PDA

عرض كامل الموضوع : الفكرة والسبق؟


خالد بن عويد
08-04-2007, 01:27
متى تكون المعلومة ملكا فكريا ، لا ينبغي لأحد السطوة عليه ، أو الاختلاس منه؟ وهل ينبغي لكل من نقل المعلومة إحالتها ؟! وإذا لم يحل إليها أو يشيرإلى مصدرها = فيصبح بعد ذلك سارقا ، تجب محاكمته ،ومختلسا تجب مقاضاته.!
أعتقد أن هذه المسألة فيها إجمال .
ولكي تتضح المسألة ويزول اللبس يجب علينا أن نفرق بين أمرين:

الأول: النتيجة العلمية التي استخرجت بعد عناء وسبر وعمق وطول بحث وتأمل ، وخصوصا إذا كانت النتيجة غير مسبوقة من قبل.
فيجب في هذه الحالة الإشارة إلى مستخرج هذه النتيجة بغض النظر عن صوابها أو خطئها.
ولا بأس أن ينص مستخلص هذه النتيجة على سبقه فيها لأن المعلومة أصبحت ملكا له.
الثاني: الفكرة المبدعة المبتكرة المجردة ، وأقصد بالمجردة التي لم تنفذ على أرض الواقع ، فإذا قال أحد فكرة ولم ينفذها ، ونفذها آخر فهل يعد هذا التنفيذ من الآخر سرقة علمية !وهل قائل هذه الفكرة قد ملكها الفكرة!
وجهة نظري في هذه المسألة : أن الذي نفذها إذا أشار إلى من أشار عليه بها، فهو محسن متجرد ، وإذا لم يشر فهو غير ملام ، لأن صاحب الفكرة بعرضه لها قد يقصد أن غيره يقوم بتنفيذها ، إذ لو كان يقصد تنفيذها فإنه لا يستغني عنها، ويعرضها بطريقة مبذولة ، وهو يعلم أن هناك من يتلقف الأفكار.
فالمتعارف عليه أن صاحب الفكرة الحريص على تنفيذها هو بنفسه لا يعرضها، فإذا عرضها فهو محسن في إثارة الأفكار ، وإحياء وجهات النظر.
فعليه أقول : إن الأبيات الأدبية ليس فيها سرقة ولا اختلاس ، لأنها أفكار وهي مبذولة ، فقد يستحسن الشاعر معنى للبيت فيصوغه من عنده فلا بأس بذلك ،بل فيه إثراء للمعاني وللمترادفات في المعنى الواحد ، ومنه نشأة المعارضات الشهيرة وأعتقد أن الفكرة المبذولة كالشيء الجميل الذي يراه الجميع
فيصفه الأديب كما يشاهد بعيني إحساسه .

يزيد بن غشيّان
08-04-2007, 11:36
خالد بن عويد صباح الخير

انا اؤيدك في مسألة ان الفكره ليست ملكا لاحد طالما هي ما زالت فكره

لكن تبقى يا خالد متفاوته . الوسط الشعري تقبل بعض التصاوير المكرره و لم يتقبل اخرى

ليه ؟ لان بعض الشعراء يقتبس الفكره ولا يشابه المضمون فيخرج بنتيجه ترضي القاريء

لكن البعض نقل الفكره بتشابه كبير وصل لحد انه يريح نفسه و يكتب البيت مسروق حرفيا :)


:,:


اخوي خالد

انت سباق في طرح المسائل الاختلافيه و مناقشتها على امثل وجه

و عضو تتوفر لديك جميع ادوات النقاش الحضاري ,

تحياتي لك و كن دوما بالقرب tsh6

خالد بن عويد
09-04-2007, 13:34
أخي الكريم:
يزيد بن غشيان
أشكر لك حضورك المتميز والمفيد والمتألق

إذا وصل الحد لبعضهم انه ينقل حرفيا !!!!
فهو أساسا غير داخل في النقاش!!!!

نحن نتكلم عن الأدب وليس عن النسخ

فهذا ليس شاعرا وإنما ناسخا

فرق بين شاعر وناسخ كالفرق بين السماء ذات الرجع ولأرض ذات الصدع


ودمت قريبا للفكرة والهدف

يزيد بن غشيّان
09-04-2007, 16:37
حياك الله يا خالد

إذا وصل الحد لبعضهم انه ينقل حرفيا !!!!
فهو أساسا غير داخل في النقاش!!!!
نحن نتكلم عن الأدب وليس عن النسخ
فهذا ليس شاعرا وإنما ناسخا .

ما اختلفنا على كونه يعتبر شاعر او لا . و ما كنت اقصد الخروج عن النقاش انما كان مجرد مثال


ودمت قريبا للفكرة والهدف

انا دائما كذلك .



tsh6

خالد بن عويد
11-04-2007, 02:37
السلام عليكم

حياك الله بابن غشيان

سعد بمرورك كثيرا

وأتمنى أن يثرى هذا الموضع

بحثا ودراسة

من الجميع

ودمتم بخير وعافية

فوزي المطرفي
19-04-2007, 19:12
.


الجار الحبيب/ خالد بن عويد

موضوع يفتح آفاق جيدة للحوار والنقاش, خاصة وهو بتوقيع قلمٍ بدأ يثري القسم ويمدّ الفكر بتأمّلاتٍ ومشاهدات, ويحرّض على التوسع في شجون الحديث, والتنزّه في حدائق الفكر والبحث.
في البداية, أنا أتفق معك تمامًا بخصوص الفكرة التي تستخرج بعد عناء وتعب, وهي قد تكون مجردة بمعطيات هذا الزمن, إن لم تسجّل كبراءة أو تقيّد ككتاب.! إشكالية الأفكار التي تنمّى أو تطوّر مفتوحة كفضاءٍ رحب, وقد أُسلّم للشخص الذي بذل جهد التجديد وتوسيع نطاق الفكرة بما لا أسلمه لمن يشير ولا يفسر أو يشاهد دون رصد. ولعلّ من أهم ما يجب الإشارة إليه, أن ملكية الفكرة دون اجتهاد لتفعيلها عقيمة جدًا, ولا تؤتي أكلها بما يجب أو بما يفترض للأفكار المفيدة. كالشاعر.. تخطر بباله الفكرة التي قد تؤرخ بيتًا تسير به الركبان, لكنه يغض الطرف عن تدوينه في قالب شعرٍ بديع, ممّا قد يفوّت تخليد ذكره.!

قضية السبق:
نستطيع حصر قضية السبق في عرض مثالٍ يبيّن أحقية السبق وأولوية ذلك لمن بادر بالتفعيل والممارسة لا بالتفكير وطول التأمل. وسيكون المثال أو الشاهد على الشعر, الذي بدوره يفضي إلى ما أشرت إليه من حدود الأسبقية ومن يستحق لقب السبق في الفكرة.
سئل أبو عمرو بن العلاء:
أرأيت الشاعرين يتفقان في المعنى ويتواردان في اللفظ لم يلق واحد منهما صاحبه ولم يسمع شعره؟ قال:
تلك عقول رجال توافت على ألسنتها، وسئل أبو الطيب عن مثل ذلك فقال: الشعر جادة، وربما وقع الحافر على موضع الحافر.

في هذا المثال يتبين لنا أن أهمية السبق في التقييد والإنشاد, لا الانكفاء على فرحة العارض في جنح ليل من خواطر وأفكار لا تتعدى أرنبة أنف المتأمل. لأنها قد تذهب لمن هو أهلٌ للتمحيص والدراية والاستطلاع والإبانة والإعلان. ويكون السبق والفضل لصاحب البداية الذي نشر وعرض فكرته, حتى وإن اتفق بعده من اتفق.!
ولأن المثال في الشعر, فأمر الإنشاد وإعلان الفكرة مهمٌ جدًا, والشعر ـ برُمته ـ يقف عند عامل الإنشاد, كما قال شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وَإِنَّ أَحسَنَ بَيتٍ أَنتَ قائِلُهُ
بَيتٌ يُقالَ إِذا أَنشَدتَهُ صَدَقا
فالإنشاد أمرٌ مهمٌ للشعر وما تضمن من فكرةٍ بكر.!

قضية الأفكار وأبيات الشعر:
لقد قلت أيها الجار المكيّ:" إن الأبيات الأدبية ليس فيها سرقة ولا اختلاس ، لأنها أفكار وهي مبذولة". وهذا الكلام جدّ خطير, ويترك الحبل على الغارب لمن شاء أن يسترق السمع أو يترقب البديع من النوادر والشوارد. فلو كان التطوير فيما تعارف الناس عليه من الأبيات العادية, ذات الأفكار العادية أيضًا, والتي تجري فيها طباع الشعراء, ويشترك فيها البشر, فلا ضير في ذلك أبدًا. أما في البديع الذي ليس للناس فيه اشتراك؛ فهي سرقة وربّ محمّد. وقد أكد الآمدي في الموازنة على مثل هذا الأمر وشدّد.!
أنظر إلى الفرزدق الذي أوتي حظًا من الشعر البليغ, والذي ينفض الشعر نفض الندّاف ضريبة القطن, يأبى إلا أن يسرق ويغصب البيت من صاحبه علانيةً وعلى مرآه ومسمعه, وقصته مع الشاعر الشمردل مشهورة, ذكرها ابن رشيق في العمدة, وقال:
أنشد الشمردل في محفل:
فما بين من لم يعط سمعاً وطاعةً
وبين تميم غير حز الحلاقم
فقال الفرزدق:
والله لتدعنه أو لتدعن عرضك، فقال:
خذه لا بارك الله لك فيه.
علّق الشيخ محمود شاكر ـ رحمه الله ـ على هذا الفعل, وقال:" أتظن أن الفرزدق الذي شهد له جرير بالعلوّ, وسجد له الأخطل لحظة أن سمع إنشاده, يمنعه شيءٌ أن يعمد إلى المعنى الذي أراده الشمردل فيأخذه ويصفه في أي لفظٍ شارد, أو رأيته إن فعل كان يعجز عن تجديد المعنى وتحسين اللفظ وإبداع القافية؟
وأقول: إن الفرزدق لخليق بأن يفعل, لكن بكارة المعنى البديع لا تحتمل من يسطو عليها ليدعي تطوريها أو تهذيبها.. فهي شاردة دهر ونادرة زمن!
هناك شواهد كثيرة على مثل هذا الفعل, لكنها تميل بنا عن سنن الكلام الذي نريد توجيهه وحصره في فكرة أن الأخذ من الأبيات البديعة النادرة سرقة واختلاس, مهما حاول الشاعر أن يدّعي الصياغة وإثراء المعنى.
وللمنفلوطي رائد النثر في العصر الحديث, مقالاً عن المدنية العربية, ضمّن فيه بيتًا شهيرًا للمتنبي, وذاك بعد أن نثره, في وصف جبانٍ على ما أذكر:" أسلم رجليه للرياح الأربع, فإذا سمع صفير الصافر مات وجلاً, وإذا رأى غير شيءٍ ظنّه رجلاً".
وَضاقَتِ الأَرضُ حَتّى كانَ هارِبُهُم
إِذا رَأى غَيرَ شَيءٍ ظَنَّهُ رَجُلا
والشواهد أكثر من يأخذها قانون الحصر والضبط.!

أيضًا.. لوكان التطوير في الأمثال التي تحولت إلى شعر, أي أنها صُفت صفًا لا فضل فيه إلا الوزن والقافية, فلا بأس في أخذ صياغة مثلٍ متعارف عن زمنٍ معين, وبالمناسبة هذه الطريقة امتهنها الكثير من شعراء اليوم, وأخذها للنصح والتوجيه ومآرب أخرى.!
(1) سرّك أسيرك فإن نطقت به فأنت أسيره". يقول الفيلسوف ابن سينا:
أسيرك سرُّك إن صنته
وأنت أسيرٌ له إن ظهر
(2) أحذر عدوك مرة وأحذر صديقك ألف مرة. يقول خلف بن هذال:
احذر عدوّك دبّة العمر مره
واخذ الحذر من صاحبك عشر مرات.
(3) كلّ شاة برجلها معلقة" ورد في الجزء الثاني من البيان والتبيين للجاحظ, وأزعم أنك عرفت الشطر الشهير في ساحات المحاورة, عندما يصدح الشاعر بموالٍ نهايته:
والنتيجة كل شاة معلقة بكراعها:D

*

أرأيت يا صديق الحارة التي تعيش حالات اليقظة على مدار الساعة? :)

tsh6

خالد بن عويد
22-04-2007, 00:05
صديقي صديق الطفولة:فوزي المطرفي
لم أكن أتوقع أن يكون لهذا الموضوع هذه الأهمية إلا حينما لامست يراعك موضعي، مفيدة له ومعقبة عليه .

نقاط على نقاط:

1 الفكرة التي تكون في تكون ملكا فكريا ، ولا يجوز لأحد أخذها ، أو نسيتها إليه =هي نتائج البحوث العلمية التي يفني فيها الباحث جزء من عمره في بحثها ، ويخرج بنتيجة لم يسبقه إليها أحد .

2 لا نستطيع محاسبة إنسان على سرقة النتيجة العلمية إلا بشروط:
أ تقيد النتيجة من قبل غيره.
ب ذكره للنتيجة من دون إحالة لمن سبقه .

3 رفيق رفيق المراهقة الحرجة: البيت الذي تكون له فكرة رائدة وتجديد وإبداع
وكما تفضلت وأفدت بنقل كلام العلامة محمود شاكر ، وكذلك بتعليقك الرائع أنه البيت الذي له معنى بديع لا تستطيع فطاحلة الشعر وفحول الشعراء من مقاربة المعنى ببيت آخر= فالنتيجة لا سرقة في أبيات من هذا النوع ، وإنما هو اغتصاب كما فعل الفرزدق ، أو نسخ للبيت وهذا ما تأباه نفوس الأشراف من الناس فضلا ممن يدعي الأدب والشعر.

4 زميلي زميلي الليث : لا أرى فيما ذكرته من كلام أبي العلاء المعري وأبي الطيب المتنبي إلا أنه قد تتوارد الأفكار للشاعرين ، وهذا أمر مألوف ولا بأس به.
وإذا قال الشاعر قصيدة وأعلنها وأنشدها ، فهي كلامه وأفكاره ومعانيه ، ولا يعني ذلك حصر هذه الأفكار فيه وحده ، إذ لو أعجبت شاعرا أو أديبا فصاغ منها قصيدة أو رواية لكان ذلك مستساغا ، والمعارضات الشعرية دليل على ذلك.

5 أما قضية الأفكار البديعة في الأبيات التي ليس للناس فيها اشتراك = فلا يستطيع أحد سرقتها ببيت مماثل له في جودة المعنى والفكرة ،والدليل عجر الفرزدق عن محاكاة بيت الشمردل (مع تحفظي على الاستدلال به) مع أن ما فعله الفرزدق يسمى اغتصابا وليس سرقة . فعل المنفلوطي عندما ضمن معنى بيت المتنبي من دون إشارة ،في دليل على أنها أمر طبعي بين الأدباء.

لقد فهمت يا صديق الحارة أن الفرزدق أعجب بالبيت فأراد أن ينسبه للنفسه
ولكنه انقدح في ذهني (وأرجو الفائدة منك وأنت أعلم منى في هذا)
أن الفرزدق أراد أن يكف الشمردل عن هذا البيت الذي فيه مدحا للتميم وهي القبيلة التي ينتسب لها جرير ، لأنه لا يستطيع أن يرد على معنى البيت ببيت موازي له في القوة والإبداع ، وعليه يسمى فعل الفرزدق إكراها.

صديقي الأفكار موجودة عند الجميع ولكن من الشاعر من الأديب من المتحدث من الإعلامي الذي يصوغها في قالب بديع مؤثر

صديقي الحارة التي تعيش حالات اليقظة على مدار الساعة وأنا أشد ضررا منك

الله يخارجنا من يقظة لا نعرف ماذا تنتج!!؟؟؟:frown: