حنان آل الشيخ
11-06-2007, 21:07
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مساء / صباح الخير
إخوتي لدينا تضخمٌ كبير وهائل ، ومفزع ، في عدد الشعراء ‘ يفوق ما عرفه أي عصرٍ من عصورِ الشعر
إنّ النقد القديم كان في غاية الصرامة حين يخلع مسمى ( شاعر ) على التجارب الشعرية ، ولا يمكن أن يمنح لأحدٍ مالم يستوفِ شروط الصنعة بتمامها ؛لذلك يجب على شعرائنا أن يكونوا متصرفين في جميع البحور والأوزان الشعرية
وهو آكد وأوجب في حقهم ومشروطٌ بإجادة كلٍّ منها ، وليس مجرد الممارسة اللاهية أو التجريب العابث0
ولعلّ من حسنات النقد القديم في مراتب الشعراء، الشعراء أربعة : شاعر خنذيذ ، وشاعر مفلق ، وشاعر فقط ، وشعرور وكذلك قولهم " الشعراء : شاعر وشويعر ، وشعرور؛ لذلك كان القدماء أدق منا في تصنيف الشعراء ، فلم يكن لقب (شاعر) مشاعاً لكل من " هبَّ ودبَّ " ، بل على النقيض من ذلك تماماً
كانوا يهولون من امر الشعر ويعظمون من شأنه ، وكانوا يربطون هذه التقسيمات بأصحابها وبأسماء شعرية
صريحة دون اعتبار لدرجتها قوة أوضعفاً أو للشخصية الشعرية . ومن ذلك
"قول الأصمعي : الشويعر مثل محمد بن حمران ومثل عبد العزى، وقول الجاحظ : والشويعر عبدياليل من بني سعد،
ولم تكن هذه التقسيمات اعتباطية ، بل كانت وليدة حرصهم ، وعنايتهم بالشعر، وتقديسهم له . قال الحطيئة:
الشعرُ صعبٌ وطويلٌ سُلمه ....... والشعر لا يسطيعه من يظلمه
إذا ارتقى فيه الذي لايعلمه ........ زلتْ به إلى الحضيض قدمه
ويظلُ تعظيم الشعر والإجادة فيه هاجساً يفرض نفسه على الشعراء ؛ حتى أن شيطان الشعراء
( دعبل الخزاعي ) قال:
سأقضي ببيت يحمد الناس أمره .... ويكثر في أهل الروايات حامله
يموت رديء الشعرمن قبل أهله ..... وجيده يبقى وإن مات قائـــــله
أمام هذه الصرامة لايملك الشعراء إلا تجويد أشعارهم إجادة تتناسب ومعايير ذلك النقد ، الذي يصنف كل شاعر وقصيدته ، حسب ماتستحقه ، فلا مجاملات ، ولا شيء من قبيل هذه الصناعات الإعلامية ، التي نراها اليوم ، في صحافتنا بمباركة النقاد المجاملين والنقد المعلب ؛ لأجل ذلك أورثوا أدباً حياً ، يعيش ماعاشت الحياة نفسها ؛ بعكس اليوم ، الذي لايصلح أكثره إلا لملء تلك الصفحات الفارغة من الصحف , وأكثره لايمكن أن يحمل (الجنسية الشعرية :) )
إذا ما محص تمحيصاً صادقاً ؛ لأنه " إذا لم يكن عند الشاعر توليد معنى ،ولا اختراعه ، أوابتداعه
كان اسم الشاعر عليه مجازاً لاحقيقة ، ولم يكن له إلا فضل الوزن وبمثل هذا نستطيع القضاء على طفرتنا الشعرية
وأنا في هذا ، لا أعدو الحقيقة ؛ لأن هذه الأحكام النقدية القديمة بصرامتها ، هي العقار الناجع للداء الشعري الذي نعيشه اليوم .
فلو أخذنا على سبيل المثال مئة قصيدة غزلية لشعراء هذا الجيل ثم حللناها ، وفق المعايير السابقة ، لوجدنا أنها لا تحفل بتجاوزات أسلوبية أو فنية أو فكرية، يمكن أن تحسب لها ، وحتماً سنجد التشابه والتكرار والنمطية ، والمباشرة ؛ مما يعني أن شعرهم يشبه بعضه بعضاً ، ولا حاجة لقراءة أكثر من ديوان ، فديوان واحد يكفي ويغني عن البقية ؛ وهذا ما يعلل قلة الرصيد الجماهيري المتفاعل مع الشعر قراءة وحتى حضورا لأمسياته ، التي بات الشعراء فيها ينشدون ويصفقون لأنفسهم
ومن بين هذا الرماد الشعري يبقى التساؤل.. أين لنا بذلك الغربال الذي سيريحنا من المستشعرين الكثر في هذا العصر؟
:D
مساء / صباح الخير
إخوتي لدينا تضخمٌ كبير وهائل ، ومفزع ، في عدد الشعراء ‘ يفوق ما عرفه أي عصرٍ من عصورِ الشعر
إنّ النقد القديم كان في غاية الصرامة حين يخلع مسمى ( شاعر ) على التجارب الشعرية ، ولا يمكن أن يمنح لأحدٍ مالم يستوفِ شروط الصنعة بتمامها ؛لذلك يجب على شعرائنا أن يكونوا متصرفين في جميع البحور والأوزان الشعرية
وهو آكد وأوجب في حقهم ومشروطٌ بإجادة كلٍّ منها ، وليس مجرد الممارسة اللاهية أو التجريب العابث0
ولعلّ من حسنات النقد القديم في مراتب الشعراء، الشعراء أربعة : شاعر خنذيذ ، وشاعر مفلق ، وشاعر فقط ، وشعرور وكذلك قولهم " الشعراء : شاعر وشويعر ، وشعرور؛ لذلك كان القدماء أدق منا في تصنيف الشعراء ، فلم يكن لقب (شاعر) مشاعاً لكل من " هبَّ ودبَّ " ، بل على النقيض من ذلك تماماً
كانوا يهولون من امر الشعر ويعظمون من شأنه ، وكانوا يربطون هذه التقسيمات بأصحابها وبأسماء شعرية
صريحة دون اعتبار لدرجتها قوة أوضعفاً أو للشخصية الشعرية . ومن ذلك
"قول الأصمعي : الشويعر مثل محمد بن حمران ومثل عبد العزى، وقول الجاحظ : والشويعر عبدياليل من بني سعد،
ولم تكن هذه التقسيمات اعتباطية ، بل كانت وليدة حرصهم ، وعنايتهم بالشعر، وتقديسهم له . قال الحطيئة:
الشعرُ صعبٌ وطويلٌ سُلمه ....... والشعر لا يسطيعه من يظلمه
إذا ارتقى فيه الذي لايعلمه ........ زلتْ به إلى الحضيض قدمه
ويظلُ تعظيم الشعر والإجادة فيه هاجساً يفرض نفسه على الشعراء ؛ حتى أن شيطان الشعراء
( دعبل الخزاعي ) قال:
سأقضي ببيت يحمد الناس أمره .... ويكثر في أهل الروايات حامله
يموت رديء الشعرمن قبل أهله ..... وجيده يبقى وإن مات قائـــــله
أمام هذه الصرامة لايملك الشعراء إلا تجويد أشعارهم إجادة تتناسب ومعايير ذلك النقد ، الذي يصنف كل شاعر وقصيدته ، حسب ماتستحقه ، فلا مجاملات ، ولا شيء من قبيل هذه الصناعات الإعلامية ، التي نراها اليوم ، في صحافتنا بمباركة النقاد المجاملين والنقد المعلب ؛ لأجل ذلك أورثوا أدباً حياً ، يعيش ماعاشت الحياة نفسها ؛ بعكس اليوم ، الذي لايصلح أكثره إلا لملء تلك الصفحات الفارغة من الصحف , وأكثره لايمكن أن يحمل (الجنسية الشعرية :) )
إذا ما محص تمحيصاً صادقاً ؛ لأنه " إذا لم يكن عند الشاعر توليد معنى ،ولا اختراعه ، أوابتداعه
كان اسم الشاعر عليه مجازاً لاحقيقة ، ولم يكن له إلا فضل الوزن وبمثل هذا نستطيع القضاء على طفرتنا الشعرية
وأنا في هذا ، لا أعدو الحقيقة ؛ لأن هذه الأحكام النقدية القديمة بصرامتها ، هي العقار الناجع للداء الشعري الذي نعيشه اليوم .
فلو أخذنا على سبيل المثال مئة قصيدة غزلية لشعراء هذا الجيل ثم حللناها ، وفق المعايير السابقة ، لوجدنا أنها لا تحفل بتجاوزات أسلوبية أو فنية أو فكرية، يمكن أن تحسب لها ، وحتماً سنجد التشابه والتكرار والنمطية ، والمباشرة ؛ مما يعني أن شعرهم يشبه بعضه بعضاً ، ولا حاجة لقراءة أكثر من ديوان ، فديوان واحد يكفي ويغني عن البقية ؛ وهذا ما يعلل قلة الرصيد الجماهيري المتفاعل مع الشعر قراءة وحتى حضورا لأمسياته ، التي بات الشعراء فيها ينشدون ويصفقون لأنفسهم
ومن بين هذا الرماد الشعري يبقى التساؤل.. أين لنا بذلك الغربال الذي سيريحنا من المستشعرين الكثر في هذا العصر؟
:D