فيصل الرويس
12-03-2006, 23:59
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البدء , أحب أن ألقي التحية لجميع منتسبي هذا المنتدى الجميل , وأعبر من خلال مشاركتي الأولى عن الفرحة في مستهل إنتسابي لهذا المكان .
___ :
يكثر الحديث عن (الثقافة الشعبية) بين المهتمين من الكتاب والشعراء , والقراء , والأفاقين أيضاً وكل من هب ودب على الأرض ويتكلم بلغة البشر ! .
ولكن عندما تحاول الإقتراب من المصطلح ( الثقافة الشعبية ) سوف تجد أن لكل شخص مفهوم يختلف عن الأخر للمعنى الذي تشير أليه هذه الجملة أو المصطلح .
والإختلاف ليس حكراً على فئة معينة , حتى المثقفين والمتأدبين يخلطون كثيراً في تصوراتهم حول الثقافة كمفهوم مستقل , قبل أن يرتبط بإختصاص كــ الثقافة الشعبية . أو الثقافة الأكاديمة , أو الثقافة الأدبية , وحتى في الفرعيات من العلوم والمعرفة , يوجد : ثقافة طبية , وتربوية , وإجتماعية , وإقتصادية , وجنسية , وثقافة منحطة , وثقافة راقية ... ! إلى حد الإبتذال اللغوي . فلكل شيء ثقافة !؟ .
نعود لبعض الإستخدامات للثقافة في اللغة العربية , ولن أتكلف المرجعيات , سأستخدم ذاكرتي السطحية : الثقافة من مصدر ثقف . أي التعديل والإستقامة , وثقف يمكن إستخدامها للإصابة , ثقف الهدف أي أصابه , والمثاقفة , لعبة من ألعاب الفروسية , وهي الزج بالرماح الخشبية , بين فارسين متقابلين في مضمار ...إلخ .
وقيل أن المثقف هو الكامل , في لغة العرب , من يعرف السباحة والرماية , وركوب الخيل , ويقول الشعر , ويكتب بالقلم , فهو الكامل ... . ومن تنقصة واحدة من هذه الأشياء لا يوصف بالمثقف , ويمكن إعتبار قيادة السيارة , والتصويب بالسلاح , ومهارة إستخدام الحاسب , معطيات متطورة على نفس المفهوم ؛ ولكن نجد أن الشرط الأساسي والمتفق عليه هو : الكتابة , والقدرة على المكاتبة فمن لا يكتب لا يتم وصفه بالمثقف .
حتى القارئ النهم , إذا لم يحسن في عرض أفكاره لن يتعدى وصفه بالمتنور أو المطلع والمتعلم ... كالمجتهد في كتابة هذا الموضوع .
إذن هل يوجد ثقافة شعبية , لو طبقنا شيئاً من هذه المفاهيم التراثية على أرض الواقع المعاصر؟
سنكتشف فراغ المصطلح , وعدم تمكنه في المعنيات الفكرية . إلا في مجال وحيد ومتميز , هو (علم الإجتماع الحديث ) . لانه من العلوم المتعلقة بالمجتمع , وعلم إحصائي بالدرجة الأولى . يتحرك في البيئات الإنسانية و يعتمد على النتائج الإحصائية في قراءة الشعوب , وطريقة تفاعلها فيما بينها ,وتفاعلها مع العالم , والشعوب الأخرى . إذا صح التعريف .
فهو يدلل على الثقافة الشعبية , بالمعطيات العامة والكلية المثبتة إحصائياً ,كــ , العمران , الإقتصاد , اللغة , التشريعات , الأعراف ؛ ويعطي نتائج لا يمكن تطبيقها على فرد معين .
مثلاً : الثقافة الشعبية في المجتمع العربي تتفاعل مع الغناء والرقص والطرب , وهي سريعة الإستجابة للإستفزاز الخارجي . فهل يمكن تطبيق هذه المعطيات على كل فرد عربي ؟!
لا يمكن ذلك , إلا بإدراجه ضمن الثقافة الشعبية , والإتنماء أليها في نفس البيئة . ومن ثم التمييز , فأما أن يكون : فرد منساق خلف الثقافة الشعبية ومتشبه لكل معطياتها الظاهرة , ولديه قبول بكل الظواهر الإجتماعية . أو أنه يمتلك القدرة على تكوين ردود فعل تجعله يستحق الوصف بالتميز , كالمبدعين والمفكرين والشعراء , ورجال السياسة ,,,ألخ .
أستخلص المفهوم الشخصي( للثقافة الشعبية) ؛ أنها: محتوى عام لا يقبل التخصيص الفئوي , يأتي في سياق يناقش الظواهر الإجتماعية ,ويترقى في مجال علم الإجتماع . بمفهوم ( ثقافة المجتمع ) .
المفارقة أكتشفها حين أتحدث مع البعض من الزملاء أو المعارف , واحياناً في اللقاءات العامة , كالإنترنت وغيره من الملتقيات ... ؛ فعندما أقول: يوجد إنحطاط عاطفي وأمية معرفية في ثقافتنا الشعبية . . ويكون حديثنا في سياق يأتي بإقبال المشاهد على قنوات الغناء , ورسائل الجوال , والبلوتوث !
أجد من يتوهم التقصد للصحف والمجلات التي تزخر بالقصائد النبطية وأنني أقلل من أهمية الأعراف الإجتماعية وأحمل اللغة االدارجة أو العامية مسؤولية ذلك .!!
ولم يكن للشعر الشعبي أي ذكر , ولكن إرتباط الشعر العامي , بالثقافة الشعبية , أعطاه صلاحية التحرك بمصطلح ( الثقافة الشعبية) عن طريق مفهوم الإستهلاك الشعبي . فنحن نقول أن الرز يحظى بشعبية فائقة بين سكان الخليج , نظراً للإطراد المستمر في مبيعاته . ونقول أن الشعر النبطي يحظى بشعبية فائقة نظراً لإقبال الجمهور على المناشط الشعرية العامة . وشراء الصحف المتخصصه بالشعر النبطي .
ومن خلال مناقشة الظواهر الإجتماعية في أطروحات المثقفين , وإستخدامهم للمفهوم البيئي للثقافة الشعبية , يخرج من وقت إلى أخر , واحداً يهاجم المثقفين والثقافة , لانها تحارب الثقافة الشعبية والشعر النبطي , وتصفه بالتخلف حسب مفهومه السطحي , ولا غرو أن هناك من يعتقد ذلك , ولكن نحتاج إلى وقفات كثيرة لفض الإشتباك بين المفاهيم وذلك لن يتم إلا بمتابعة السياق العام للحديث , ومعرفة قليلة بأبسط وسائل العرض المعرفي وأهم هذه الوسائل نوعية الأمثله .
وخير مثال لمعرفة مستوى الثقافة الشعبية , الإطلاع على إنتاج نجوم المجتمع ومستواهم المعرفي ونوعياتهم كالرياضيين والمطربين , والراقصين , والمفحطين , , وطريقة التعبير عند المميزين من الذين يمتلكون شعبية جارفة في مجتمع معين , لأن المعاني والأفكار المضمنه في أعمالهم , يمكن إستخدامها كمؤشر لقياس الوعي .
ومن خلال الأمثلة الشائعة , والحكم, والأبيات الشعرية الدارجة . كالمثل المشهور ( باب يجيك منه ريح سده وأستريح ) يدل على السلبية , وحكمة ( إذا كثرت همومك نم ) يدل اليأس والإحباط من المستقبل , وبيت الشعر للقائل : ( متى الشوراع تجمع أثنين صدفة , لاصار شباك المواعيد مجفي ) يدل على الجفوه العاطفية التي يعاني منها العشاق شعبياً . وتصعلك ذواتهم في غربة داخلية عنيفة .
وسلامتكم .
في البدء , أحب أن ألقي التحية لجميع منتسبي هذا المنتدى الجميل , وأعبر من خلال مشاركتي الأولى عن الفرحة في مستهل إنتسابي لهذا المكان .
___ :
يكثر الحديث عن (الثقافة الشعبية) بين المهتمين من الكتاب والشعراء , والقراء , والأفاقين أيضاً وكل من هب ودب على الأرض ويتكلم بلغة البشر ! .
ولكن عندما تحاول الإقتراب من المصطلح ( الثقافة الشعبية ) سوف تجد أن لكل شخص مفهوم يختلف عن الأخر للمعنى الذي تشير أليه هذه الجملة أو المصطلح .
والإختلاف ليس حكراً على فئة معينة , حتى المثقفين والمتأدبين يخلطون كثيراً في تصوراتهم حول الثقافة كمفهوم مستقل , قبل أن يرتبط بإختصاص كــ الثقافة الشعبية . أو الثقافة الأكاديمة , أو الثقافة الأدبية , وحتى في الفرعيات من العلوم والمعرفة , يوجد : ثقافة طبية , وتربوية , وإجتماعية , وإقتصادية , وجنسية , وثقافة منحطة , وثقافة راقية ... ! إلى حد الإبتذال اللغوي . فلكل شيء ثقافة !؟ .
نعود لبعض الإستخدامات للثقافة في اللغة العربية , ولن أتكلف المرجعيات , سأستخدم ذاكرتي السطحية : الثقافة من مصدر ثقف . أي التعديل والإستقامة , وثقف يمكن إستخدامها للإصابة , ثقف الهدف أي أصابه , والمثاقفة , لعبة من ألعاب الفروسية , وهي الزج بالرماح الخشبية , بين فارسين متقابلين في مضمار ...إلخ .
وقيل أن المثقف هو الكامل , في لغة العرب , من يعرف السباحة والرماية , وركوب الخيل , ويقول الشعر , ويكتب بالقلم , فهو الكامل ... . ومن تنقصة واحدة من هذه الأشياء لا يوصف بالمثقف , ويمكن إعتبار قيادة السيارة , والتصويب بالسلاح , ومهارة إستخدام الحاسب , معطيات متطورة على نفس المفهوم ؛ ولكن نجد أن الشرط الأساسي والمتفق عليه هو : الكتابة , والقدرة على المكاتبة فمن لا يكتب لا يتم وصفه بالمثقف .
حتى القارئ النهم , إذا لم يحسن في عرض أفكاره لن يتعدى وصفه بالمتنور أو المطلع والمتعلم ... كالمجتهد في كتابة هذا الموضوع .
إذن هل يوجد ثقافة شعبية , لو طبقنا شيئاً من هذه المفاهيم التراثية على أرض الواقع المعاصر؟
سنكتشف فراغ المصطلح , وعدم تمكنه في المعنيات الفكرية . إلا في مجال وحيد ومتميز , هو (علم الإجتماع الحديث ) . لانه من العلوم المتعلقة بالمجتمع , وعلم إحصائي بالدرجة الأولى . يتحرك في البيئات الإنسانية و يعتمد على النتائج الإحصائية في قراءة الشعوب , وطريقة تفاعلها فيما بينها ,وتفاعلها مع العالم , والشعوب الأخرى . إذا صح التعريف .
فهو يدلل على الثقافة الشعبية , بالمعطيات العامة والكلية المثبتة إحصائياً ,كــ , العمران , الإقتصاد , اللغة , التشريعات , الأعراف ؛ ويعطي نتائج لا يمكن تطبيقها على فرد معين .
مثلاً : الثقافة الشعبية في المجتمع العربي تتفاعل مع الغناء والرقص والطرب , وهي سريعة الإستجابة للإستفزاز الخارجي . فهل يمكن تطبيق هذه المعطيات على كل فرد عربي ؟!
لا يمكن ذلك , إلا بإدراجه ضمن الثقافة الشعبية , والإتنماء أليها في نفس البيئة . ومن ثم التمييز , فأما أن يكون : فرد منساق خلف الثقافة الشعبية ومتشبه لكل معطياتها الظاهرة , ولديه قبول بكل الظواهر الإجتماعية . أو أنه يمتلك القدرة على تكوين ردود فعل تجعله يستحق الوصف بالتميز , كالمبدعين والمفكرين والشعراء , ورجال السياسة ,,,ألخ .
أستخلص المفهوم الشخصي( للثقافة الشعبية) ؛ أنها: محتوى عام لا يقبل التخصيص الفئوي , يأتي في سياق يناقش الظواهر الإجتماعية ,ويترقى في مجال علم الإجتماع . بمفهوم ( ثقافة المجتمع ) .
المفارقة أكتشفها حين أتحدث مع البعض من الزملاء أو المعارف , واحياناً في اللقاءات العامة , كالإنترنت وغيره من الملتقيات ... ؛ فعندما أقول: يوجد إنحطاط عاطفي وأمية معرفية في ثقافتنا الشعبية . . ويكون حديثنا في سياق يأتي بإقبال المشاهد على قنوات الغناء , ورسائل الجوال , والبلوتوث !
أجد من يتوهم التقصد للصحف والمجلات التي تزخر بالقصائد النبطية وأنني أقلل من أهمية الأعراف الإجتماعية وأحمل اللغة االدارجة أو العامية مسؤولية ذلك .!!
ولم يكن للشعر الشعبي أي ذكر , ولكن إرتباط الشعر العامي , بالثقافة الشعبية , أعطاه صلاحية التحرك بمصطلح ( الثقافة الشعبية) عن طريق مفهوم الإستهلاك الشعبي . فنحن نقول أن الرز يحظى بشعبية فائقة بين سكان الخليج , نظراً للإطراد المستمر في مبيعاته . ونقول أن الشعر النبطي يحظى بشعبية فائقة نظراً لإقبال الجمهور على المناشط الشعرية العامة . وشراء الصحف المتخصصه بالشعر النبطي .
ومن خلال مناقشة الظواهر الإجتماعية في أطروحات المثقفين , وإستخدامهم للمفهوم البيئي للثقافة الشعبية , يخرج من وقت إلى أخر , واحداً يهاجم المثقفين والثقافة , لانها تحارب الثقافة الشعبية والشعر النبطي , وتصفه بالتخلف حسب مفهومه السطحي , ولا غرو أن هناك من يعتقد ذلك , ولكن نحتاج إلى وقفات كثيرة لفض الإشتباك بين المفاهيم وذلك لن يتم إلا بمتابعة السياق العام للحديث , ومعرفة قليلة بأبسط وسائل العرض المعرفي وأهم هذه الوسائل نوعية الأمثله .
وخير مثال لمعرفة مستوى الثقافة الشعبية , الإطلاع على إنتاج نجوم المجتمع ومستواهم المعرفي ونوعياتهم كالرياضيين والمطربين , والراقصين , والمفحطين , , وطريقة التعبير عند المميزين من الذين يمتلكون شعبية جارفة في مجتمع معين , لأن المعاني والأفكار المضمنه في أعمالهم , يمكن إستخدامها كمؤشر لقياس الوعي .
ومن خلال الأمثلة الشائعة , والحكم, والأبيات الشعرية الدارجة . كالمثل المشهور ( باب يجيك منه ريح سده وأستريح ) يدل على السلبية , وحكمة ( إذا كثرت همومك نم ) يدل اليأس والإحباط من المستقبل , وبيت الشعر للقائل : ( متى الشوراع تجمع أثنين صدفة , لاصار شباك المواعيد مجفي ) يدل على الجفوه العاطفية التي يعاني منها العشاق شعبياً . وتصعلك ذواتهم في غربة داخلية عنيفة .
وسلامتكم .