PDA

عرض كامل الموضوع : نافـذة مبصرة !!


هلال بن مزعل
17-10-2008, 01:32
من يصنع الآخر : القصيدة أم الشاعر ؟؟
الشاعر هو من صنع القصيدة ، فهو من اختار أدوات بنائها المادية ، وهو من استغرق في التفكير في تسلسلها الفكري ، وحبكتها الدرامية ، وهو من اختار المفردات لها ، فهو شاعر بدونها ، وكان بإمكانها صنع غيرها ، أو صنعها بصورة مختلفة ...
وقبل هذا وذاك ، هو صاحب السلوك النفسي ، الذي استنطق صمت المحبره ، ملهما ريشة التدوين عمق الحدث ، ومداه !!
القصيدة لا تصنع الشاعر ، ولكنها تحقق له الآتي :
• تنفيس مشاعره المكبوتة ، واستظهار حالته الشعورية ، واستنطاق خفاياه النفسية .
• تدربه على صنع المعنى المرتبط بالحدث ، بأدوات مخصوصة ، وفق آليات وضوابط متفق عليها ، ونقد الأداء وتحسينه .
• تحقيق مفهوم الاتصال الإنساني بينه وبين جمهور الشعر ، أو جمهور القضية التي تناولها النص الشعري .
• الرصيد الكمي – في الحدود الدنيا - ووفرة الإنتاج الأدبي .

متى تكتب القصيدة ؟

القصيدة وليدة الموقف ، تأتي متى ما أراد راسمها إطلاق قنبلة من غضب أو حنين !!
• تذكرت محبوبا غائبا فآثرت تدوين ألمي إذ فارقني همسه !!
• هطلت سجائب الجفاء ، فتنفست الصعداء من خلال نص شعري !!
• غلبني التفكير في أموري النفسية ، فهمست لذاتي شعرا !!
وهكذا ...
ولكن ما تجب الإشارة إليه ، أن الحدث تصاحبه ولادة النص دون أن يكون هناك ما يلزم باكتمال نموه !!
كتبت بداية قصيدة في السيارة ، وكتبت أخرى كاملة أثناء تأديتي لاختبار في الجامعة !!

العلاقة بين الجمهور والشاعر :
هناك مسألة يجب أن نتوقف عندها : هل نحن فعلا جمهور شعر أم أننا جمهور شاعر ؟!
الوضع مختلف تماما ، فجمهور الشعر هو جمهور حالم نخبوي يلتزم بالبحث عن النصث الذي يلتزم شاعره بأدبيات الصنع المتقن والمقنن ، وهو هنا - أي هذا الجمهور - يقرأ النص ثم يقرأ اسم الشاعر ، لعله يجد عند الشاعر ذاته لاحقا ما قد يسد جوعة للقراءة الماتعة !
أما جمهور الشاعر فهو جمهور فيه نوع من العصبية ، يبحث عن الشاعر لا شعره ، حتى وإن قال أحدهم : " سأقرأ لفلان ولا يهمني لذاته " ، فهو - أي هذا القارئ المرتبط بالشاعر لا شعره - قد أعد ردا مسبقا قبل قراءة القصيدة ، وهو رد لا ينتمي إلا للمدح الخالص المخلص !!
ونحن الآن نعيش في زمان يكاد فيه أن يكون لكل عربي شاعر !!
المشكلة ليست في أن الكل يريد كتابة الشعر ، إنما هي الرغبة الجامحة لتصوير الحس النفسي والأسى الذاتي ، ولا أسهل من الشعر ولا أشهر !!
من هذا المنطلق تكون علاقة الشاعر مع جمهوره على نمطين :
1) نمط الاستسلام المرتبط بفائدة الكم : من خلال إلزام الشاعر شعره بصورة القبول الأزلي ، للحفاظ على كم المتبعة .
2) نمط التمسك بالصورة الذاتية ، وتأمل بقاء القلة الموضوعية متابعة للشاعر .
الجمهور يخدم الشاعر ، والشاعر يروي ظمأ الجمهور المتعطش !!


الإعلام والشعر :
الإعلام وسيلة تضمن انتقال الأثر !!
ولا يعني هذا الرضا التام عن سلوك قنوات الشعر التلفازية ، فنحن لا نبحث عن مفهوم " كم " ، ولكننا نسعى لضمان مفهوم " كيف " ، فالأجدر بنا البحث عن الجودة لا الكثرة ...
لماذا لا نشاهد على قنوات الشعر :
• برامج تناقش قوافي الشعر وأوزانه ؟
• برامج تناقش البناءات الدرامية للنص ، وترابط السياقات الفكرية ، وألوان التصوير البيانية والبديعية ، وملامح المعاني التي تتضمنها النصوص ( علوم البلاغة ) ؟
• برامج تحاور الأدباء الثقات ؟
• برامج تتعرض للموروث بلا عصبية وبلا تحيز ؟
• برامج تنظم مسابقات لا تعتمد على المادة ؟
• ... إلخ

الشاعر والبناء الذاتي :
سأنطلق هنا ، من تصور يحاول التفريق بين من رأى الشعر موروثا ، ومن رآه مكتسبا ..
( 1 ) يرى علماء النفس خاصة المعتمين بالقياسات المعرفية ومنظري الذكاء أن الشعر صور من صور الذكاء اللفظي ...
وأنا هنا سأسأل : هل الذكاء مكتسب أم مورث ؟
( 2 )ثم هل كلمة " موهبة " تدل على الوراثة أم الاكتساب ؟!
لاحظ أن أصلها اللغوي الفعل الثلاثي " وهب " !!
( 3 )أرى أن الشعر مكتسب أكثر من كونه وراثة ، وهذا الحكم لا ينفي التصاقه بالعامل المورث ولكن على نطاق ضيق ...
( 4 )من رأى أن الشعر مورث نسي أن الشاعر قد يكون تأثر بمعايشة بيئة المعيشة ومن فيها من شعراء فتأثر بهم ...
( 5 ) المورث لا ذنب لك في سوئه ، ولا أجر لك في حسنه !!فأنت لم تعمل لأجله ولا ضده !!
( 6 )الشعر صورة من التعبير ، في صورة لفظية ، وهو هنا دال على ثقافة الشاعر ورأيه في الحياة والموجودات من حوله ، وهو مؤشر على الاكتساب المعرفي ، والتطور السلوكي ، والضد بالضد ...
فكيف يكون مورثا فقط ؟!
( 7 )لا بد من الممارسات التالية لتطوير الشاعرية :
* تلاوة القرآن الكريم . ومدارسة هدي نبيه صلى الله عليه وسلم .
* مطالعة ما يرتبط ارتباطا مباشرا بالشعر ، كدراسة علمي العروض والقافية ، وألوان البلاغة ، وعلوم اللغة الأخرى كالنحو والصرف والإملاء ، كون الشعر صورة من صور الكتابة اللغوية ، ومراجعة القاموس اللغوي باستمرار .
* تدارس الفنون والمظاهر العامة والمعاشة تنمية للثقافة وتحسينا من مستوى التأمل في القيم والأفكار .
* قراءة الشعر بكثرة .


منتديات الشعر الإلكترونية :
لا شك في أن قنوات الاتصال الإلكترونية قد وفرت للشعراء ميزة التواصل التقني مع جمهور كبير ، وأرى أن هذا قد خدم الشاعر والشعر عموما في النقاط الرئيسة التالية :
• ممارسة سلوك دال على المواكبة الجادة لمعطيات عصر التقانة .
• استظهار الإبداع الفني في تنسيق النص الشعري ، وإظهاره بصورة أجمل .
• الاتصال مع شريحة كبيرة مع الجمهور .
• التنوع في ممارسات الاتصال ما بين الشاعر وجمهوره ، بتقديم النصوص مقروءة ومسموعة ومرئية .
• تدني مستوى المحسوبية ، على الضد من بعض الوسائل الأخرى كمجلات الشعر وصفحاتها الشعبية ، فكل من أراد المشاركة سيشارك ، وإن كانت هناك مواقع أوقفت التسجيل إلا بموافقة إدارية .
• ظهور ممارسات نقدية جادة .

همسات محب :هناك أمور أخرى ، خاصة بثقافة الاتصال مع الآخر ، وهي :
• قدّم آراء تثق بها .
• احترم جمهورك ، ووفّق بين أدبياتك الكتابية ، ومستواه المعرفي وقيمه الخلقية .
• احترم ذاتك ، ولا تكن همومك منصبة في الإضحاك والإمتاع قليل النفع .
• كن منصفا لذاتك وأنت تتحدث عنها !!
• ابتعد عن الإساءة للآخر ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) .
• انسب عدم قبول بعضهم لفكرك إلى مسألة تمايز العقول والثقافات ، دون أن يعني ذلك أنك لا ترى السوء فيما تقدم .
• واكب أحداث أمتك : آلامها وآمالها !!
• لا تجعل شعرك غاية لذاتها ، ولا تجعل من إبداعك الأدبي وسيلة هدفها تحقيق الشهرة ، فأنت صاحب رسالة سامية في مجتمعك ، وناقل لفكرك وتجاربك في الحياة .

مداد أخيكم :
هلال بن مزعل العنزي
عضو هيئة التدريس بجامعة الحدود الشمالية

مزون المحمد
19-10-2008, 12:05
أستاذية حرف نستقي منها جم من المعلومات

وأستاذية فكر نشرع لها القلوب والأذهان

هنا كان مع وجه الشعر الآخر وقفة منصفة بلغة جميلة

متصفح راقي بـ رقيك أخي هلال العنزي

فـ ألف شكر لهكذا نافذة مشرعة على فضاء أرحب من الشعر

دمت بروعتك

هلال بن مزعل
24-10-2008, 04:46
الأخت مزون المحمد :


لست إلا مجتهدا ...

أسأل الله لكم أجر ما أجده في نفسي من سعادة ، وحبور !!

لكم الود ، والتقدير ...