PDA

عرض كامل الموضوع : المبدع والشأن العام..


عبدالواحد اليحيائي
23-10-2008, 02:51
.
.
أتابع بعض كتابات المبدعين في الشؤون العامة، اتابعها على الأوراق، وأتابعها على شاشات النت والفضائيات..

قرأت كثيراً مما كتبه د. غازي القصيبي في الفكر الإداري وهو قاص وشاعر وإداري. وقرأت أيضاً نقداً كتبه أحدهم عن انشغال ناقد بحجم عابد خازندار بالكتابة في الشؤون العامة. ولزملاء آخرين كتابات فيما يعتقدون أنه يهم الناس (أتذكر الآن: محمد حسن علوان، محمد الرطيان..). وعاتبني صديق لحديثي عن السبحة والسرقة هنا، لأنه يرى أن لا شأن للإبداع والفكر والفلسفة بالسبحة والسرقات اليومية التي أصبحت معتادة. وقديماً قرأت اعتراضات بعض الكتاب العرب على يوسف إدريس حين انشغل بمقال أسبوعي يحكي فيه الهم العام بعيداً عن مجاله الذي برع فيه وهو القصة القصيرة.

والواقع أن كاتبنا المحلي والعربي واقع في حيرة مع قرائه..
إن تفرغ لإبداعه قيل: هو في برجه العاجي لا يبالي بالناس ولا يشعر بمعاناتهم..
وإن كتب في شأن عام قيل له: وما شأنك أنت بهذه القضايا، لم لا تلتفت إلى إبداعك؟!
إذن هو في الحالين مُساءل.

وللقضية أكثر من جانب..

هناك الكاتب الذي يهتم بما سيقوله القراء عما كتب حتى ليشغله ذلك عن رأيه وفكرته، ولن تفلح هذه النوعية من الكتاب في المجالين، لأن على الكاتب أن يقول ما يعتقده هو، وما يؤمن بأهميته، وما يظن أنه يمثل وجهة نظره هو سواء أعبر عن ذلك في مقال أو قصة قصيرة أو قصيدة أو ما شاءت له صور الكتابة بين الخبر والمعلومة والإبداع، وسواء أتفق معه قراءه أو كانت لهم رأي آخر.

وهناك الكاتب الذي لا يهتم بما سيقوله القراء لكنه في ذات الوقت لا يعرف ولا يعلم ثم يكتب. هو يفترض أن إبداعه يخول له أن يقدم معلومة خاطئة، أو معلومة هو غير مختص بتفاصيلها، أو معلومة ناقصة. وهو يفعل ذلك لأنه يعتقد أن الرأي العام ينتظر رأيه في كل قضايا الساعة، وتلك بعض مغبة الاتصال المتواصل بالصحافة والصحفيين، والخلط بين أن تكون مبدعاً ينتظر الناس رأيك الفني في شأن من اختصاصك، وأن تكون صحفياً ينقل الخبر مع بعض التحليل والتفسير. وفرق بين أن يكتب مبدع مثل د. غازي القصيبي عن التنمية في المملكة أو تجربته في الوزارة أو أن يكتب مبدع آخر قليل التجربة عن هذه المجالات.

وهناك الكاتب الذي لا توصله كتاباته الإبداعية إلى الشهرة التي يطمح إليها، أو لا تقربه إلى الأوساط التي يسعى إلى دخولها، فيتصور إن في الكتابة في الشؤون العامة والاعتراض والاختلاف على أساس (أنا لا أعتقد) طريق معبد بالورد إلى الشهرة والضجيج، والغالب على هؤلاء أن يخسروا في النهاية ما حصّلوه مبدعين ولا يربحوا ما أملوه مخالفين ومشاهرين.

والبرج العاجي؟!
تهمة غبية أكل الدهر عليها وشرب وشبع ونام، لأنه لن يصل كاتب إلى برج عاجي أو ذهبي أو إسمنتى حتى يتعب في بنائه وصعوده، ولن يكتمل له هذا البرج إلا بعد أن تلقى أعماله صداها عند الناس في جيله أو بعد جيله، ولن تلقى هذه الأعمال صداها إلا إن لامست شيئاً في حس الناس وعقولهم وقلوبهم، ولن تمس شيئاً في العقول والقلوب إلا حين يجرب الكاتب الناس ويخالطهم ويخلطونه بهم وفيهم ومعهم، ولن يكون كذلك إن كان في برج أو غرفة أو كوخ، ثم هو إن دخل برجه بعد ذلك فلن يدخله إلا وزاده من معرفة وتجربة وخبرة بالأفكار والأشياء والأشخاص قد تجاوز كتابة عامة تنقصها المعرفة وتعوزها الخبرة، ولن يكون مستحقاً للبرج إلا وقد انصهر عقله قبل قلمه بالإبداع في شكله ومعناه.
.
.

عنود
23-10-2008, 03:26
معك حق أستاذي الفاضل
لم تترك نقطه الا وبررت نقدك لها
مقنع

شكراً لمصافحتك من جديد
كل عام وانت بخير :55: