماضيات لياليهم فوجدتني لا أستطيع، لا أستطيع فاعذروني. إن هذه الذكرى قد خالطت شغاف قلبي، ومازجت لحمي وعظمي، وإني لأحس وأنا أحدثكم أني أمزق جسدي لأستل منه هذه الذكريات.
قلت: فأخبرنا ماذا كان بعد ذلك؟
قال: كان ما أخشى التحدث عنه، إني لا أحب أن أهيج الذكرى وأثيرها، إنكم لا تدرون ماذا تصنع بي؟ إنها تحرقني، تنتزع روحي.
كان يا سادة، أني تدلهت بحبها، وهمت بها، وجعلتها هي كل شيء إن كنت معها لم أذكر غيرها، وإن فارقتها ذكرتها وفكرت فيها. فهي ماضي وحاضري ومستقبلي، وهي ذكرياتي كلها وآمالي، أراها طالعة علي من كل طريق أسير فيه، وأرى صورتها في صفحة البدر إن طلع علي البدر، وفي صحيفة (النوطة) إن جلست إلى (البيان)، ومن سطور الكتاب إن عمدت إلى القراءة في كتاب، فإذا جلست إليها والعود في حجري، وعيناها في عيني، وأذناها إلى عودي، تخيلت أني معانقها هي، لا العود، وغبت عني، وسمت روحي إلى عالم أعرفه ولا أعرف ما اسمه، فرجعت منه بالسحر فجرت به يدي على العود، فمن هناك تلك (الأسطوانات) التي كنتم تعرفونها لي.
لا، لا تلحفوا علي (سألتكم بالله)، لن أذكر لكم هذه التفاصيل، إنني انتزعتها من لحمي ودمي، فدعوها لي، إنها حظي من حياتي أتعلل بها وحدي. لا أحب أن تلوكها الأفواه ويلتهي بها قراء المجلات. لقد كانت الخاتمة أن أصدقاء أبي عطفوا علي، فخطبوها لي وكان العقد وصارت زوجتي، ولكن الله لم يشأ أن تتم سعادتي فمرضت ثم …
وغلب عليه البكاء، فلم يستطع أن يخرج الكلمة، فأداها بإشارة مبتلة بالدمع، محروقة بأنفاس الألم.
وسكتنا - فقال بعد هنية:
وقد ذهبت أودعها، فأخذت يدها بيدي، كأني أنازع الموت إياها، وأسحبها منه، فقالت لي:
- إنك غدا، تحب غيري، وتضرب لها على عودك.
قلت: لكِ علي عهد الحب، لا نظرت بعدك إلى امرأة، ولا أجريت يدي على عود.
**********
وسكت، ونظر إلى العود كأنه يريد أن يعتنقه لينطقه بالمعجزات، ويترجم به لواعجه، ثم غلبه البكاء مرة ثانية فقام، وانسللنا واحدا بعد واحد، وأغلقنا الباب ونحن نسمع نشيجه.

.

محسن سبعان 20-11-2006 01:39

إقتباس:

الرسالة الأصلية كتبت بواسطة عنود (مشاركة 210336)


كان ضمن رجال الملك عبد العزيزجلال الفرم الذين ساهموا في فتوحات جنوب المملكه ويقول
بعد ان عادوا من فتح نجران وهم في طريقهم الى الرياض مروا بوادي الدواسر وكان عددهم كثير جداً
فوزعوا انفسهم على بيوت حيث كان كل اهل عشر ركايب ضيوفا عند صاحب بيت
فقام اهل الوادي بإكرامهم غايه الاكرام وقطعوا عذوق النخيل لهم ولهجنهم لان الارض مجدبه من النبات
والهجن قد بلغ بها الهزال والجوع مبلغه
وبقوا في ضيافه اهل الوادي عده ايام وهم في احسن حال حتى استردت ركابهم احوالها وتجدد نشاطها
ومن الاكرام الذي وجدوه عند اهل الوادي ايضاً ان اهل الوادي بدلوا القريه القديمه بقريه جديده
والمزهب وهو وعاء زاد المسافرالقديم التالف بمزهب جديد وملأوه بالزاد والقهوه البريه والهيل
وعندما رحلوا عن وادي الدواسر قال الشاعر جلال هذه الابيات :


يااهل النضا اللي عليهن كيف
***************** اللي مواركهـن جـدادي
اثنوا على مكرمين الضيف
*************** على ((الدواسر)) هل الوادي
عسى الحيا في ليال الصيف
**************** يمطر علـى دار الاجـوادي
دواسـر ماتبـي تعـريـف
*************** بالمرجـلـه فعلـهـم زادي

وهذه القصة تدل على كرم الدواسر :)
انتظر نوره تجيب قصة عن العجمان :)


نجران لم يكن بها فتح ، وحرب لكي تبايع الملك عبدالعزيز آل سعود طيّب الله ثراه بالمـُلك ! بل كان هنالك مبايعة وولاء على أساس عهد بين الملك وأهالي المنطقة بعدم المساس بمذهبهم !!

هنا كلمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه يذكر فيها ، ويسترجع هذا العهد بشكل سريع بليغ في زيارته الكريمة لمنطقة نجران قبل عدّة أسابيع :
http://www.okhdood.com/?act=artc&id=1021

فوزي المطرفي 01-03-2007 10:56

رد : حَـكَـايـا
 

.


"قدم النعمان بن منذر على كسرى وعنده وفود الروم والهند والصين فذكروا من ملوكهم \ وبلادهم فافتخر النعمان بالعرب وفضلهم على جميع الأمم لا يستثنى فارس ولا غيرها فقال كسرى واخذته عزة الملك : يانعمان لقد فكرت في أمر العرب وغيرهم من الأمم ونظرت في حالة من يقدم علي من وفود الأمم فوجدت للروم حظا في اجتماع ألفتها وعظم سلطانها
وكثرة مدائنها ووثيق بنيانها وان لها دينا يبين حلالها وحرامها ويرد سفيهها ويقيم جاهلها ورأيت الهند نحوا من ذلك في حكمتها وطبها مع كثرة انهار بلادها وثمارها وعجيب صناعتها وطيب أشجارها وقيق حسابها وكثرة عددها وكذلك الصين في اجتماعها وكثرة صناعات ايديها وفروسيتها وهمتها في آلة الحرب وصناعة الحديد وان لها ملكا يجمعها والترك والخزر علة ما بهم من سوء الحال في المعاش وقلة الريف والثمار والحصون وماهو رأس عمارة الدنيا من المساكن والملابس لهم ملوك تضم قواصيهم وتدبر امرهم ولم أر للعرب شيئا من خصال الخير في أمر دين ولا دنيا ولا حزم ولا قوة ومع ان مما يدل على مهانتها وذلها وصغر همتها محلتهم التي هم بها مع الوحوش النافرة والطير الحائرة
يقتلون أولادهم من الفاقة ويأكل بعضهم بعضا من الحاجة قد خرجوا من مطاعم الدنيا وملابسها ومشاربها ولهوها ولذاتها فأفضل طعام ظفر به ناعمهم لحوم الإبل التي يعافها كثير من السباع لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها وان قرى أحدهم ضيفا عدها مكرمة.وإن أطعم أكلة عدها غنيمة تنطق بذلك أشعارهم وتفتخر بذلك رجالهم ما خلا هذه التنوخية التي أسس جدي اجتماعها وشد مملكتها ومنعها من عدوها فجرى لها ذلك إلى يومنا هذا وان لها مع ذلك آثارا ولبوسا وقرى وحصونا وامورا تشبه بعض امور الناس يعني اليمن ثم لا أراكم تستكينون على ما بكم من الذلة والقلة والفاقة والبؤس حتى
تفتخروا وتريدوا ان تنزلوا فوق مراتب الناس.
قال : النعمان اصلح الله الملك حق لأمة الملك منها أن يسمو أفضلها ويعظم خطبها وتعلو درجتها الا ان عندي جوابا في كل ما نطق به الملك في غير رد عليه ولا تكذيب له فان أمنني من غضبه نطقت به قال : كسرى قل فأنت آمن.
خطبة النعمان بن المنذر:
قال النعمان: اما امتك أيها الملك فليست تنازع في الفضل لموضعها الذي هي به من عقولها واحلامها وبسطة محلها وبحبوحة عزها وما أكرمها الله به من ولاية آبائك وولايتك واما الأمم التي ذكرت فاي أمة تقرنها بالعرب الا فضلتها قال كسرى : بماذا قال النعمان بعزها ومنعتها وحسن وجوهها وبأسها وسخائها وحكمة ألسنتها وشدة عقولها
وأنفتها ووفائها فأما عزها ومنعتها فانها لم تزل مجاورة لآبائك الذين دوخوا البلاد ووطدوا الملك وقادوا الجند لم يطمع فيهم طامع ولم ينلهم نائل حصونهم ظهور خيلهم ومهادهم الارض وسقوفهم السماء وجنتهم السيوف وعدتهم الصبر اذ غيرها من الأمم إنما عزها من الحجارة والطين وجزائر البحور واما حسن وجوهها وألوانها فقد يعرف فضلهم في
ذلك على غيرهم من الهند المنحرفة والصين المنحفة والروم والترك المشوهة المقشرة.وأما أنسابها وأحسابها فليست أمة من الأمم الا وقد جهلت آباءها وأصولها وكثيرا من أولها حتى إن احدهم ليسأل عمن وراء أبيه ذنيا فلا ينسبه ولا يعرفه وليس أحد من العرب الا يسمى آباءه ابا فأبا حاطوا بذلك أحسابهم وحفظوا به أنسابهم فلا يدخل رجل في غير قومه ولا ينتسب الى غير نسبه ولا يدعى الى غير أبيه واما سخاؤها فإن ادناهم رجلا الذي تكون عنده البكرة والناب عليها بلاغه في حموله وشبعه وريه فيطرقه الطارق الذي يكتفي بالفلذة ويجتزي بالشربة فيعقرها له ويرضى ان يخرج عن دنياه كلها فيما يكسبه حسن الاحدوثة وطيب الذكر واما حكمة ألسنتهم فان الله تعالى أعطاهم في اشعارهم ورونق كلامهم وحسنه ووزنه وقوافيه مع معرفتهم الأشياء وضربهم للأمثال وابلاغهم في الصفات ما ليس لشيء من ألسنة الأجناس ثم خيلهم افضل الخيل ونساؤهم اعف النساء ولباسهم افضل اللباس ومعادنهم الذهب والفضة وحجارة جبالهم الجزع ومطاياهم التي لا يبلغ على مثلها سفر ولا يقطع بمثلها بلد قفر وأما دينها وشريعتها فانهم متمسكون به حتى يبلغ احدهم من نسكه بدينه ان لهم اشهر حرما وبلدا محرما وبيتا محجوجا ينسكون فيه مناسكهم ويذبحون فيه ذبائحهم فيلقى الرجل قاتل ابيه أو أخيه وهو قادر على أخذ ثاره وادراك رغمه منه فيحجزه كرمه ويمنعه دينه عن تناوله بأذى.وأما وفاؤها فإن أحدهم يلحظ اللحظة ويومي الايماءة فهي ولث وعقدة لا يحلها الا خروج نفسه وان احدهم يرفع عودا من الارض فيكون رهنا بدينه فلا يغلق رهنه ولا تخفر ذمته وان احدهم ليبلغه ان رجلا استجار به وعسى ان يكون نائيا عن داره فيصاب فلا يرضى حتى
يفنى تلك القبيلة التي اصابته او تفنى قبيلته لما اخفر من جواره وانه ليلجأ اليهم المجرم المحدث من غير معرفة ولا قرابة فتكون انفسهم دون نفسه واموالهم دون ماله واما قولك ايها الملك يئدون اولادهم فانما يفعله من يفعله منهم بالاناث انفة من العار وغيرة من الأزواج واما قولك ان افضل طعامهم لحوم الابل على ما وصفت منها فما تركوا مادونها الا احتقارا لها فعمدوا الى أجلها وأفضلها فكانت مراكبهم وطعامهم مع انها اكثر البهائم شحوما وأطيبها لحوما وارقها ألبانا واقلها غائلة واحلاها مضغة وانه لا شيء من اللحمان يعالج ما يعالج به لحمها الا استبان فضلها عليه واما تحاربهم وأكل بعضهم بعضا وتركهم الانقياد لرجل يسوسهم ويجمعهم فانما يفعل ذلك من يفعله من الأمم اذا أنست من نفسها ضعفا وتخوفت نهوض عدوها اليها بالزحف وانه انما يكون في المملكة العظيمة اهل بيت واحد يعرف فضلهم على سائر غيرهم فيلقون اليهم
امورهم وينقادون لهم بأزمتهم واما العرب فان ذلك كثير فيهم حتى لقد حاولوا ان يكونوا ملوكا أجمعين مع أنفتهم من اداء الخراج والوطث بالعسف.وأما اليمن التي وصفها الملك فانما أتى جد الملك اليها الذي أتاه عند غلبة الجبش له على ملك متسق وامر مجتمع فأتاه مسلوبا طريدا مستصرخا ولولا ما وتر به من يليه من العرب لمال الى مجال ولوجد من يجيد الطعان ويغضب للأحرار منغلبة العبيد الأشرار.
فعجب كسرى لما أجابه النعمان به وقال انك لأهل لموضعك من الرياسة في أهل إقليمك ثم كساه من كسوته وسرحه الى موضعه من الحيرة.

.

فوزي المطرفي 18-03-2007 19:12

رد : حَـكَـايـا
 



.

ألف ليلة و ليلة: -

ومما يحكى: (1) انه كان في بني عذره رجل ظريف لا يخلو من العشق يوما واحداً، فاتفق له أنّه أحبّ امرأة جميلة من الحيّ، فراسلها أياما وهي لا تزال تجفوه وتصدّ عنه، إلى أن أضرّ به الغرام والوجد والهيام، فمرض مرضا شديدا، واشتهر بالعشق ذكره، ولزم الوساد وجفا الرقاد، وازداد سقمه، وعظم ألمه حتى كاد أن يموت، ولم تزل أهلها و أهله يسألونها أن تزوره، وهي تأبى، إلى أن أشرف على الموت، فأخبروها بذلك فرقّت له، وأنعمت عليه بالزيارة، فلما نظرها تحدرت عيناه بالدموع، و أنشد عن قلب مصدوع:-
بعيشك إن مرّت عليك جنـازتي
وقد رفعت من فوق أعناق أربع
أما تتبعين النعش حتى تسلـمي
على قبر ميت في الحفيرة مودع


فلما سمعت كلامه بكت بكاءً شديداً، وقالت له: والله ما كنت أظن أنه بلغ بك الغرام إلى أن يلقيك بين أيدي الحمام، ولو علمت بذلك لساعدتك على حالك وتمتّعت بوصالك، فلما سمع كلامها صارت دموعه كالسحاب الماطر، وأنشد قول الشاعر:-
دنت حين حال الموت بيني وبينها
وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل


ثمّ شهق شهقة فمات، فوقعت عليه تلثمه وتبكي، ولم تزل تبكي حتى وقعت مغشياً عليها عنده، فلما أفاقت أوصت أهلها أنهم يدفنونها في قبره إذا ماتت، ثم أجرت دمع العينين، و أنشدت هذين البيتين:-
كنا على ظهرها والعيش في رغد
والحيّ يزهو بنا والدار والوطن
ففرق الدهر والتصـريف ألفـتنا
وصار يجمعنا في بطنها الكفن


فلما فرغت من شعرها بكت بكاء شديداً، ولم تزل تبكي وتنوح حتى وقعت مغشياً عليها، واستمرت في غشيتها ثلاثة أيام، ودفنت في قبره، وهذا من عجيب الاتفاق في المحبة.


:)

.

ابوغانم 26-03-2007 02:31

رد : حَـكَـايـا
 
بسم الله الرحمن الرحيم
كان هدفي المشاركة معكم فلم اجد في الوقت اللي هذه المشاركة امال ان تنال اعجابكم وان لا سبقني احد لها وان كانت معروفة

هذه الحكاية بفصولها وتفاصيلها من أروع الحكايات التي حصلت بتاريخ البادية كلها , ولا شك أن الغالبية قد سمعت عن المهادي , لأن القصة بالغة التأثير على السامع والراوي بنفس الوقت
يقول الراوي
مهمل المهادي من عبيدة من قحطان , وكان معروفاً في قبيلته , وذا رياسة فيها . . . شاعر وفارس نشأ ميسور الحال رفيع الجاه . . . خرج المهادي للغزو بالصحراء ومعه مجموعة من بني قومه , وفي هذه الرحلة تصادف أن مر على قبيلة ((سبيع)) القبيلة العربية الأصيلة . . . المهم أن المهادي صادف في مروره في مرابع قبيلة الدواسر التي نزل بها مرور فتاة بالغة الجمال لدرجة أن المهادي تأثر بها من أول نظرة . . . ولم يستطع أن يفارق مضارب قبيلتها
أخفى المهادي ما أصابه عن رفاقه , واختلق عذراً تخلص به من مرافقتهم , وأقنعهم بمواصلة المسير بدونه وبقائه هو في مضارب تلك القبيلة وحيداً . . . وبهذا العذر تخلص من رفاقه حيث رحلوا وتركوه , وبقي هو وحيداً . . . فبحث عن أكبر بيت في بيوت القبيلة لأنه عادة ما تكون البيوت الكبار لرؤساء العشائر أو فرسانها أو شخصياتها المعروفة , ونزل ضيفاً على صاحب هذا البيت فأكرمه الإكرام الذي يليق بهذا الضيف وبقي عنده فترة يفكر بالطريقة التي توصله لمعرفة تلك الفتاة التي أسرته من النظرة الأولى وملكت فؤاده . . . وهذا المهادي يصارع الأفكار وهو ضيف عند هذا الرجل الكريم . . . فلا يستطيع التكلم مع أحد . . . ولا هو بصائر حتى يعرفها , فقد رمته بسهم وابتعدت . . . فكان لا بد وأن يستعين بأحد من نفس هذه القبيلة , فأهل مكة أدرى بشعارها هكذا يقول المثل . . . ولكن كيف يهتدي إلى الشخص الثقة الذي إن أفضى إليه بسره حفظه وأعانه . . . خصوصاً وهو غريب عن هذه القبيلة ولا يعرف رجالها , والسجايا الحميدة بالرجال لا يستطيع أن يكتشفها الإنسان بالنظر , فكما يقولون الرجال مخابر وليست مناظر . . . فكر المهادي طويلاً واهتدى إلى رأي . . . هو بالأصح حيلة جهنمية يستكشف بها الرجال حتى يهتدي إلى أوثقهم فيحكي له . . . قرر أن يجرب صبرهم فالصبور بلا شك يملك صفات أخرى غير الصبر
فادعى أنه مصاب بمرض التشنج أو الصرع حيث يأتيه الصرع ويرتمي على من يجلس قربه . . . ولأنهم لا يعرفونه صدقوا روايته وهذا المهادي يتنقل من واحد إلى واحد ويرتمي عليه وكأنه مصروع , ويتكئ عليه بكوعيه حتى يؤلمه ليختبر صبره . . . فكان بعضهم يبتعد عنه من يجلس بجواره والبعض الآخر يصبر قليلاً ثم يغير مجلسه , وهكذا حتى جلس ذات مره بجوار شاب توسم به الخير وتحرى معالم الرجولة بوجهه فاصطنع الصرع وارتمى عليه واتكأ علية بكوعيه بشدة . . . وهذا الشاب صابر وساكن لا تصدر منه شكاة , وكلما حاول البعض إزاحته عنه نهرهم قائلاً . . . هذا ضيف والضيف مدلل فاتركوه
أما المهادي فقد عرف أنه وجد ضالته . . . وحينما أفاق المهادي من صرعه المصنع , وهذأ القوم . . . وقام الشاب متجهاً إلى بيته فتبعه المهادي واستوقفه بمكان خال من الناس واستحلفه بالله ثم أفضى إليه بسره . . . وشكا له ما جرى بالتفصيل وأعلمه من هو ووصف له الفتاة الوصف الدقيق الذي جعل الشاب يعرفها . . . ولما انتهى من حديثه قال له الشاب أتعرف تلك الفتاة لو رأيتها مرة ثانيه ؟ . . فأكد له المهادي معرفته لها وحفظه لتقاسيم وجهها
فقال له الشاب : هانت ! أي سهلت . . . واصطحبه معه إلى بيته ووقفا بوسط البيت . . . وصاح الشاب . . . فلانة احضري بالحال !!! فدخلت وإذا هي ضالة المهادي . . . فوقع من طوله لشدة تأثره . . . أما الفتاة فقد عادت لخدرها مسرعة بعد أن رأت أن هناك رجلاً غريباً كما هي عادة بنات البدو . . . أما صاحب المهادي فهدأ من روعه وأسقاه ماء . . . وسأله . . . أهي ضالتك . . . قال المهادي : نعم . . . قال الشاب هي أختي وقد زوجتك إياها . . . فكاد المهادي أن يجن لوقع الخبر عليه لأنه لم يتوقع أن يحصل عليها بتلك السهولة . . . ترك الشاب المهادي في بيته وذهب لوالده وأخبره بالقصة كاملة وكان من الرجال المعروفين بحكمتهم وإبائهم ورجولتهم . . . فلما فرغ الابن من سرد الحكاية . . . قال الأب لولده أسرع واعقد له عليها لا يفتك به الهيام . . . وبالفعل عقد له عليها . . . وبالليلة التالية كان زواجهما , والمهادي يكاد لا يصدق أن تتم العملية بهذه السهولة واليسر والسرعة وقد كانت شبه مستحيلة قبل أيام
المهم أنه دخل عليها وخلا البيت إلا من العروسين وأخذ يتقرب منها ويخبرها من هو ويعلمها بمكانته بقبيلته وأنه زعيمها ويعرفها بنفسه ويحاول أن يهدئ من روعها ليستميل قلبها . . . وأفضى لها بسره أنه رآها وأسرته . . . كل هذا والعروس تسمع ولا تجيب . . . والمهادي يتكلم ويتقرب وتزداد نفوراً منه . . . وكان المهادي فطناً شديد الذكاء , فقد لمس أن زوجته تضع حاجزاً بينها وبينه . . . وتأكد من صدق حدسه حينما لمح دموعها تنهمر من عينيها وهي لا تتكلم . . . عرف أن ورائها قصة . . . فتقرب منها واستحلفها بالله ألاَّ تخفي عنه شيئاً . . . ووعدها ألاَّ يمسوها بسوء . . . وأقنعها بأن تحكي له . . . فقالت . . . أنا فتاة يتيمة كفلني عمي وربيت مع ابن عمي وابن عمي معي . . . كنا صغيرين نلهو مع بعضنا وكبرنا وكبرت محبتنا معنا وقبل حضورك كنت مخطوبة لابن عمي الذي لا أستطيع البعد عنه لحظة ولا يستطيع البعد عني برهة . . . ولما حضرت انتهى كل شيء وزوجني إياك . . . طار صواب المهادي . . . فقال لها وأين ابن عمك قالت له هو ((مفرج السبيعي)) الذي عقد لي عليك وأفهمك أنني أخته وآثرك على نفسه لأنك التجأت له ولأنك ضيفنا
كاد المهادي أن يفقد عقله لحسن صنيع ذلك الشاب الذي اتكأ عليه وسكت لفترة طويلة وهو يستعرض ما حصل ولا يكاد يصدق أن تبلغ المروءة في شاب كما بلغت بمفرج . . . وبعد فترة صمت وقال لها : أنت من هذه اللحظة حرم علي كما تحرم أمي عليّ . . . ولكن أرجوك أن تخفي الأمر حتى أخبرك فيما بعد فصنيعهم لي لا ينسى لذا لا أريد الآن أن تقولي شيئاً
هدأ روع الفتاة ونامت ونام هو في مكان آخر . . . وبقي زوجاً لها أمام الناس لعدة أيام وبعدها استسمح أصهاره بالرحيل إلى قبيلته لتدبير شؤونه ومن ثم يعود ليأخذ زوجته . . . ورحل ولما وصل قبيلته أرسل رسولاً من قبيلته يخبر مفرج بطلاق زوجة المهادي وأنه لما عرف قصتهما آثر طلاقها وأن مروءته قد غسلت تأثير الغرام عليه وأنه سيبقى أسيراً للمعروف طالما هو حي
وتم زواج مفرج من ابنة عمه وعاشا برغد فترة طويلة من الزمن . . . ولكن الزمان لا يترك أحداً . . . فقد شح الدهر على مفرج وأصاب أراضي قبيلته القحط والجفاف فهلك الحلال وتبدلت الأحوال , ومسه الجوع . . . فلم يجد سبيلاً من اللجوء إلى صديقه المهادي خصوصاً وأنه ميسور الحال . . . وبالفعل ذهب هو وزوجته ابنة عمه وأولاده الثلاثة ونزل عليه ليلاً . . . وكان المهادي يتمنى هذه اللحظة وينتظرها بفارغ الصبر لكي يرد الجميل
فلما نظر حالته عرف فقره . . . وكان للمهادي زوجتان فأمر صاحبة البيت الكبير من زوجاته أن تخرج من البيت وتترك كل ما فيه لمفرج وزوجته وأولاده ولا تأخذ من البيت شيئاً أبداً . . . وبالفعل خرجت من البيت فقط بما عليها من ملابس وتركت كل شيء لزوجة مفرج وقبل خروجها أفهمت زوجة مفرج أن لها ولداً يلعب مع رفاقه وإذا غلبه النوم جاء قرب والدته ونام ورجتها أن تنتظره حتى يحضر وتخبره بخروج أمه من البيت ليذهب لها
وبالفعل انتظرت زوجة مفرج ولد المهادي ولكن انتظارها طال بعض الشيء خصوصاً وأنها متعبة مجهدة من طول السفر وعناء الجوع وقد وجدت المكان المريح فغفت بالنوم بعد أن طال انتظارها وحضر ولد المهادي كالعادة ورفع غطاء أمه ونام معها وتلحف معها بلحافها كعادته ظناً منه أنها والدته . . . في هذه الأثناء كان مفرج يتسامر مع صديقه القديم المهادي ولما غلب عليه النعاس استأذنه لينام فسمح له . . . وسار معه حتى دله على بيته الذي أصبح ملكاً له
دخل مفرج بيته وإذا بالفراش شخصان رفع الغطاء فإذا زوجته نائمة وبجانبها شاب يافع فلم يتمالك نفسه فضرب الفتى الضربة التي شهق بعدها وفارق الحياة . . . نهضت الزوجة مذعورة فإذا الشاب مصروع . . . فقالت لزوجها قتلت ولد المهادي . . . فقال وما الذي جاء به إليك . . . فأعلمته بالقصة فرجع إلى رشده . . . وأسقط في يديه فماذا يفعل ! ؟
كان لا بد أن يخبر المهادي . . . فهرول مسرعاً إلى حيث المهادي جالس وأخبره بالحكاية . . . وهو يكاد يموت حزناً . . . هذا والمهادي هادئ ممسك لأعصابه . . . ولما انتهى من كلامه قال له المهادي هو قضاء الله وقدره ولا مفر من ذلك كل ما أرجوه منك أن لا تخير أحداً وتوصي زوجتك بأن تكتم الخير حتى عن أم الولد . . . وحمل المهادي ولده ورماه في مكان اللعب حيث كان يلعب مع أقرانه . . . وفي الصباح انتشر خبر مصرع ابن الأمير فقد كان المهادي أمير قومه والكل لا يجرؤ أن يخبر الأمير خوفاً من اتهامه له بالقتل . . . ولما وصل الخبر للأمير اصطنع الغضب وشاط وتوعد وطالب القبيلة كلها بالبحث عن القاتل دون جدوى وبالمساء جمع القوم حوله وقال عليكم أن تدفعوا كلكم دية ولدي . . . من كل واحد بعير , وبالفعل جمع الدية حوالي سبعمائة بعير أدخلها المهادي ضمن حلاله وأعطى أم الولد منها مائة بعير وقال لمفرج البقية هي لك ولكن اتركها مع حلالي حتى ينسى الناس القصة . . . وبالفعل بعد مرور مدة عزل الإبل ووهبها لمفرج فنقلته النقلة الكبيرة في حياته من فقير لا يملك قوت يومه إلى أكبر أغنياء القبيلة . . . ومضت السنون والصديقان مع بعضهما لا يفترقان فإذا دخلت مجلس المهادي حسبت أن مفرج هو صاحب المجلس والمهادي ضيفه والعكس صحيح . . . مرت السنون على هذه الحال الكل منهم يؤثر صديقه على نفسه . . . ولكن لا بد أن يحصل ما يغير صفاء الحال , وكما يقال دوام الحال من المحال
كان للمهادي بنت بارعة الجمال أولع بها ولد مفرج وقد كان هناك سبب يحول بينهما فأخذ يحاولها ويتعرض لها بالغدو والرواح ويحرضها على مواقعته بالحرام . . . والفتاة نقية , فأخبرت والدتها التي أخبرت بدورها المهادي فأمر المهادي بالسكوت إكراماً لوالد الشاب مفرج وأمرها أن تجتنبه قدر استطاعتها فنفذت وصية والدها , وها هو يطاردها أربع سنوات متتالية وفي السنة الرابعة عيل صبرها فقالت لوالدها إن لم تجد لي حلاًّ , فقد يفترسني في أحد الأيام
هذا والمهادي لا يستطيع أن يعمل شيئاً إكراماً لصديقه مفرج . . . والشاب يزداد رعونة . . . فكان لا بد من فراق جاره وصديقه لكي يمنع جريمة ابنه ولكن كيف يصارحه . . . وهو الداهية كما عرفنا بالسابق . . . فاقترح على مفرج أن يلعبا لعبة بالحصى ما يسمى الآن ((الدامة)) وكان كلما نقل حجراً قال لمفرج ارحلوا وإلا رحلنا . . . حتى انتبه مفرج لمقولة جارة . . . فأسرها . . . ولما عاد لزوجته أخبرها بكلمة المهادي . . . ارحلوا وإلا رحلنا . . . فقالت له أن هناك أمراً خطيراً حصل لا بد لنا من الرحيل . . . فاذهب واستأذنه . . . فذهب واستأذنه ولم يمانع المهادي مع العلم أنه كان في كل سنه يطلب الرحيل ويرفض المهادي . . . إلا هذه المرة قبل بسرعة وكان يريدها . . . رحل مفرج وهو يبحث عن السر الخطير الذي من أجله قال المهادي كلمته
وبعد أن ابتعد عن منازل قبيلة المهادي نزل ليستريح ويفكر بالسبب . . . ولكنه لم يهتدي لشيء . . . لذا سرق نفسه ليلاً وامتطى فرسه وقصد المهادي ولما دخل مضارب القبيلة ربط فرسه وتلثم واندس في مكان قريب من مجلس المهادي لعله يعرف سبباً لرغبته برحيله . . . وجلس يرقب المهادي . . . فلما انفض المجلس من حوله وجلس وحيداً . . . هذا كله ومفرج يراه وهو لا يرى مفرج ومفرج ينتظره حتى يدخل عند زوجته ليسترق السمع لعله يسمع شيئاً من حديثه مع زوجته . . . إلا أن المهادي لما جلس في مجلسه وحيداً تناول ربابته وأخذ يغني ويقول:


يقـول المهـادي والمهـادي مهمـل
بي علتن كل العـرب مـا درى بهـا
أنـا وجعـي مـن علتـن باطنـيـة
بأقصى الضماير ما درى وين بابهـا
تقـد الحشـا قـد ولا تنثـر الدمـا
ولا يدري الهلبـاج عمـا لجـا بهـا
وإن أبديتهـا بانـت لرماقـة العـدا
وإن أخفيتها ضاق الحشـا بالتهابهـا
أربـع سنيـن وجارنـا مجـرم بنـا
وهو مثل واطي جمرتين ما درى بها
وطاها بفرش الرجـل ليمـا تمكنـت
بقى حرها ما يبـرد المـاء التهابهـا
ترى جارنا الماضي على كل طلبـه
لو كان مـا يلقـى شهـودن غدابهـا
ويا ما حضينا جارنـا مـن كرامـه
بليلن ولو نبغي الغبـا مـا ذرى بهـا
ويا مـا عطينـا جارنـا مـن سبيـة
لا قادهـا قوادهـم مـا انثنـى بهـا
ونرفى خمال الجار ولـو داس زلـة
كما ترفي البيـض العـذارى ثيابهـا
ترى عندنا شاة القصيـر بهـا أربـع
يحلف بهـا عقارهـا مـا درى بهـا
تنـال يالمهـادي ثمـانـن كـوامـل
تراقى وتشدي بالعـلا مـن أصابهـا
لا قـال منـا خيّـرن فـرد كلـمـة
بحضرات خوفن للرزايا وفـى بهـا
الأجـواد وإن قاربتهـا مـا تملـهـا
والأنذال وإن قاربتها عفت مـا بهـا
الأجواد وإن قالـوا حديثـن وفوابـه
والأنـذال منطـوق الحكايـا كذابهـا
الأجواد مثل العد مـن ورده ارتـوى
والأنذال لا تسقـى ولا ينسقـا بهـا
الأجواد تجعل نيلهـا دون عرضهـا
والأنذال تجعـل نيلهـا فـي رقابهـا
الأجواد مثل الزمل للشيـل يرتكـي
والأنذال مثل الحشور كثير الرغابهـا
الأجواد لو ضعفو وراهـم عراشـه
والأنذال لو سمنـو معايـا صلابهـا
الأجواد يطرد همهم طـول عزمهـم
والأنذال يصبح همهـم فـي رقابهـا
الأجـواد تشبـه قارتـن مطلحـبـة
لا دارهـا البـردان يلقـى الذرابهـا
الأجواد تشبـه للجبـال الـذي بهـا
شـرب وظـل والـذي ينهقـا بهـا
الأجواد صندوقيـن مسـك وعنبـر
لافتحـن أبوابهـا جــاك مابـهـا
الأجواد مثل البدر في ليلـة الدجـى
والأنذال ظلما تايهـن مـن سرابهـا
الأجواد مثل الدر في شامـخ الـذرا
والأنذال مثل الشري مـرن شرابهـا
الأجـواد وأن حايلتهـم مـا تحايلـو
وأنـذال أدنـى حيلتـن ثـم جابهـا
الأنذال لو غسلـوا يديهـم تنجسـت
نجاسة قلوبـن مـا يسـر الدوابهـا
يـا رب لا تجعـل الأجـواد نكبـة
من حيث لا ضعف الضعيف التجابها
أنا أحب نفسي يرخص الزاد عندهـا
يقطعـك يـا نفـس جزاهـا هبابهـا
يا عل نفسـن مـا للأجـواد عندهـا
وقارن عسى ما تهتني فـي شبابهـا
عليك بعيـن الشيـح لا جـت وارد
خـل الخبـاري فـإن ماهـا هبابهـا
ترى ظبـي رمـان برمـان راغـب
والأرزاق بالدنيا وهو مـا درى بهـا
سقا الحيا مـا بيـن تيمـا وغربـت
يمين عميق الجـزع ملفـا هضابهـا
سقـا الولـي مـن مزنتـن عقربيـة
تنشر أدقـاق وبلهـا مـن سحابهـا
اليا أمطرت هذي ورعد ذي ساق ذي
سناذي وذي بالوبـل غـرق ربابهـا
نسف الغثا سيبان ما ها اليا أصبحـت
يحيل الحول والما ناقعن في شعابهـا
دار لنـا مـا هـي بـدران لغيرنـا
والأجناب لـو حنـا بعيـدن تهابهـا
يذلـون مـن دهمـا دهـوم نجرهـا
نفجي بها غـزات مـن لا درى بهـا
ترى الدار كالعذرى إلى عاد ما بـه
ا حزن غيورن كل من جـاز نابهـا
فيا ما وطت سمحات الأيدي من الوطا
نصد عنها مـا غـدا مـن هضابهـا
تهاميـة الرجليـن نجديـة الحـشـا
عذابي مـن الخـلان وأنـا عذابهـا
أريتك إلى ما مسنا الجوع والضمـا
واحترمـن الجـوزا علينـا التهابهـا
وحمى علينا الرمل و استاقد الحصـا
وحمى على روس المبادي هضابهـا
وطلن عذرن من ورانـا و شارفـن
عماليـق مطـوي العبـايـا ثيابـهـا
سقانـي بكـأس الحـب دومنهـنـه
عندل من البيض العـذارى أطنابهـا
وإلى سرت منا يا سعود بـن راشـد
على حرتن نسل الجديعـي ضرابهـا
سرهـا وتلفـي مـن سبيـع قبيلـة
كرام اللحا في طوع الأيـدي لبابهـا
فلا بـد مـا نرمـي سبيـع بغـارة
على جرد الأيدي دروعهـا زهابهـا
وأنـا زبـون الجـاذيـات مهـمـل
إلى عزبـوا ذود المصاليـح جابهـا
عليهـا مـن أولاد المهـادي غلمـه
اليا طعنوا مـا ثمنـوا فـي أعقابهـا
محا الله عجوزن من سبيع بن عامـر
مـا علمـت قرانهـا فـي شبابـهـا
لها ولدن مـا حـاش يومـن غنيمـة
سوى كلمتين عجفـة تمـزا وجابهـا
يعنونها عسمان الأيدي عـن العضـا
محا الله دنيا ما خذينـا القضـا بهـا
عيون العدا كـم نوخـن مـن قبيلـة
لا قـام بـذاخ إلا جاعـر يهابـهـا
وأنا أظـن دار شـد عنهـا مفـرج
حقيق يـا دار الخنـا فـي خرابهـا
وأنا أظـن دار نـزل فيهـا مفـرج
لا بـد ينبـت زعفـرانـن ترابـهـا
فتـى مـا يظـم المـال إلا وداعـة
و لو يملك الدنيـا جميعـن صخابهـا
رحل جارنا مـا جـاه منـا رزيـة
وإن جتنا منه ما جـاه منـا عتابهـا
وصلوا علـى سيـد البرايـا محمـد
ما لعلع الجمـري بعالـي هضابهـا




كان المهادي يغني على ربابته هذه القصيدة ومفرج يسترق السمع حتى فهم بالضبط ما الذي جعله يقول لجاره إما ارحلوا وإلا رحلنا . . . ولما أتم المهادي قصيدته توجه إلى أهله وعاد مفرج وركب فرسه باتجاه أهله خارج حدود القبيلة
تأكد مفرج أن السبب يكمن في أولاده ولكنهم ثلاثة فأي الثلاثة صاحب الخطيئة , وإلى أين وصلت . . . فلجأ إلى الحيلة وبدأهم واحداً تلو الواحد . . . يقول لهم لما كنا في جيرة المهادي كان لديه ابنه جميلة ولم تتعرضوا لها لو كنت مكانك وفي شبابك لما تركتها خصوصاً وهي بهذا الجمال وأنت بهذا الشباب . . . وأخذ يستدرجهم . . . أما اثنان منهم فلم يجد ورائهما شيئاً وخصوصاً وهما يعرفان ماذا عمل المهادي مع والدهما
أما الصغير منهم فأجابه . . . والله يا والدي لو لم نرحل في ذلك اليوم لأتيتك بخبرها , عرف أنه هو . . . فقال مفرج . . . وهل كان ذلك برضاها !!! فقال ولده لا بل غصباً عنها . . . فقال له وكيف كنت سوف تغتصبها !!! فقال كنت أنتظرها حتى تخرج وحيدة . . . وأتربص لها , ثم أهجم عليها , يد فيها خنجري ويد فيها حبل أربطها بالحبل وأهددها بالخنجر ولن تتكلم حتى أنتهي منها
وما إن انتهى الشاب من قصته حتى قام مفرج مسرعاً وسحب سيفه وقطع رأس ولده وفصله عن جثته التي تركها في مكانها . . . وعاد لأهله بالرأس ووضعه بخرج وأمر أحد أبنائه أن يحمله إلى المهادي ويسلم ويرمي الرأس بحجره ويعود دون كلام
وبالفعل دخل الولد مجلس المهادي وسلم ورمى الرأس في حجره وعاد دون كلام ولحق أهله . . . تعجب المهادي أيضاً لحسن صنيع مفرج فهذه المرة الثانية التي يغلبه فيها . . . فلحق به وأقسم عليه أن يعود وأعاده إلى مكانه السابق وبقيا متجاورين ومتحابين إلى النهاية.

ابوفيصل العلاني 07-05-2007 20:29

رد : حَـكَـايـا
 
بسم الله الرحمن الرحيم

قصــة وقصيدة حجرف الذويبــي
________________________________________
هذي قصة الشيخ حجرف بن عياد الذويبي واضن هذا الاسم غني عن التعريف

المهم القصه بختصااااااااااار هي ان حجرف الذويبي كان مشهوووووووور بالكرم الزايد وكان اذا اقبل

عليه ضيف يكرمه كعادة العرب في اكرام الضيف ولكنه كان يبالغ في اكرام ضيوفه وكان في كل مره

يجمع له جماعته المواشي الي يكرم ضيوفه منها المهم استمر حجرف على هذى الحال حتى

في احد المرات عندما اراد جماعته كالعاده يجمعون له مواشي قال بعضهم هذي المره لانعطيه شيء

من المواشي لعل وعسى يخفف من كرمه الزايد فاستقر راي القبيله على هذى الراي بل ذهبو

وتركووووه وحيد لياخذ درسا المهم جائت امراته وقعدت تلوومه ولو انه اقتصد في كرمه كان صار عنده

خيل ومواشي ويستطيع يلحق بجماعته عليها المهم ان حجرف مانام اليل قاعد يفكر وخرج في الصباح فرى حيه

عمياء تقف على الرمضاء وياتي الطير فيقع على راسها فتاكله واستمرت على هذي الطريقه فعلم حجرف

ان رب هذي الحيه لن يتركه فقال هذي القصيده

وهي

يقول بن عيّاد وان بات ليله
رزقي على اللي ماتحاصى فعايله
قال الذويبي والذويبي حجرف
مثايلٍ من لبّة القلب قايله
ماني بولد هدلاٍ ليا قلّ كيله
جرف باهل بيته وضاقت محايله
انا ليا ضاقت عليّه تفرجت
ماني بهلباجٍ همومه تكايله
يرزقني رزاق الهوايش بجحرها
لاخايلت برقٍ ولاهي بحايله
يارزق غيري ياملا مايجيني
لاجم هيافا معتلينٍ رحايله
ولاني على رزقي بخبلٍ لغيري
ورزقي يجي لو كل حيٍ يحايله
تشب نارٍ يجذب الضيف ضوها
وان خبتت زدنا حطبها سقايله
والله مانكره ضيوفٍ ليا لفوا
صعلوك والا من معالي حمايله
وحلّيت في داري خلاوي لحالي
وترى الفرج مضمون والرب قايله
وذبحت انا سبع الركايب لاهلها
في حزةٍ عيّا على الزاد كايله
ربعي قبايل حرب ياقل مالي
لاركبت غبر السنين وشحايله
اللي وقد بمراح تسعين عاقر
وشكرت انا منها جزايل فعايله
وربعي قبايل حرب حرابة الدول
كم دولةٍ راحت فخرها فشايله
طهمان ياشه يوم شاف الحرايب
رماح وسيوف تلظى فتايله
وياشة طيره قام تسعين ليله
ثم انهزم للترك يشكي بلايله
وهذي قبايل حرب ياجاهلٍ بها
كم دولةٍ راحت توقّد غلايله
وفضنا على نجدٍ وناسٍ ونيسه
الى انتحى جنوب والا شمايله
يشهد لنا وادي الرمه مع جوانبه
هذي عدوده باقياتٍ مثايله
نوبٍ نحدّ الغير ونوبٍ يحدّنا
واللي خذوا منّا خذينا بدايله
تسعين قريه ماخذيناه بالثمن
كسبٍ بالايدي يوم الايدين طايله
لي لابةٍ فرسان تدري بها العدا
ندبها قومٍ على الدرب عايله
ويومٍ بوادي الدوم لاعاد ماجرى
اليوم يجري من معالي مسايله
وعينيك يازادي الرمه علك الحيا
حوراً ترّزم شربها من ثمايله
ترعى بامان وكنّ ابازيد قدمها
السيف باليمنى وبها الغيض شايله

وعندما رجع لامراته وجد غنم و ابل فلحق بقومه فلما سمعو صوت نجره
قالو هذا نجر حجرف وكان عنده نجره معروفه فسالوه عن سر هذي المواشي
فاخبرهم بقصته فتلازمو الايعودو لما فعلوه به

فوزي المطرفي 11-05-2007 10:08

رد : حَـكَـايـا
 



.


ذكر طه حسين في كتابه الأيام, حادثة الإضراب ضد أستاذهم المستشرق الكبير ناليننو, وكان ذلك بسبب اعتداء ايطاليا على ليبيا, وكان الإضراب نوعًا من الاحتجاج, وقد امتنع الطلاب عن الحضور, فلما دخل ناليننو القاعة وجدها فارغة إلا من الكراسي الصامتة, وعندها خرج مارًا على الطلبة الغاضبين في فناء الجامعة وخاطبهم بصوتٍ عربيّ فصيح قائلاً:"مثلكم ـ أيها السادة ـ مثل من أراد أن يغيض امرأته فخصى نفسه".!!


.

فوزي المطرفي 26-08-2007 20:29

رد : حَـكَـايـا
 



.

بأمـر أميـر المؤمنــين.!

‏ صعد خالد بن عبد الله القسري المِنْـبَرَ في يوم جمعة، وهو إذ ذاك على مكة، فذكر الحجـّاج بن يوسف فأثنى عليه ثناءً عظيماً وحمد طاعته للخليفة عبد الملك بن مروان، وترحّم عليه.‏ ‏ فلما كان في الجمعة الثانية ورد عليه كتاب أمير المؤمنين سليمان بن عبد الملك يأمره فيه بشتـْم الحجاج ونشر عيوبه وإظهار البراءة منه. فصعد خالد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:‏ ‏ "أيها الناس، إن إبليس كان مَلـَكاً من الملائكة، وكان يُظْهـِر من طاعة الله ما كانت الملائكة ترى له به فضلاً. وكان الله قد علم من غـِشّه وخـُبثه ما خَفـِيَ على ملائكته. فلما أراد الله فضيحته أمره بالسجود لآدم، فظهر لهم ما كان يـُخفيه عنهم، فلعنوه.‏ ‏ "وإن الحجاج كان يـُظهر من طاعة أمير المؤمنين ما كُنـّا نرى له به فضلاً، وكأنّ الله أَطـْلـَعَ أمير المؤمنين من غشه وخبثه على ما خفي علينا، فلما أراد الله فضيحته أجرى ذلك على يديْ أمير المؤمنين فلعنه. فالعنوه لعنه الله.‏ ‏ ثم نزل. ‏

من كتاب "العقد الفريد" لابن عبد ربه.


.

فوزي المطرفي 13-09-2007 20:53

حَـكَـايـا رمضانية
 


.

أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف
مرض أبو يوسف مرضًا شديدًا، فعاده أستاذه أبو حنيفة مرارًا. فلما صار إليه آخر مرة، رآه ثقيلاً، فاسترجع، ثم قال: لقد كنتُ أُؤَمّله بعدي للمسلمين، ولئن أُصيبَ الناسُ به ليموتَنّ علمٌ كثير. ‏ ‏ ثم رُزق أبو يوسف العافية، وخرج من العِلَّة. فلما أُخبِر بقول أبي حنيفة فيه، ارتفعت نفسُه، وانصرفت وجوه الناس إليه، فعقد لنفسه مجلسـًا في الفقه، وقصـَّر عن لُزوم مجلس أبي حنيفة. ‏ ‏ وسأل أبو حنيفة عنه فأُخبر أنه عقد لنفسه مجلسًا بعد أن بلغه كلام أستاذه فيه. فدعا أبو حنيفة رجلاً وقال له: ‏ صـِرْ إلى مجلس أبي يوسف، فقل له: ما تقول في رجل دفع إلى قَصَّار ثوبًا ليصبغه بدرهم، فصار إليه بعد أيام في طلب الثوب، فقال له القصار: ما لك عندي شيء، وأنكره. ثم إن صاحب الثوب رجع إليه، فدفع إليه الثوب مصبوغًا، أَلَه أجرُه؟ فإن قال أبو يوسف: له أجره، فقل له: أخطأت. وإن قال: لا أجرَ له فقل له: أخطأت! ‏ ‏ فصار الرجل إلى أبي يوسف وسأله، فقال أبو يوسف: ‏ ‏ له الأجرة. ‏ ‏ قال الرجل: أخطأت. ‏ ‏ ففكر ساعة، ثم قال: ‏ ‏ لا أجرة له. ‏ ‏ فقال له: أخطأت! ‏ ‏ فقام أبو يوسف من ساعته، فأتى أبا حنيفة. فقال له: ‏ ‏ ما جاء بك إلا مسألةُ القصَّار. ‏ ‏ قال: أجل. ‏ ‏ فقال أبو حنيفة: ‏ ‏ سبحان اللّه! من قعد يُفتي الناس، وعقد مجلسًا يتكلم في دين اللّه، لا يُحسن أن يجيب في مسألة من الإجارات؟! ‏ ‏ فقال: ‏ ‏ يا أبا حنيفة، علِّمني. ‏ ‏ فقال: ‏ ‏ إنْ صبغه القصار بعدما غَصَبه فلا أجرة له، لأنه صبغ لنفسه، وإن كان صبغه قبل أن يغصبه، فله الأجرة، لأنه صبغه لصاحبه. ‏ ‏ ثم قال: مَن ظن أن يستغني عن التعلُّم فَلْيَبكِ على نفسه. ‏



فوزي المطرفي 14-09-2007 15:17

رد : حَـكَـايـا
 



.


أُخرج بالتي هي أحسن

نزل أبو الأغر، وهو شيخ أعرابي من بني نهشل، ضيفا على بنت أختٍ له تسكن البصرة، وذلك في شهر رمضان. فخرج الناس إلى ضياعهم، وخرج النساء يصلِّين في المسجد، ولم يبقَ في الدار غير الإماء وأبي الأغرّ. ودخل كلب من الطريق إلى الدار، ثم إلى حجرة فيها، فانصفق باب الحجرة ولم يتمكن من الخروج. ‏ ‏ وسمع الإماءُ الحركة في الحجرة فَظَنَنَّ لصّا دخلها، فذهبت إحداهن إلى أبي الأغر فأخبرته، فأخذ عصا ووقف على باب الحجرة وقال: ‏ ‏ يا هذا إنك بي لعارف. أنت من لصوص بني مازن، وشربتَ نبيذًا حامضا خبيئا حتى إذا دارت الأقداح في رأسك مَنَّتْكَ نفسُك الأماني، فقلتَ: أَطْرُقُ دُورَ بني عمرو والرجال في ضياعهم والنساء يصلين في المسجد فأسرِقهن. سَوْءةً لك! والله ما يفعل هذا رجلٌ حر! وبِئْسَمَا مَنَّتْك نفسُك! فاخرج بالتي هي أحسن وأنا أعفو عنك وأسامحك وإلا دخلتُ بالعقوبة عليك. وأيم الله لتخرجنّ أو لأهتفن هَتْفَةً فيجيء بنو عمرو بعدد الحصى، وتسأل عليك الرجال من ها هنا، وها هنا ولئن فعلتُ لتكوننَّ أشأم مولود في بني مازن. ‏ ‏ فلما رأى أنه لا يجيبه أخذ باللين فقال: ‏ ‏ أخرج بأبي أنت منصورا مستورا. إني والله ما أراك تعرفني، ولئن عرفتني لوثقت بقولي، واطمأننت إليّ. أنا أبو الأغر النهشلي، وأنا خالُ القوم وقُرّة أعينهم، لا يعصون لي رأيا، وأنا كفيلٌ بأن أحميك منهم وأن أدافع عنك. فاخرج وأنت في ذمتي، وعندي فطيرتان أهداهما إليّ ابن أختي البار، فخذ إحداهما حلالا من الله ورسوله، بل وأعطيك بعض الدراهم تستعين بها على قضاء حوائجك. ‏ ‏ وكان الكلبُ إذا سمع الكلام أطرق، فإذا سكت أبو الأغرّ وثب الكلب وتحرّك يريد الخروج. فلما لم يسمع أبو الأغرّ ردّا قال: ‏ ‏ يا ألأم الناس! أراني في وادٍ وأنت في آخر. والله لتخرجن أو لأدخلن عليك. ‏ ‏ فلما طال وقوفه جاءت جاريةٌ وقالت لأبي الأغرّ: ‏ ‏ أعرابي جبان! والله لأدخلنَّ أنا عليه! ‏ ‏ ودفعت الباب، فوقع أبو الأغر على الأرض من فرط خوفه، وخرج الكلبُ مبادرا فهرب من الدار. ‏ ‏ واجتمعت الجواري حول أبي الأغرّ فقُلْن له: ‏ ‏ قم ويحك! فإنه كلب! ‏ ‏ فقام وهو يقول: ‏ ‏ الحمد لله الذي مسخه كلبا وكفى العربَ شرَّ القتال! ‏:D

.

فوزي المطرفي 15-09-2007 21:20

رد : حَـكَـايـا
 



.


إني أرى في الكتاب ما لا ترون

‏ كان سديدُ المُلك، وهو أول من ملك قلعة شَيْزَر من بني منقذ، موصوفًا بقوّة الفطنة. وتُنقل عنه حكاية عجيبة، وهي أنه كان يتردد إلى حَلَب قبل تملّكه شيزر، وصاحب حلب يومئذ تاج الملوك محمود بن صالح بن مرداس. فجرى أمرٌ خاف سديد الملك على نفسه منه، فخرج من حلب إلى طرابلس الشام.‏ ‏ فتقدّم محمود بن صالح إلى كاتبه أن يكتب إلى سديد الملك كتابًا يتشوّقه ويستدعيه إليه. ففهم الكاتب أنه قصد له شرّا، وكان صديقًا لسديد الملك. فكتب الكتاب كما أُمِر إلى أن بلغ إلى "إن شاء الله تعالى"، فشدَّد النون وفَتَحَها. ‏ ‏ فلما وصل الكتاب إلى سديد الملك عَرَضَه على من بمجلسه من خواصه، فاستحسنوا عبارة الكتاب، واستعظموا ما فيه من رغبة محمود فيه وإيثاره لقربه. فقال سديد الملك: ‏ ‏ إني أرى في الكتاب ما لا ترَوْن. ‏ ‏ ثم أجابه عن الكتاب بما اقتضاه الحال، وكتب في جملة الكتاب: ‏ ‏ أنا "الخادم المقرّ بالإنعام"، وكسر الهمزة من أنا، وشدَّد النون. ‏ ‏ فلما وصل الكتاب إلى محمود، ووقف عليه الكاتب، سُرَّ الكاتب بما فيه، وقال لأصدقائه: ‏ ‏ قد علمتُ أن الذي كتبتُه لا يخفى على سديد الملك، وقد أجاب بما طَيـَّبَ نفسي. ‏ ‏ وكان الكاتب قد قصد قول الله تعالى: "(إِنَّ المَلأَ يأتمرون بك ليقتلوك)، فأجاب سديد الملك بقوله تعالى: ‏ ‏ (إِنـَّا لن ندخلها أبدًا ما داموا فيها)! ‏



.

فوزي المطرفي 17-09-2007 04:09

رد : حَـكَـايـا
 


.


الأصمعي والبقّـال
عن الأصمعي قال: ‏ ‏ كنت بالبصرة أطلب العلم، وأنا فقير. وكان على باب زقاقنا بقّال، إذا خرجتُ باكرا يقول لي إلى أين؟ فأقول إلى فلان المحدّث. وإذا عدت مساء يقول لي: من أين؟ فأقول من عند فلان الإخباريّ أو اللغويّ. ‏ ‏ فيقول البقال: يا هذا، اقبل وصيّتي، أنت شاب فلا تضيّع نفسك في هذا الهراء، واطلب عملا يعود عليك نفعه وأعطني جميع ما عندك من الكتب فأحرقها. فوالله لو طلبت مني بجميع كتبك جزرة، ما أعطيتُك! ‏ ‏ فلما ضاق صدري بمداومته هذا الكلام، صرت أخرج من بيتي ليلا وأدخله ليلا، وحالي، في خلال ذلك، تزداد ضيقا، حتى اضطررت إلى بيع ثياب لي، وبقيت لا أهتدي إلى نفقة يومي، وطال شعري، وأخلق ثوبي، واتّسخ بدني. ‏ ‏ فأنا كذلك، متحيّرا في أمري، إذ جاءني خادم للأمير محمد بن سليمان الهاشمي فقال لي: ‏ ‏ أجب الأمير. ‏ ‏ فقلت: ما يصنع الأمير برجل بلغ به الفقر إلى ما ترى؟ ‏ ‏ فلما رأى سوء حالي وقبح منظري، رجع فأخبر محمد بن سليمان بخبري، ثم عاد إليّ ومعه تخوت ثياب، ودرج فيه بخور، وكيس فيه ألف دينار، وقال: ‏ ‏ قد أمرني الأمير أن أُدخلك الحمام، وأُلبِسك من هذه الثياب وأدع باقيها عندك، وأطعِمك من هذا الطعام، وأبخّرك، لترجع إليك نفسك، ثم أحملك إليه. ‏ ‏ فسررت سرورا شديدا، ودعوتُ له، وعملتُ ما قال، ومضيت معه حتى دخلت على محمد بن سليمان. فلما سلّمتُ عليه، قرّبني ورفعني ثم قال: ‏ ‏ يا عبد الملك، قد سمعت عنك، واخترتك لتأديب ابن أمير المؤمنين، فتجهّز للخروج إلى بغداد. ‏ ‏ فشكرته ودعوت له، وقلت: ‏ ‏ سمعا وطاعة. سآخذ شيئا من كتبي وأتوجّه إليه غدا. ‏ ‏ وعدت إلى داري فأخذت ما احتجت إليه من الكتب، وجعلتُ باقيها في حجرة سددتُ بابها، وأقعدت في الدار عجوزا من أهلنا تحفظها. ‏ ‏ فلما وصلت إلى بغداد دخلت على أمير المؤمنين هارون الرشيد. ‏ ‏ قال: أنت عبد الملك الأصمعي؟ ‏ ‏ قلت: نعم، أنا عبد أمير المؤمنين الأصمعي. ‏ ‏ قال أعلم أن ولد الرجل مهجة قلبه. وها أنا أسلم إليك ابني محمدا بأمانة الله. فلا تعلمه ما يُفسد عليه دينه، فلعله أن يكون للمسلمين إماما. ‏ ‏ قلت: السمع والطاعة. ‏ ‏ فأخرجه إليّ، وحُوِّلْتُ معه إلى دار قد أُخليت لتأديبه، وأجرى عليّ في كل شهر عشرة آلاف درهم. فأقمت معه حتى قرأ القرآن، وتفقّه في الدين، وروي الشعر واللغة، وعلم أيام الناس وأخبارهم. ‏ ‏ واستعرضه الرشيد فأُعجب به وقال: ‏ ‏ أريد أن يصلي بالناس في يوم الجمعة، فاختر له خطبة فحفِّظْه إياها. ‏ ‏ فحفّظتُه عشرا، وخرج فصلى بالناس وأنا معه، فأعجب الرشيد به وأتتني الجوائز والصلات من كل ناحية، فجمعت مالا عظيما اشتريت به عقارا وضياعا وبنيت لنفسي دارا بالبصرة. ‏ ‏ فلما عمرت الدار وكثرت الضياع، استأذنتُ الرشيد في الانحدار إلى البصرة، فأذن لي. فلما جئتها أقبل عليّ أهلها للتحية وقد فَشَتْ فيهم أخبار نعمتي. وتأمّلت من جاءني، فإذا بينهما البقال وعليه عمامة وسخة، وجبّة قصيرة. فلما رآني صاح: ‏ ‏ عبد الملك! ‏ ‏ فضحكت من حماقته ومخاطبته إيّاي بما كان يخاطبني به الرشيد ثم قلت له: ‏ ‏ يا هذا! قد والله جاءتني كتبي بما هو خير من الجَزَرَة! ‏

.

فوزي المطرفي 18-09-2007 01:06

رد : حَـكَـايـا
 


.

أهلـي.. أهلــي
وفد أعرابي على كسرى أنو شروان، فسأله عن اسمه وصناعته، فأجابه، أنا الحارث بن كـِلدة، طبيب العرب، فقال كسرى:‏ ‏ ما يصنع العرب بالطبيب، مع سوء أغذيتهم؟ قال:‏ ‏ إن كان هذا حالهم، فهم أجدر بالطبيب، فقال:‏ ‏ وكيف يعرفون من يسلمون إليه أمرهم، مع ما هم عليه من شدة الجهل، قال:‏ ‏ إن الله عز وجل قسم العقول بين العباد، كما قسم الأرزاق، وأخذ القوم نصيبهم، ففيهم ما في غيرهم من جاهل وعالم، وعاجز وحازم وغير ذلك، فقال:‏ ‏ ما هو المحمود من صفاتهم، قال:‏ ‏ هو أكثر من أن يـُحصر، فإن لهم أنفساً سخية، وقلوباً جريـَّة، وعقولاً صحية، وأنساباً نقية، لغتهم أفصح اللغات، وأوسعها في التراكيب والكلمات، ألسنتهم طليقة، وعباراتهم رقيقة، يمرُق الكلام من أفواههم مروق السهام من أوتارهم، أعذب من الماء وألين من الهواء، يطعمون الطعام، ويواسون الأيتام، عزهم لا يرام، وجارهم لا يضام، فاستوى كسرى على كرسيه، وجرى ماء الحلم في وجهه، وقال لجلسائه مشيراً إلى ابن كلدة: ‏ ‏ إني وجدته راجحاً، ولقومه مادحاً، وبفضلهم ناطقاً، ولما يورده من لفظه صادقاً، وكذا العاقل، من أحكمته التجارب، ولا يكون حاطباً مع كل حاطب، ثم بشَّ في وجهه قائلاً، لله درك من عربي، لقد أعطيت علماً، وخـُصصت فطنة وفهماً، وأحسن صلته، وقضى جميع حوائجه.

فوزي المطرفي 05-10-2007 05:25

في الإعادة إفادة
 


.

قال بعض الأذكياء : إذا تزوج الرجل فسئل عن حاله وزواجه, فإن قال: مارغبنا إلا في الصلاح والدين ,, فاعلم أن زوجته قبيحة!

:D

.

فوزي المطرفي 14-10-2007 04:29

رد : حَـكَـايـا
 


.

نظر عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أعرابي يصلي صلاةً خفيفة، فلما قضاها قال:اللهم زوجني بالحور العين. فقال عمر: أسأت النقد وأعظمت الخطبة.

:)

.

فوزي المطرفي 13-11-2007 21:15

رد : حَـكَـايـا
 


.

زار خليل مطران مسقط رأسه بعلبك وقضى فيها عطلة الصيف فاحتفى به مواطنوه حفاوة بالغة. وذات يوم دعته نسيبة له إلى الغداء فأعدت له ما لذ وطاب، وبعد الانتهاء من تناول الطعام، قالت له، وكانت طيبة القلب حتى السذاجة: إن لك لدينا منزلة سامية. تعال معي وانظر مكتبتنا وفيها مجموعة لدواوينك الشعرية. مضى الشاعر معها فأرته كتبه مجلدة افضل تجليد وقالت له: أرأيت كم نحن حريصون عليها. وراح خليل مطران يتناول كتبه واحدا بعد الآخر فوجد أنها ما تزال بدون تقطيع أوراقها وما مستها بعد يد لقراءتها فقال للسيدة: شكرا لك على اهتمامك بكتبي وحرصك الشديد عليها بحيث انك لم تفتحي بعد أي واحد منها ولا أذنت لاحد في دارك أن يمسها بل تركتها ذكرا طيبا للأجيال القادمة.

.

فوزي المطرفي 13-11-2007 21:17

رد : حَـكَـايـا
 


.

اشتهرالملك لويس الرابع عشر في فرنسا برعاية الأدب والأدباء وكان يلقب بالملك الشمس لعظمته. وكان الشاعر بوالو مقربا اليه. خطر للملك أن ينظم قصيدة فتلاها الى الشاعر بوالو مستطلعا رأيه، فما استساغها الشاعر فأجاب الملك بلباقة: انك يا أيها الملك الشمس قادر على عمل أي شيء فالمستحيل ليس في قاموسك. لقد شئت أن تنظم شعرا رديئا فبرعت.

.

فوزي المطرفي 13-11-2007 21:19

رد : حَـكَـايـا
 


.

كان الكاتب الألماني الشهير غوته صديقا لعبقري الموسيقي بتهوفن. وكان كل منهما معروف بكبريائه. ذات يوم، وهما في شارع في مدينة فيينا، يركبان عربة خيل تجمهر الناس حولهما وصفقوا حماسة. قال غوته: إن الشهرة مزعجة تسلب الإنسان حريته فلا يستطيع حتى ان يتنزه على هواه، العيون مصوبة عليه في كل مكان. أجابه بتهوفن الحق معك وقد يبلغ الفضول بهؤلاء حدا يجعلهم يسعون لمعرفة من يكون برفقة الرجل العظيم. مثلا كل الناس المتجمهرون الان يتساءلون من هو الرجل الذي يصحب في العربة بتهوفن الشهير.

.

فوزي المطرفي 30-11-2007 12:59

رد : حَـكَـايـا
 


.

نيللي والشيخ كشك

قال الشيخ عبدالحميد كشك ـ وهو من أشهر خطباء الجمعة في مصر ـ في مقابلة مع جريدة المسلمون يوم 8/11/1407 مايلي:

إنّه في يوم الجمعة الثامن والعشرين من أغسطس 1981 صعدت المنبر وكنت أشعر وأنا أصعد درجة بسخونة الأحداث وارتفاع درجة حرارتها, فقد كان كلّ شيء ينذر بوقوع أشياء جسيمة وخطيرة, ورأيتني في مقدمة الخطبة أصرخ بأعلى صوتي قائلاً:« اتقِ الله أيها الظالم, فالليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر, والعمر مهما طال فلابدّ من دخول القبر, وظللت أردد كلمات فيها الوعيد للظالمين». وبالفعل ليلة الثاني من سبتمبر 1981 انتزعني الحراس من بين أطفالي السبعة, وعلمت أن المصلين في مسجد عين الحياة قاموا بمظاهرات بعد صلاة الجمعة لما علموا أنني قد تمّ القبض عليّ. كان موعدي مع التحقيق يوم الخميس الرابع والعشرين من شهر سبتمبر, ففي صبيحة هذا اليوم جيء بقافلة من السيارات, وفي موكب مسلح تتقدمه الدراجات البخارية التي تمرق مروق السهم من الرمية, وقد انطلقت الصفارات تفسح الطريق لسيارتنا التي حشرنا فيها حشرًا, حتى استقر بنا المقام أمام المبنى الذي سيحقق معنا فيه, ودخلت على المحقق ووجه أسئلته وكان أكثرها يدور حول الخطب, ومن الأسئلة التي مازلت أذكرها هذا السؤال الخالد: لماذا تهاجم نيللي؟ وكأن نيللي هذه قد أصبحت ذاتها مصونة لا تمس, ومن أرادها بسوء قصمه الله, وكأنها كنانة الله في أرضه أو مبعوثة العناية الإلهية, قلت: إنما كنت أطالب بتأخير فوازيرها حتى نصلي القيام, فقد صرفت الناس عن صلاة القيام في رمضان, ثم قلت: لقد صارت كالهلال نصوم لفوازيرها ونفطر لفوازيرها, وسأل لماذا تهاجم الكرة؟ قلت: لأنها تحولت إلى رياضة مذمومة وأصبح ضررها كالخمر والميسر.


.


الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش +4.
الوقت الان » 10:41.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يكتب في الموقع يعتبر حقوق محفوظة لموقع شعبيات- شبكة الاقلاع